الباب الخامس
لا يجوز استرقاق الأسيرات لأنهنّ لسن محلا للإستثمار
(نقل الملك وليس البيع والشراء)
لا يوجد في القرآن الكريم حديث عن بيع الأسرى أو شرائهم
ليس من شأن القرآن الكريم – الذي وضع المبادئ والقوانين للتجارة، كما وضع القواعد الأساسية في أسرى الحرب -، أن يقر استرقاق الأسرى والجواري ويجيز بيعهم في الأسواق كالسلع. لأن ذلك يتعارض مع كرامة الإنسان الذي قال الله تعالى فيه: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا» (الإسراء، 17 / 70).
كما خص الله تعالى حق التصرف في الأسرى لمن اشترك الحرب. قال الله تعالى: «وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا» (النساء، 4 / 24).
والإجراء الوحيد المتاح شرعا فيما يتعلق بالتصرف بالأسرى والجواري هو نقل حق التصرف لتوفير الفرصة لدفع الفدية حتى يتخلصوا من الأسر. ومن المعلوم أن نقل حق التصرف أو الملك ليس ببيع ولا شراء. فكل ما في الأمر هو خروج الأسير من تصرف شخص إلى تصرف شخص آخر حتى يفتدي نفسه ويصبح حرا.
لا يجوز استرقاق الجواري وبالتالي فإنهن لسن موضوعا للإستثمار
قال الله تعالى: «مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ، وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ» (آل عمران، 3 / 79-80).
فلا يصح لبشر امتن الله عليه بإنزال الكتاب، والهداية إلى الحكمة والصواب في فهم ما أنزل الله عليه، وإيتائه النبوة والرسالة، ثم يطلب من الناس أن يعبدوه وحده، أو يعبدوه مع الله، فهذا هو الشرك الذي لن يغفره الله تعالى[1]، ولكن يقول: كونوا أيها الناس ربانيين، أي متمسكين بالدين، مطيعين لله أتم طاعة، بسبب كونكم تعلّمون الكتاب لغيركم، وبسبب كونكم تدرسونه وتتعلمونه. ولا يعقل أن يأمر نبي باتخاذ الملائكة والأنبياء آلهة تُعبد من دون الله، فكل هذا كفر وفسوق وعصيان، لا يتفق مع الإسلام، والانقياد لله بالطبيعة والفطرة، التي فطر الناس عليها.
عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه لما بلغته دعوة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فرّ إلى الشّام، وكان قد تنصّر في الجاهلية، فأُسِرت أختُه وجماعة من قومه، ثم منّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم على أخته، وأعطاها، فرجعت إلى أخيها، فرغّبته في الإسلام، وفي القدوم على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، قدم عدي إلى المدينة، وكان رئيسا في قومه طيء، وأبوه حاتم الطّائي المشهور بالكرم، فتحدّث الناس بقدومه، فدخل على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم- وفي عنق عدي صليب من فضة- وهو يقرأ هذه الآية: «اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ» (التوبة، 9 / 31) قال: فقلت: إنهم لم يعبدوهم، فقال: بلى، إنّهم حرّموا عليهم الحلال، وأحلّوا لهم الحرام، فاتّبعوهم، فذلك عبادتهم إيّاهم.[2] أي اتخاذ رؤساء الدين والمؤسسات الدينية أربابا من دون الله واتباعهم فيما يقومون بحق التشريع، فيحلّون الحرام، ويحرمون الحلال، وإطاعتهم في ذلك، تاركين حكم الله تعالى. واتباعُهم في التحليل والتحريم، عبادةٌ وتعظيم لهم.
ولم يكن للأنبياء حق في استعباد الناس لهم ولا أن يكونوا أربابا لهم من دون الله، وبطريقة أولى أن لا يكون هذا الحق لمن دونهم من الناس. لأن استعباد الناس وادعاء الربوبية عليهم حرب على الله تعالى.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره “.[3]
ونعرف من القرآن الكريم أن عصيان الله تعالى وعدم امتثال أوامره واجتناب نواهيه يؤدي إلى الأذان بالحرب من الله تعالى. «فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ» (البقرة، 2 / 279).
موضوع شراء الناس وبيعهم ورد في القرآن الكريم في موضوع واحد بأسلوب إيجابي حيث قال الله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» (التوبة، 9 / 111).[4]
وهذه الآية التي تدل على أنه لا يملك حق شراء الإنسان إلا الله؛ كما نفهم من الآية أنه لا يجوز استرقاق الأسرى والجواري وبيعهم وبالتالي عدم كونهم موضوعا للإستثمار؛ حتى ولو كان الأسر نتيجة حرب مشروعة. ونبين ذلك فيما بعد بالتفصيل.
وقد بين الإسلام _الذي أتمه الله تعالى وأكمله_ عدم جواز أسر إنسان إلا بسبب حرب مشروعة. وحرم استعباد الناس. وبعبارة أخرى حرم الله تعالى تعالى تأسيس الحكم المطلق على الناس كالحكم الإلهي.[5]
النهي عن الشرك والأمر بالطاعة بالمعروف
الشرك من أكبر الكبائر وقد ورد وعيد من الله تعالى أنه لن يغفر الشرك، لذا نهى الله تعالى أن يُتّخَذ عباده من دونه إلهة وأربابا. وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسجد إنسان لإنسان آخر حتى ولو بنية الاحترام.
روي أن سلمان لقي النبي صلى الله عليه وسلم في بعض طرق المدينة، وكان سلمان حديث عهد بالإسلام، فسجد للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: “لا تسجد لي يا سلمان، واسجد للحي الذي لا يموت”.[6]
يمكن طاعة المخلوق بالمعروف (وفق المبادئ الدينية والبيانات العلمية وما يراه العقل السليم صحيحا)، ولا ينبغي أن تكون الطاعة لمسؤول أو مؤسسة إلا مشروطة بالمعروف. كما أنّ عدم جواز مخالفة أولي الأمر يكون في إطار المعروف، لكي لا يتخذ البعض بعضا أربابا وإلهة من دون الله تعالى.[7]
الاستعباد هو إدعاء الربوبية
استعباد الإنسان حتى ولو كان أسيرا بسبب حرب مشروعة، وبيعه كالسلع التجارية أو تكوين مجال إقتصادي يختص بتجارة الرق والاستغلال الجنسي للجواري بدون النكاح. أليس هذا إدعاء للربوبية على المخلوق؟ لذا قال تعالى إنه خصمهم يوم القيامة.[8]
تطبيق مؤقت وليس سيفا للاستعباد
لا يأذن الإسلام بالأسر إلا بعد تحطيم الأهداف والمواقع الاستراتيجية للعدو، منعا لنشوب الحرب من جديد. وقد أمر الله المسلمين في الأسر بأمرين: أحدهما أن يطلق سراح الأسرى مقابل فدية تؤخذ منهم. والثاني أن يطلق سراحهم بدون فدية منا لهم. قال الله تعالى: «فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم» (محمد، 47 / 4). والذين فرض عليهم الفدية من الأسرى، يطلق سراحهم بدفع فديتهم من قبل أُسرهم أو الدولة التي ينتمون إليها. وفي حالة عدم دفع الفدية يوزعون بين المقاتلين إلى حين دفع الفدية.
وللمقاتلين الذين كُلفوا بتأمين حاجاتهم الأساسية تشغيلهم في الأعمال المناسبة لتوفير ما يلزم لتأمين حاجاتهم وجمع الأموال لدفع فديتهم. ولهم أيضا القيام بعقد الكتابة معهم ليتحرروا من الأسر بدفع ما اتفق عليه. وللمالك أيضا نقل حق التصرف على الأسير إلى شخص آخر مقابل بدل الفدية.[9]
نقل الملك هو عمل أقرّه الإسلام كوسيلة للحصول على بدل الفدية، وهو تطبيق مؤقت لا يتجاوز عدة سنوات؛ لأن الإسلام يرى في فكاك الأسرى عموما والجواري بوجه خاص خلاصا من نار جهنم يوم القيامة، وفوزا بجنة النعيم. فشرع أمورا يؤدي إجراؤها في نهاية المطاف إلى التحرر؛ منها عقد الكتابة، والزواج لمن توافرت عنده الشروط، وكفارة اليمين، وكفارة القتل الخطأ. كما خص لهم سهما من الزكاة التي كانت الدخل الأساسي للدولة حينئاك.
ولقد شرع الإسلام طرقا ووسائل لفك الأسرى، ولم يجز أصلا أن يكون الأسرى والجواري موضوعا للتجارة؛ لأنه يؤدي إلى تأخير التحرر من الأسر. فلم يقر الإسلام العبودية بأي شكل من الأشكال. ومع ترغيبه وحثه الشديد على التجارة حرم الربا والأسواق السوداء. كما أمر بالعدالة في الوزن والكيل وأداء الدَّين في وقته. وحرم الغش في السلع. وبالخلاصة فإن الإسلام يدعو إلى التجارة التي هي من ضروريات الحياة الإجتماعية الراقية.
لا يجيز الإسلام بيع الأسير ولا شراءه
نعيد مرة أخرى للتأكيد:
وقد وضع الإسلام قواعد أساسية لتحرير الأسرى والجواري كما وضع قواعد لتطوير التجارة، ولكنه أبقى الأسرى والجواري بعيدين من أن يكونوا موضوعا للتجارة. ولم يتعرض الإسلام لهذا الموضوع بالجواز بأي شكل من الأشكال. وعلاوة على ذلك فإن الله تعالى خصّ حقّ التصرّف على الأسرى والجواري لمن اشترك بالحرب التي كانت سببا لأسرهم. قال الله تعالى: «وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ …» (24).[10] وما بعد ذلك هو نقل حق التصرف للحصول على الفدية. كما نقف عليه فيما بعد.[11]
وهنا مسألة يجب أن نلفت الانتباه إليها، وهي: أن ما يتم به فك الأسر عبر عنه القرآن الكريم بالفدية، أي على الأسير أن يدفع الفدية ليتخلص من الأسر. وهي بدل يدفعه الأسير ليفك نفسه من الأسر الذي وقع فيه بسبب إشتراكه بالحرب إلى جانب العدو، كما أنها بدل يساهم في تغطية أضرار الحرب. ودفع الفدية ليس معاملة بيع وشراء. لذا لم يرد في القرآن الكريم كلمة البيع والشراء في موضوع الأسر. والفدية هي كالمبلغ الذي يدفعه لاعب الكرة للنادي الذي كان ينتمي إليه ليبقى حرا، أو ليقطع علاقته منه.
تطبيقات النبي صلى الله عليه وسلم في فكاك الأسرى
لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم سوق للأسرى (الرقيق) فلم يكن الأسير يباع ولا يشترى.[12] وكانت حياته صلى الله عليه وسلم مليئة بالأمثلة عن فكاك الأسرى؛ لأنه تلقى الأمر من ربه تعالى بفكاك الأسرى مقابل الفدية أو بدونها منا لهم؛ حيث قال تعالى مخاطبا له وللمؤمنين: «فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ» (محمد، 47 / 4). ويؤكد هذا إطلاقه صلى الله عليه وسلم سراح أسرى بدر وبني المصطلق وهوازن… ويشهد فتح مكة أعظم مثال على التصرف حيال الأسرى حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن وقع أسيرا: إذهبوا فأنتم الطلقاء…
وقد وقع في أيدي المسلمين6000 أسيرٍ من هوازن. وفي طبيعة الحال لم يكن أحد من الأسرى قد أسلم. وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يريد إطلاق سراح الأسرى الذين ينتمون إلى أسرة عبد المطلب، وطلب من المسلمين أن يطلقوا سراح من كان عنده منهم. وأعلن أنه يدفع المال لمن لا يريد إطلاق سراح الأسرى إلا بالفدية. وفي مدة قصيرة تمّ إطلاق سراح جميع الأسرى البالغ عددهم 6000 أسير.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتق الأسرى الذين كانوا تحت تصرف بيت المال المسلمين بمناسبات مختلفة لا سيما بمناسبة شهر رمضان المبارك.
وقبيل أن ينتقل إلى الرفيق الأعلى أعتق من تبقى من الأسرى الذين كانوا تحت تصرف بيت المال البالغ عددهم أربعين أسيرا. فلم يترك أسيرا يورث بعده. وكان آخر ما أوصى به المسلمين إقام الصلاة والإحسان إلى الأسرى والرفق بهم.[13] وحين غادر النبي صلى الله عليه وسلم الدنيا لم يترك عند موته درهما ولا دينارا، فعن أمِ المؤمنين جويرية رضي الله عنها قالت: ما ترك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم عند موته درهماً ولا ديناراً ولا عبداً ولا أمَة ولا شيئاً، إلا بغلتَه البيضاء وسلاحَه، وأرضاً جعلها صدقة.[14]
ولم يكن الأسرى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يسترقون ، وقد تمّ إطلاق جميع الأسرى قبل أن ينتقل إلى الرفيق الأعلى. لأنه كان مأمورا أن يطبق الوحي بين أصحابه رضوان الله عليهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوصاني حبيبي جبريل بالرفق بالرقيق حتى ظننت أنه سيضرب له أجلاً يخرج فيه حراً.
وفي محكم الكتاب آية تحثّ على الإحسان إلى الرقيق (ما ملكت اليمين) قال تعالى: «وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا» (النساء، 4 / 36).
نقل الملك وليس البيع ولا الشراء
لا نستعمل في موضوع الأسرى لفظ البيع والشراء بل نستعمل لفظ نقل الملك لأسباب، منها:
أن من يملك أسيرا من الممكن أن لا يكون قادرا على أن يوفر له الحاجات الضرورية للحياة مثل الأكل والشرب والمسكن، وتوفير الخدمات له. فهو يريد أن يأخذ فدية الأسير في أسرع وقت ممكن لشدة حاجته إليها، فيقوم بالكتابة معه على مبلغ يصير حرا بأدائه…
وفي هذه الحالة فللأسير أن يتفق مع شخص آخر مقابل مبلغ ليؤدي ما كاتب عليه، ويدخل تحت تصرف ذلك الشخص ويخرج من تصرف الأول. ومن الممكن أن يتكرر عدة مرات. لأن الوسائل التي تفتح باب التحرر أمام الأسرى كثيرة، حتى جعلها البعض تسع وسائل. ومنها على سبيل المثال: عقد الكتابة على مبلغ معين يصبح الأسير حرا إذا أدى، والزكاة حيث جعل الله تعالى من مصارف الزكاة فك الرقبة أي تحرير الأسر. لأن نظام الأسر الذي وضعه الإسلام باستطاعته أن يحل مشكلة الأسر بنفسه دون حاجة إلى حل خارجي.
الاسترقاق هو الذي جعل الأسير سلعة تباع وتشترى، ومجالا للإستثمار التجاري. والنتجية الحتمية من إعمال هذا المنطق، منطق الاسترقاق هو تشكيل أسواق الرق وعرض الأسرى فيها للبيع كالسلع التجارية. وحين يصبح اتخاذ الجارية محظية للمتعة الجنسية البحتة ثم بيعها حين الملل منها مشروعا، فلن يبقى أي حدود تقف عندها هذه التطبيقات الجائرة.[15] كما أن انتشار مثل هذه التطبيقات الجائرة ستغري إلى مزيد من الحروب، وستؤدي إلى نشوب الحروب لأغراض غير مشروعة للحصول على الأسرى للإسترقاق. كما حدث ذلك عبر التاريخ في العالم الإسلامي وغيره من العالم المعمور.
ومن أجل ذلك رأينا من الجدير استعمال مصطلح، “نقل الملك أو حق التصرف على الأسير” بدلا من مصطلح “البيع والشراء” الذي لم يرد في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية.
وقد ورد استعمال مصطلح “البيع والشراء” في الأسير، في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي المصادر الإسلامية، وهو استعمال إستثنائي للرق الموروث من العهد الجاهلي. أما في العهد الإسلامي فلم يكن النظام يسمح بإسترقاق الأسرى كما لم يكن هناك معاملة البيع والشراء في حق الأسرى.
والذي لا يستطيع استخدام الأسير الموزع له فله أن ينقل حق التصرف إلى شخص آخر ممن يحتاج إلى خادم أو عامل، ولكن ما رأينا في التاريخ الإسلامي عملية نقل حق التصرف إلا ما حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في حق أسرى هوازن حيث حيث أعطى الصحابة حقهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وبطبيعة الحال لم يخلُ الحال من بعض التطبيقات في مسألة نقل الملك.
كما أنه لا يوجد في القرآن الكريم ما يدل على جعل موضوع الأسرى مجالا للتجارة كذلك لا نجده في السنة النبوية.
ولا نجد حديثا من الأحاديث النبوية الشريفة الإرشادية يذكر ما يجعل تجارة الرق مسموحا بها على الشكل المنهجي. وقد ذُكرت الأحاديث المتعلقة بالتجارة تحت عنوان “كتاب البيوع”. أما ما يتعلق بالأسرى فقد ذكرت تحت عنوان “العتق والكتابة”.
وفي صحيح البخاري وهو من المصادر المعتمدة، يذكر في كتاب البيوع ما يتعلق بشراء المملوك ولكن لم يأت فيه قاعدة توجيهية تدعو إلى جعل المملوك مجالا للتجارة.
وكل ما وجدنا من تطبيقات النبي صلى الله عليه وسلم هو أمره ببيع الجارية التي ارتكبت جريمة الزنا. ولكنها رواية لم تسلم من النظر فيها. وروايات أخرى مثل ما روي أن أم المؤمنين عائشة ابتاعت بريرة لتعتقها من سيدها الذي كان يحتاج مبلغا لسد دين عليه.[16] وبعض ما شهده سوق المدينة من تلك المعاملات،[17] لم تكن في حق الأسرى الذين أسروا في عهد الإسلام، وإنما وردت في حق من انتقل من العهد الجاهلي إلى العهد الإسلامي من العبيد والإماء.
لم يكتف رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنع إجراء معاملة البيع والشراء في حق من أسر في العهد الإسلامي فحسب، بل نهى عن ذلك في حق من انتقل من العهد الجاهلي. ونذكر على سبيل المثال:
منع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيع أمة
عَنْ سَلَامَةَ بِنْتِ مَعْقِلٍ، قَالَتْ: كُنْتُ لِلْحُبَابِ بْنِ عَمْرٍو فَمَاتَ وَلِي مِنْهُ وَلَدٌ، فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: الْآنَ تُبَاعِينَ فِي دَيْنِهِ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: “وَمَنْ صَاحِبُ تَرِكَةِ الْحُبَابِ؟” فَقَالَ أَخُوهُ أَبُو الْيَسَرِ: كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو، فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: “لَا تَبِيعُوهَا وَأَعْتِقُوهَا وَإِذَا سَمِعْتُمْ بِرَقِيقٍ قَدْ جَاءَنِي فَأْتُونِي أُعَوِّضْكُمْ”، فَفَعَلُوا مَا اخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: أُمُّ الْوَلَدِ مَمْلُوكَةٌ لَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يُعَوِّضْهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ حُرَّةٌ قَدْ أَعْتَقَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.[18]
وما يتعارض مع تطبيقات النبي صلى الله عليه وسلم حسب تعاليم القرآن الكريم من السنة الثانية الهجرية إلى السنة الثامنة من الهجرة هو في حق العبيد الموروث من العهد الجاهلي. وجدير بالذكر أن هناك بعض النقاط يمكن طرحها منها:
ورد في بعض الأحاديث، قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا أفاد أحدكم امرأة، أو خادما، أو دابة، فليأخذ بناصيتها، وليقل: اللهم إني أسألك من خيرها، وخير ما جبلت عليه، وأعوذ بك من شرها، وشر ما جبلت عليه”. وقد ورد في بعض الروايات لفظ “إذا اشترى أحدكم..” بدل لفظ ” إذا أفاد أحدكم..”
وهذا في حق من انتقل من العهد الجاهلي من العبيد. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإنّ الأحاديث تنقل بالمعنى لذا من الممكن أن لا يكون “إذا اشترى أحدكم” من قول النبي صلى الله عليه وسلم، فيمكن فهم قوله صلى الله عليه وسلم (إذا أفاد) بمعنى تزوج امرأة كما ورد في بعض الروايات بهذا اللفظ أحدكم”. وبهذا يرتفع الإشكال. أي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستعمل لفظ “الشراء أو البيع” فيمن انتقل من العهد الجاهلي فضلا عمّن أسر في العهد الإسلامي.[19]
والله أعلم بالصواب
هل من الممكن أن يقر الإسلام، بيع الأسير / العبد (باسثناء نقل حق التصرف عليه مؤقتا)، في حين أنه لا يقر أن يكون عضو من الإنسان موضوعا للتجارة، وهو أكرم المخلوقات، وقد سخر الله تعالى له جميع ما في السموات وما في الأرض.[20]
هل يجوز للمسلمين استرقاق أسرى الكافرين من باب المعاملة بالمثل إذا قاموا باسترقاق أسرى المسلمين لديهم؟
لا يجوز حق التصرف على الجواري اللائي يصبحن الحرائر
ونرى من الضروري التأكيد دائما على حقيقة لأهميتها البالغة… وهي أن المجتمع الإسلامي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إذ كان ينزل عليه القرآن الكريم، كانت معاملات البيع والشراء تجري على الجواري اللائي استرققن في العهد الجاهلي. وكان يطبق عليهنّ القواعد الموروثة من العهد الجاهلي لأسباب قد ذكرناها في الباب الثالث. أوكان ممن أسر في العهد الإسلامي ولم يتم فكاكهم، مع أننا لم نجد هذه الحالة في المصادر التي اطلعنا عليها. لأنه حين انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى لم يبق أسير إلا فك عنه.
وقد حرم الإسلام بيع بعض الجواري الموروثة من العهد الجاهلي ونقل ملكيتها؛ لأنهنّ أصبحن حرائر لأسباب سنذكرها قريبا إن شاء الله تعالى.
وقبل أن نبدأ الحديث عن الأسباب التي توجب معاملة الجواري مثل الحرائر نود أن نذكر للقارئ حقيقة مهمة وهي أن الجواري اللائي حرم الإسلام بيعهن ونقل ملكيتهن كان أكثرهن غير مسلمات ولكن لم يلبثن أن تشرفن بالإسلام.
الأسباب التي توجب معاملة الجواري مثل الحرائر:
المدبرة، هي الجارية التي تصبح حرة بعد موت سيدها.[21]
المكاتبة، هي الجارية التي عقدت مع سيدها على مبلغ تُعتق بأدائه.[22]
جارية نكحها سيدها تصبح حرة بالدخول عليها.[23]
الجارية التي وطئت كرها تصبح حرة.[24]
الجارية التي أكرهت على الفحش تُعتق من قبل من أكرهها، كما ورد من تطبيقات النبي صلى الله عليه وسلم.[25] كان لعبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين، جارية تدعى معاذة، وكان إذا نزل به ضيف أرسلها إليه ليواقعها، إرادة الثواب منه والكرامة له. فأقبلت الجارية إلى أبي بكر، رضي الله عنه فشكت إليه ذلك، فذكره أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم، فأمره بقبضها.
الجارية التي ضربها سيدها بدون سبب تصبح حرة، كما حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: جاء رجل (عبد كما يظهر من الحديث) إلى النبي صلى الله عليه وسلم صارخا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما لك؟” قال: سيدي رآني أقبل جارية له فجب مذاكيري، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “علي بالرجل” فطلب فلم يقدر عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اذهب، فأنت حر”. قال: على من نصرتي يا رسول الله؟ قال يقول: أرأيت إن استرقني مولاي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “على كل مؤمن أو مسلم”.[26]
والجارية التي يملكها أقاربها مثل الأب أو الأم أو الجد أو الأولاد تصبح حرة.[27]
عبد بين اثنين أعتق أحدهما حصته فبقي نصفه الآخر يعتبر حرا.[28]
مسلم وقع أسيرا مثل صهيل بن بيضاء الذي كان في أسرى البدر.[29]
من لجأ من عبيد الكفار وإمائهم إلى الدولة الإسلامية مسلما فهو حر. عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ عُبْدَانُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَعْنِي يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ قَبْلَ الصُّلْحِ، فَكَتَبَ إلَيْهِ مَوَالِيهِمْ فَقَالُوا: وَاَللَّهِ يَا مُحَمَّدُ مَا خَرَجُوا إلَيْكَ رَغْبَةً فِي دِينِكِ، وَإِنَّمَا خَرَجُوا هَرَبًا مِنْ الرِّقِّ، فَقَالَ نَاسٌ: صَدَقُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ رُدَّهُمْ إلَيْهِمْ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَقَالَ: مَا أُرَاكُمْ تَنْتَهُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مَنْ يَضْرِبُ رِقَابَكُمْ عَلَى هَذَا، وَأَبَى أَنْ يَرُدَّهُمْ وَقَالَ: هُمْ عُتَقَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.[30]
العتق المعلق بشرط؛ فمن أمره سيده بفعلٍ مقابل حريته، إذا قضاه فهو حر. وقد طبق هذه القاعدة هند بنت عتبة على وحشي في أحد؛ حيث وعدته إن قتل حمزة يكون حرا. وهي قاعدة جاهلية قد أقرها الإسلام.
من أسلم من العبيد أو الإماء فهو حر. وقد أعتق النبي صلى الله عليه وسلم يسار بن سليمان، وقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسلما وهو أسير فأعتقه.[31]
نكرر لتأكيد أهمية الموضوع؛ فنقول لا يجوز بيع من سبق ذكره من العبيد والإماء ولو بمعنى نقل الملك. لأنه لا مفر من كونهم أحرارا أو على وشك ذلك.
ولا يجوز أيضا تبديل من كان مسلما من الجواري والعبيد بمن ليس بمسلم. نفهم ذلك مما قام به النبي صلى الله عليه وسلم من تبادل الأسرى المسلمين لدى الكفار بمن كان عنده من الأسرى الذين لم يعتنقوا الإسلام بعد. وأما من أسلم من أسرى الكفار فهو حر وليس موضوعا للتبادل.
ونقل حق التصرف على الأسرى الذين تم توزيعهم بين المقاتلين، ظاهرة لا خلاص منها، لأن الأسر نتيجة حرب مشروعة لا يزال باقيا حتى يرث الله الأرض ومن عليها. وهذا لا يعني استرقاق الأسرى على شكل منتظم، لأسباب ذكرناها، وبالتالي فإنّ جعل الأسرى موضوعا للإستثمار التجاري أمرٌ مرفوض قطعيا.
وقد اشتهر البعض في مكة في العهد الجاهلي بتجارة العبيد، مثل عبد الله بن جدعان، لأنّ الرّقَّ كان من الواردات الأساسية التجارية في مكة، حيث كان يجلب الرقيق من أفريقا ويباعون في مناطق الجزيرة العربية وعلى رأسها مكة.[32] وأما في العهد الإسلامي فلم نسمع صحابيا اشتهر بتجارة الرقيق، بل على العكس من ذلك حيث اشتهر منهم بإعتاق العبيد كأبي بكر الصديق، والعباس بن عبد المطلب وحكيم بن حزام رضي الله عنهم أجمعين.[33]
وكما ذكرنا في التمهيد، فإن الإسلام لا يعطي فرصة لأن يكون الأسرى مادة للتجارة؛ لكنه قام فعلا بحل مشاكل الرقيق عبر وسائل كثيرة منها تنشيط عملية دمج الأسرى بأفراد المجتمع.
ومن المؤسف حقا أننا نجد في المصادر التقليدية، أراء وتطبيقات تأذن بجعل تجارة الرق مهنة مشروعة، ويعتبر بيع الجارية المتزوجة طلاقا لها، ويستمتع منها بمجرد ملك اليمين ثم تباع كسلعة تجارية. وهذه التطبيقات والآراء لا علاقة لها بالإسلام، ومن أجل تلك الآراء والتطبيقات النكراء انتشرت تجارة الرقيق في المجتمع الإسلامي حتى أواخر الدولة العثمانية، حيث ألغيت رسميا سنة 1847 ميلادية ولكن استمرت فعليا حتى سنة 1905 ميلادية.
ووجود هذه الآراء والتطبيقات في الفقه الإسلامي والدفاع عنها، قد أدى إلى ظهور الممالك والسلطنات في العالم الإسلامي.[34]
وفي العصر الحديث تباع المرأة وتشترى لأوقات محددة عبر مؤسسات الدعارة. لا يمر على الإنسان وقت يخلو من التفكير. وعلى هذا نفكر ونطرح سؤالا وهو هل من حق أهل السنة والجماعة أن يوجهوا النقد إلى الشيعة الذين يرون المتعة مشروعة؛ وفي نفس الوقت يُحلُّون إتخاذ عدد من المحظيات للمتعة الجنسية إلى جانب أزواجهم الحرائر؛ وبيعهنّ إذا ما شاؤوا بطريقة مشروعة؟
دعونا نقرأ _بعين العبرة_ بعض النتائج التي خلص لها المؤرخون:
“يمكن للسيد أن يتخذ جاريته محظية للمتعة الجنسية أو يعطيها لإبنه ليتمتع منها. وبهذا تصبح الجارية محظية للأسرة”.
“وفي الدولة العثمانية كان في بيوت رجال الدولة والأغنياء حرما صغيرا يشمل العديد من المحظيات”.[35]
الذين يقومون بالتجارة بالإنسان هم شرّ الناس
يصف نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم من يأسرون الأحرار الأبرياء بالسلاح أو بالقوة السياسية والإقتصادية ويسترقونهم ويبيعونهم أنهم أشر الناس على وجه الأرض، وهم أعداء الله والبشرية على السواء، فلا يفلحون ويخسرون الآخرة.[36]
ومن الواضح أن الإسلام الذي حرم أسر الأبرياء واسترقاقهم وبيعهم وشراءهم، لا يأذن لمن يغير على البلاد الإسلامية بهدف أسر أبنائها واسترقاقهم.[37] ولم يكن فرض الجزية والضريبة على غير المسلمين إلا بهدف تحرير الأسرى من أيدي القوى المعادية.[38] لأن القيام بشن الحرب من أجل الحصول على الأسرى واسترقاقهم هو من باب التعاون على الظلم.
وقد حرم الله تعالى التعاون مع من ظاهر لله العداء واعتدى على المسلمين. وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم الأوامر الإلهية في هذا الصدد كما سنذكر ذلك بالأمثلة:
وفي يوم الطائف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من جاءنا من العبيد فهو حر”. وأطلق سراح مجموعة جاءوا إليه. وقد أعتق عبدين جاءا إليه قبل الحديبية. وقال إنهما من الموالي لله تعالى ورسوله.
وأثبت هذا التطبيق أن من هرب من عبيد الكفار إلى المسلمين صار حرا لقوله صلى الله عليه وسلم -: ” هم عتقاء الله ” ولكن ينبغي للإمام أن ينجز عتقهم كما وقع منه صلى الله عليه وسلم في عبيد الطائف.[39]
وعلى الرغم من تلك الحقائق التي أوجزناها سابقا، إلا أنه قد ظهر من بيننا الظالمون المستغلون الذين لوثوا حضارتنا، والعلماء الذين يفتون بما يفعلونه من استرقاق الأسرى استنادا على المعاملة بالمثل، هو مما لا يمكن قبوله ألبتة. ومن المستحيل أن نعتبر الأجيال التي شرعت إنشاء أسواق الرق وبيع الجواري فيها من الأجيال التي تمثل الإسلام.
وكون من قام بتحويل نظام الأسرى المشروع والمؤقت إلى الإستعباد الأبدي هم من أصحاب الفضيلة والعلم، فليس ذلك مبررا لهم فيما ارتكبوا من الجرائم تجاه كرامة الإنسان. وكذلك كون المجتمع الإسلامي عبر التاريخ أعدل من المجتمعات الأخرى فليس سببا في أن نتقبل أخطاء السلف كما هي.
يكون تقييم التصرفات والحكم بصلاحها أو فسادها بحسب ما أمرنا الله تعالى بالوحي، وليس بحسب ما نقيم به أنفسنا بالنسبة لغيرنا. أي أن الميزان الحقيقي هو الوحي المنزل على نبينا محمد صلى الله عليه. وقد كان أبو بكر رضي الله عنه مثال الشخصية التي تحتكم إلى القرآن الكريم؛ فقد غضب رضي الله عنه على من جاء برأس رجل الدين المسيحي إلى المدينة. ورفض رأيهم في المعاملة بالمثل وقال: “هل أتبع الفارس والروم”.[40]
المعلومات الإضافية
بيع الإنسان وشراؤه من التطبيقات الجاهلية
كان المجتمع العربي الجاهلي يتكون من الأحرار والموالي والعبيد. وكان العبد يورث كما تورث الأموال، ويباع في الأسواق ويُستغل في الخدمات التجارية والزراعية، كما كانوا يستغلون في الحروب التي تنشب بين القبائل. وكان يقال على من اعتق من العبيد مولي، وكان ممنوعا من أن يتزوج من الحرائر.[41]
والمسترق في الفقه الإسلامي التقليدي كان ينفذ عليه الأحكام الجاهلية تماما. كل ما هو نافذ في الأموال والسلع من أحكام البيع والشراء يطبق عليه بدون تفريق بينهما. ومثال ذلك إذا ظهر فيه عيب يعاد إلى صاحبه. كما كان بمثابة نقد يتم به الدفع كثمن للمبيع. وكان يجوز الرهن به كذلك، ويعطى للزوجة كمهر، ويسد به الدين، ويمكن أن يكون المعجل للسلم، وكذلك الكثير من العادات الجاهلية قد استمر بعد العهد الإسلامي.[42]
بيع الأسير في الدولة العثمانية
وفي الدولة العثمانية جُعل من بيع الأسير مجالا للتجارة، وكانت تجارة الرق تجرى تحت إشراف الدولة. وكانت الأسواق في اسطنبول والمحافظات، تدخل تحت سلطة المحتسب (مراقب السوق) وشيخ الأسرى الذي كان يُعيّنه رئيسُ الهمايُن (المجلس الملكي). والدولة العثمانية كما الحال في الدول الإسلامية السابقة لها كانت تفرض الضرائب على تجارة الرق. كما كانت تجارة الرق مسموحا بها للتجار المسلمين فقط. والفتيات اللواتي كنّ يُجلبن عن طريق الخدع أو بإرادة أسرهنّ من مختلف أنحاء العالم ومن بلاد القفقاس خاصة كن يُبعن في أسواق الرّقّ في اسطنبول وما حولها من المحافظات.
وكان من حق المشتري للجواري أن يقوم بفحص أعضائهن كالثدي وغيره. وقد كانت البيوت والمنازل مليئة بالجواري، وترتب على ذلك كثرة المآسي داخل المجتمع، حيث كانت تباع الجواري للانكشاريين، كما كن سلعا لمنظمات الدعارة. وقد ألغيت أسواق الأسرى والعبيد فيما بعد لمخالفتها للقواعد الشرعية والكرامة البشرية.
هل هناك ما يعتبر أقل إنسانية من بيع الإنسان وشرائه؟ ومن الطبيعي أن يرى بيع بني البشر من التطبيقات التي تحط من كرامة التجارة. وقد أعطى أخونا الفاضل نهاد انجن معلومات وافرة عن تجارة الرق في كتابه “تجارة الرق في الدولة العثمانية”.
وننقل منه بعض المعلومات عن سوق الأسير في الأسواق المزايد الجديدة وما تم فيه من بيع الأسرى وشرائهم منذ بداية القرن السابع كالتالي:
يوزع الأسرى بين للمقاتلين بعد ما يؤخذ منهم الخمس للدولة. كان المقاتل يبيع ما وقع في نصيبه من الأسرى لزملائه أو لتجار الرق الذين يتبعون الجيش لشراء الأسرى وهم في ميدان الحرب. ومن تبقى من الأسرى يباع في طريق العودة من الحرب لتجار الرق أو لمن يستطيع أن يبتاع في مراكز المدن.[43]
وكان من يريد أن يشتري الأسيرة يقترب منها ويعريها ويتفقد جميع بدنها ليأمن عدم وجود العيب فيها. ثم يشتري من أعجبته من الأسيرات ويأخذها معه إلى بيته فيعزلها عن أبيها وأمها وجميع أقربائها. وقد اضطربت مشاعري من هذا المشهد المؤلم الذي ما رأيت مثله في حياتي.[44]
” وما من المفاسد والفضائح والأمور الملعونة التي تجلب الأضرار على إماء الله بدخول مجهول الحال عليهن في جميع الليالي إلا وكان يحدث في أسواق الأسرى …”.[45]
وكان تجار الرق يتسابقون إلى شراء من يعرفون من الأسيرات الصغيرات أنها ستكون جارية جميلة، ويتم شراؤها بالفعل ثم تُربى حتى تكبر وترسل إلى قصور الملوك وبيوت الأغنياء كمحظية (للمتع الجنسية).[46]
“وكان سعر كل جارية يختلف حسب جمالها الطبيعي ما بين 1.500 و 50000 آقجة (العملة العثمانية). وأما الجواري الكبيرات فحسب مهارتههن في الرقص أو الغناء ويبدأ من 6500 حتى يبلغ إلى 10000 آقجة”.[47]
هذا وكانت الجرائد الصادرة في الدولة العثمانية تقوم بالدعاية الإعلامية عن الجواري والأسرى، وبتسويقهم.
فقد جاء إعلان عن بيع جارية في جريدة الحوادث سنة 1841 / 10 / 23 على النحو التالي:
“جارية عربية للبيع عالية وفريدة من نوعها في عزف الكمان والسنطور والقفص وذات مهارة ممتازة في الرقص…”.[48]
العبودية هي مفهوم يجلب دائما الأفكار المؤلمة إلى ذهن الإنسان، لأن بيع الإنسان مقابل ثمن فيه جانب يثير الاشمئزاز. لو استثنينا هذا (وهو ما يكفي ويزيد للتخلص من الرواسب الجاهلية) لا نرى في سوق الرق في اسطنبول أشياء نافرة وبغيضة، فلم يكن يسمح في هذا السوق القسوة المتعمدة والتصرفات التي تؤدي إلى تحقير الكرامة البشرية. وفي كثير من الأوقات كان الرقيق يختار من يشتريه. فهو كان يعرف أنه إذا بيع إلى أسرة تركية مسلمة سيصبح فردا من أفراد الأسرة. وكل من تخلق منهم بأخلاق وسلوك حسنة يكسب مكانة مرموقة ومحترمة في الأسرة.
أما السود من العبيد فكانوا ينتظرون في الفناء الطلق زاحفين على الأرض ليُذهب بهم إلى ألم جديد. أما أولئك الذين جاؤوا من بلاد الشركس وجورجيا إلى اسطنبول بإرادتهم فكانوا يحبسون في الأماكن المغلقة لحمايتهم من نظرات الحاسدين الذين امتلأ الفناء بهم. وكان المحيط يسيطر عليه الصمت والهدوء تحت القوانين والأنظمة التي يفرضها المحتسب (مراقب السوق). وكان الضباط في حالة استنفار لمنع ما يحدث من الحالات الطارئة.
وأنا أعتقد أنه يوجد عندي أشياء كثيرة لأكتب في موضوع أسواق الرق، ولكني خرجت من الكتابة وقد قوي إيماني في جمال المعنوية الشخصية للإنسان التركي.[49]
لم يؤد علماء الإسلام مهامهم الإصلاحية
وهنا نرى من المفيد نقل ما قاله المرحوم رشيد رضا:
ولا بد من التنبيه هنا إلى مسألة يجهلها العوام، وقد سكت عن بيان الحق فيها جماهير العلماء الأعلام، ومرت على ذلك القرون لا الأعوام، وقد سبق التنبيه إليه من قبل في المنار وهي أن الاسترقاق الشائع المعروف في هذا العصر أو العصور غير شرعي، سواء ما كان منه في بلاد السودان، وما كان في بلاد البيض كبنات الشراكسة اللواتي كن يبعن في الآستانة جهرا قبل الدستور وكلهن حرائر من بنات المسلمين الأحرار، ومع هذا كنت ترى العلماء ساكتين عن بيعهن، والاستمتاع بهن بغير عقد النكاح، وذلك من أعظم المنكرات، وحتى لو سألت الفقيه عن حكم المسألة بعد شرحها له لأفتاك بأن هذا الاسترقاق محرم إجماعا، وربما قال لك: وإن مستحل ذلك يكفر؛ لأنه لا يعذر بالجهل، وعلل ذلك بما يعللون به مثله وهو أنه مجمع عليه معلوم من الدين بالضرورة.[50]
وكم تمنيت لو أن مثل هذا التقييم يشمل جميع الموضوعات التي تتعلق بالجواري.
[1] قال الله تعالى: « وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً (64).
[2] تفسير ابن كثير عند تفسير الآية.
[3] صحيح البخاري، كتاب الإجارة 10، رقم الحديث: 2270.
شراء الناس هو أمر خاص لله تعالى
وقوله تعالى في الحديث القدسي السابق “ورجل باع حرا فأكل ثمنه” لا يدل على جواز بيع الحر. لأن الإنسان ليس سلعة تباع سواء كان حرا أو أسيرا أو عبدا. وهو مخلوق قد فضله الله تعالى على كثير من مخلوقاته. أما نقل حق التصرف في المملوك من شخص إلى آخر الذي يفهم البعض أنه بيع وشراء خطأ ليس المملوك بحد ذاته موضوعا فيه، بل الموضوع هو المنفعة التي هو مدين بها أي الفدية. ونوضح ذلك بالمثال:
فللنادي أن يطلق سبيل من أخذه من لاعبي الكرة من نادي آخر مقابل مبلغ كبير أو من قام منهم بتدريبه وبذل معه جهودا كبيرة. ومن الممكن أن يطلب النادي مقابل ذلك مبلغا، ويفترق اللاعب عن النادي بدفع هذا المبلغ. ولو تم دفع هذا المبلغ من قبل نادي آخر أصبح اللاعب تحت تصرف هذا النادي فعليه أن يلعب له. وكذلك الأسير. يمكن أن يطلق سراحه بدون مقابل (الفدية) منا له. وله أن يتخلص من الأسر بدفع الفدية عن نفسه. وكذلك يجوز أن يدفع فديته شخص آخر فيدخل تحت تصرفه.
وفائدة هذا في حياتنا اليومية هو عدم جواز دوام استرقاق من أراد أن يتحرر من الأسر بدفع فديته أو بالكتابة، وعدم جواز بيع الإنسان وشرائه كالسلع، وحرمة انتهاك حقوق الإنسان وكرامته.
[4] كما أن الله تعالى اشترى من المؤمنين أنفسهم فهم اشتروا منه تعالى مرضاته. قال الله تعالى: «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ» (البقرة، 2 / 207).
[5] قال الله تعالى: «أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً» (الفرقان، 25 / 43) وقال تعالى: « أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ» (الجاثية، 45 / 23).
[6] تفسير ابن كثير عند تفسير سورة يوسف، 12 / 100.
[7] وقد قيد الله تعالى طاعة نبيه بالمعروف بقوله: «… ولا يعصينك في معروف فبايعهنّ واستغفر لهنّ الله إن الله غفور رحيم (الممتحنة، 60 / 12). كما بين صلى الله عليه وسلم أن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. (مسلم، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية 39 – (1840).
[8] صحيح البخاري، كتاب الإجارة 10.
ومن الجدير أن نتذكر هنا قول علي رضي الله عنه حيث قال: أستحي من نفسي أن استعبد من يقول ربي الله. (الرق في الإسلام، ص. 68.
[9] وقد سبقنا العلامة المودودي فيما قلنا من أن كل ما يجوز في حق الأسير هو نقل حق التصرف إلى شخص آخر مقابل بدل الفدية. وهو مما يسرنا جدا في هذه المسالة. قال العلامة: ومعنى بيع الأسير أو الجارية يعني تحصيل الفدية بنقل حق التصرف أو الاستخدام إلى شخص آخر مقابل مال أو نقود. (المودودي، المسائل والحلول، (المترجم، يوسف قاراجا)، دار الرسالة، اسطنبول 1999، ص. 127-128.
[10] الماليلي، عند تفسير سورة الأحزاب، 33 50.
[11] لا يجوز جعل الأسرى والجواري موضوعا للتجارة خارج المجتمع الإسلامي كما هو الحاصل. والله أعلم بالصواب.
[12] في الجاهلية كان الأسير والجارية (الذي وقع أسيرا بسبب الحروب بين القبائل أو بسبب العجز عن سد الدين ثم استرق) يباع ويشترى في الأسواق مثل عكاظ، ومجنة وذي المجاز. (الموسوعة الإسلامية الصادر من إدارة الشؤون الدينية التركية، 3 / 322). ولكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن سوق خاص يباع فيه الأسير والأسيرة.
[13] كتاني، التراتيب الإدارية، 1 / 28.؛ السنن الكبرى للبيهقي، 8 / 11.
[14] صحيح البخاري، رقم الحديث 2739؛ المعجم الكبير للطبراني، 17/ 44.
[15] يقول ابن حزم، ومن اشترى جارية، أو دابة، أو ثوبا، أو دارا أو غير ذلك فوطئ الجارية، أو افتضها إن كانت بكرا، أو زوجها فحملت أو لم تحمل، أو لبس الثوب، وأنضى الدابة، وسكن الدار، واستعمل ما اشترى واستغله، وطال استعماله المذكور أو قل، ثم وجد عيبا، فله الرد. (المحلى، المسألة: 1585 (7 / 584).
[16] كانت بريرة في الجاهلية أمة لابن أبي لهب. وقد سبقت بالإيمان بالله وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم. (أنظر: الموسوعة الإسلامية الصادر من إدارة الؤون الدينية التركية، 5 / 503).
[17] والأمة التي وطأها سيدها أصبحت حرة. كما بينا ذلك في الباب الثالث. فلذلك منع النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع سلامة وأمره بعتقها لأنها أصبحت حرة. وهذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم أراد إنهاء العبدوية الموروثة من الجاهلية. (أنظر: المعجم الكبير للطبراني، رقم الحديث: 3596، 4/ 44).
[18] المعجم الكبير للطبراني، رقم الحديث: 3596، 4/ 44
[19] المستدرك للحاكم، 2 / 185.
[20] أ. أن نوفلا لما تورط في الخندق رماه الناس بالحجارة فجعل يقول: قتلة أحسن من هذه يا معشر العرب. فنزل إليه علي فقتله، وطلب المشركون رمته من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالثمن فأبى عليهم أن يأخذ منهم شيئا وقال لا خير في جسده ولا في ثمنه ومكنهم من أخذه إليهم. (أنظر: السيرة النبوية لابن كثير، 3/ 206).
ب. يرى بعض العلماء قديما وحديثا أنه لا يجوز نقل العضو من إنسان إلى آخر لعدم جواز بيعها. ولكن الكثير منهم يرون جواز استرقاق الأسير وبيعه كسلعة تجارية.
ت. وقد أصدر المجلس الأعلى للسؤون الدينية قرارا في 03 / 03 / 1980 نص فيه عدم جواز بيع عضو الإنسان سواء كان حيا أو ميتا؛ يوسف القرضاوي، زراعة الأعضاء في ضوء الشريعة الإسلامية، دار الشروق، القاهرة 2009.
[21] صحيح مسلم، كتاب الأيمان 13. وفي بيع المدبر ليقضي دين سيده، روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: أعتق رجل منا عبدا له عن دبر، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم به، فباعه. (صحيح البخاري، كتاب العتق، باب بيع المدبر، رقم الحديث: 2534).
[22] (صحيح البخاري، كتاب المكاتب 1-5؛ سورة النور، 24 / 33).
[23] أنظر الباب الرابع، المطلب الرابع.
[24] مصنف عبد الرزاق، كتاب النكاح 332.
[25] تفسير ابن كثير عند تفسير سورة النور، 24 / 33.
[26] صحيح مسلم، كتاب الأيمان 30-33؛ مجمع الزوائد، 4 / 238؛ سنن ابن ماجة رقم الحديث: 2680. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ضرب عبده على اثم ارتكبه أو لطمه بلا سبب فكفارته أن يعتقه.
[27] حسب ما جاء في التوراة المحرفة: وَإِذَا ضَرَبَ إِنْسَانٌ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ بِالْعَصَا فَمَاتَ تَحْتَ يَدِهِ يُنْتَقَمُ مِنْهُ. لكِنْ إِنْ بَقِيَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ لاَ يُنْتَقَمُ مِنْهُ لأَنَّهُ مَالُهُ. وهذه العبارة تكفي للدلالة على كون التوراة محرفة. (الكتاب المقدس، سفر الخروج، الأصحَاحُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ، 20-21).
العبيد في أمريكا
وفي أمريكا التي تعرف اليوم بقوة الإستعمار والإحتلال كما كانت من قبل، جيئ بملايين الناس من أفريقا واستعبدوهم ليقوموا بزراعة الأراضي التي اغتصبوها من الهنود الحمر. وقد كان الذي يحدد العلاقة بين السيد والعبد هو السوط. وكان ضرب السيد عبده خمسين أو خمسا وسبعين سوطا شيئا عاديا. وكان هناك أنواع أخرى من أساليب التعذيب والاضطهاد، مثل الكي، وصب القطران المغلي عليه، والترميد وقطع الأعضاء. كما كان العبد يعاقب على بعض ما يرتبكه من الاثم بقطع الأذن والأنف وكي الوجه. ولم يكن قتل العبد يعتبر جريمة. وكان ينظر إلى العبودية بنظرة مادية بحتة بعيدة عن القيم والمبادئ الأخلاقية. جيمس والفين، العبيد الأسود، ص. 243؛ على هامش ماذا دار على القرآن والتفسير في عصرنا المعاصر، لمحمد باجاجي، ص. 91-92).
وما ذكرنا أعلاه يذكرنا بأحاديث النبي المعجزة التي تنير المستقبل وتخبرنا عن الظالمين الذين يسترقون الناس ويسلكون في اضطهادهم طريقا خاصا فيستحقون نار جهنم. كما قال نبي الرحمة صلى لله عليه وسلم: صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات، مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا. (صحيح مسلم كتاب اللباس، رقم الحديث: 2128؛ سنن ابن ماجة، رقم الحديث: 2525؛ التاج، 2 / 271).
[28] صحيح البخاري، كتاب العتق 4-5.
[29] الشوكاني، نيل الأوطار 8 / 3.
[30] الشوكاني، نيل الأوطار، 8 / 13، نقلا عن أبي داود؛ محمد أبو زهرة، خاتم النبيين، 4 / 184.
[31] محمد حامد الله، نبي الإسلام، ص. 394، مادة: 781، دار البيان للنشر.
[32] القرآن الكريم والعهد المكي، ص. 66.
[33] الموسوعة الإسلامية الصادرة من إدارة الشؤون الدينية التركية، 1 / 93، 15 / 187. وقد أعتق أبو بكر رضي الله عنه، في العهد المكي، عبيدا بعد أن اشتراهم. (أنظر: النبي الخاتم، 2 / 144؛ عصر السعادة، عباس).
[34] أنظر إلى المعلومات الإضافية.
[35] يلماز أوزتونا، التاريخ الكبير للدولة العثمانية، 8 / 499؛ أحمد آقكوندوز، الحرم في الدولة العثمانية، ص. 189.
[36] أنظر: صحيح البخاري، كتاب الإجارة 10؛ سنن ابن ماجة، رقم الحديث: 2442. وقد قال معاوية بن أبي سفيان الخليفة الأموي الأول لمن عرَّف نفسه بأنه تاجر رقيق: “بئس التجارة هذه”.
[37] وما ورد في القرآن الكريم على شكل متكرر مثل قوله تعالى:” تحرير رقبة” يدل على أن الحرية هي الأصل.
[38] وقد نرى نموذجا من هذه التطبيقات في التاريخ الإسلامي. وعلى سبيل المثال أمراء أفاريقيا ومصر وتركستان أخذوا الأسرى مقابل الجزية والضرائب. (محمد زكي باكالين، قاموس المصطلحات التاريخية، مادة: العبد). لأن الدولة كانت في حاجة ماسة إلى القوى العاملة الرخيصة.
[39] أنظر: مجمع الزوائد، 4 / 245؛ نيل الأوطار، 8 / 13.
[40] الموسوعة الإسلامية الصادرة من إدارة الشؤون الدينية التركية، 11 / 385، نقلا عن البيهقي.
[41] الموسوعة الإسلامية الصادرة من إدارة الشؤون الدينية التركية، 3 / 322؛ القرآن الكريم والعهد المكي، ص. 66.
[42] أنظر: المغني، 4 / 252؛ روضة الطالبين، 3 / 460؛ الموسوعة الفقهية، 23 / 33 نقلا عن فتح القدير، 5 / 152.
[43] تجارة الرق في الدولة العثمانية، ص. 112.
[44] تجارة الرق في الدولة العثمانية، ص. 128.
[45] جودت ضبطية، ص. 118.
[46] ناهد سري، ص. 122.
[47] المرجع السابق، ص. 141.
[48] المرجع السابق، ص. 142.
[49] إسطنبول مدينة السلاطين، جوليا باردوي، ص. 527، من المنشورات الثقافية لبنك العمل، إسطنبول 2010.
[50] محمد رشيد رضا، تفسير المنار، عند تفسير سورة النساء، 4 / 24.
هذا موضوع خطير ورغم اننى استاذ بجامعة الازهر فقد كنت حتى قراءة هذا البحث غير محيط به الا النذر اليسير منه من كتب التفسير . اما صاحب البحث فقد اجتهد وعالج الأمر بجهد منقطع النظير – ولكن يستوقفنى شيىء واحد وهو ان اغلب كتب الفقه كانت تتناول دائما بيع الرقيق باعنباره محل العقد وخاصة عند الامام مالك كما لو كانت امور البيع والشراء قصرا على الاماء والعبيد.
ورواية ام ولد زيد بن الارقم حينما وهبت الى عائشة انها اشترت عبدا من زيد الى اجل ب800 درهم ثم باعته له ب 600 درهم عاجلا. ولم ير الفقهاء فى ذلك باسا الا فى أمر النهى عن العينة
جزاكم الله خيرا على هذا البحث القيم وزادكم بسطة فى العلم وجعل لك فى ميزان حسناتكم. دكتور سمير عبد الحميد رضوان – جامعة الأزهر
كلية اللغات والترجمة – قسم الدراسات الاسلامية باللغة الانجليزية
لا يوجد جواري في الاسلام تم تحريف معاني الكلمات في القران
الاحاديث و الروايات و التفاسير مجهودات بشرية يحتمل الخطا و الدس و الصواب
توضيح أن ما جاء في كتب التراث من أن ملك اليمين هم أسرى الحرب وما أطلقت عليه الموروثات السبايا من الحرب، هو أمر لم يرد في القرءان الكريم بل هو من الإضافات البشرية وليس عليه دليل من القرءان. فليس هنا علاقة بين ملك اليمين وأسرى الحرب.
أما ما جاء في مصير أسرى الحرب في النص القرءاني فهو شيئين لا ثالث لهما بعد نهاية الحرب:
– المَن عليهم وإطلاق سراحهم بدون مقابل.
– قبول فديةٍ ما مقابل إطلاق سراح الأسرى.
ما بالك يالنساء و اولاد الاسير ؟
ما معنى قوله تعالى ((ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا))؟
http://www.ejaaba.com/t-128012.html
ما معنى ملك اليمين في القران الكريم ؟
http://www.ejaaba.com/t-128129.html
ما المقصود في القران (الحر بالحر والعبد بالعبد) و(عبدا مملوكا )و (عبادكم وامائكم)؟
http://www.ejaaba.com/t-128131.html
هل يوجد رق و عبيد و جواري في الاسلام ؟ وما معنى فك او تحرير رقبة؟
http://www.ejaaba.com/t-128130.html