المسيرة التاريخية للعبودية
بقلم الشيخ علي رضا دميرجان
وهذا موضوع واسع يحتاج توضيحه إلى مجلدات. ومن الواضح أنّ فهم تاريخ العبودية والتطبيقات المتعلقة بها في العالم مهم للغاية لمعرفة عظمة الثورة التي أحدثها القرآن والسنة فيها. قلنا القرآن والسنة لأن الفقه الإسلامي التقليدي يختلف عنه جوهريا. ولكنا نكتفي بما نوجزه في السطور التالية وبتوصية القراء مطالعة بعض الكتب المتعلقة بموضوع العبودية والإستغلال الجنسي للجواري – الأسيرات – وهي من أعظم الجرائم التي إرتكبها البشر العصاة تجاه بني جنسهم الذين خلقهم الله تعالى بأحسن تقويم وفضلهم على كثير من المخلوقات.
العبودية التي هي سمة مشتركة في العصور الأولى (3500-476 قبل الميلاد) والعصور الوسطى (476-1453) والعصور الحديثة (1453-1789) ولا تزال تشكل سمة مميزة في عصرنا هذا.
وفي مصر القديمة واليونان والصين والهند وإيران وشبه الجزيرة العربية كان الرقيق أناسا يمكن قتلهم وإحراقهم وإلقاءهم أمام الوحوش لتقطعهم؛ هذا قبل أن ينظر إلى إمكانية الإستفادة منهم كقوى العاملة. أما في حالة إستخدامهم كقوى العاملة لم يخلوا أيضا من أن يكونوا سلعة تباع وتشترى ويتعرضوا للتعذيب والإضطهاد.
وحين ظهر الإسلام على يد محمد صلى الله عليه وسلم في القرن السابع الميلادي – الذي هو دين الله المشترك لجميع الأنبياء ويبقى إلى أن تقوم الساعة –كانت العبودية منتشرة في شبه الجزيرة العربية كما كانت منتشرة في جميع أنحاء العالم. وكان الرقيق يقومون بما يقوم به اليومَ العمالُ والخدامون والحرفيون. وبعبارة أخرى كانوا العمود الفقري للحياة الإقتصادية.
والمصدر الأساسي للعبودية عند ظهور الإسلام كان الحرب، وإن كان ثمة طرق أخرى لإسترقاق الأحرار مثل الغارات وقطع الطرق والإختطاف، وقد كان يُباع الأحرارُ عقوبةً لجرائم ارتكبوها، وبسبب عجزهم عن أداء الديون، كما وُجِد من يبيع أولادَه وحتى نفسه بسبب الفقر، وكذلك الإماء يلدن أولادهنّ رقيقا.
وما زالت العبودية الحديثة التي هي أكثر تدميرا من حيث النتيجة مستمرة؛ تُقيد الحقوق والحريات الأساسية للإنسان؛ وتذيق البشرية جميع أنواع التعذيب والإضطهاد والتشريد، وتقوم بالغزو الغاشم المعتمد على القوة بهدف تأسيس المنظمات الإستعمارية، وتقوم بالتجارة المخالفة للقيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية مثل التجارة بالعرض والأطفال والنساء وأعضاء الإنسان.[1] وستستمر العبودية الحديثة بهذا الشكل ما دام يهيمن على الحياة البشرية من لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر.
قد بين الإسلام أن الله تعالى خلق الناس أحرارا، وأن الإنسان خُلق من نفس واحدة فلا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى، ودعاهم إلى مبادئ العدل الإلهي ليخرجهم من الظلمات إلى النور، وأن يحيى الناس تحت هيمنته تعالى، وقد حرم الله تعالى أن يتعالى الناس بعضهم على بعض. ونظرا لهذه الدعوة الحق كان السابقون إلى الإسلام من الضعفاء والرقيق.
والإسلام لم يؤسس العبودية ولكن شهد فجعاتها فوقف ضدها ووضع جدولا زمنيا لإنهائها تماما كما سنبين ذلك في هذه الدراسة. كما ألغى استرقاق الأسيرات وحرم الإستغلال الجنسي لهن بوضع “نظام خاص للأسرى في الإسلام” يدوم حتى تقوم الساعة؛ بشرط أن يكون الحرب مشروعا. وبعبارة أخرى قد أغلق الإسلام جميع طرق الاسترقاق؛ أما الأسرى فيؤخذون مؤقتا حتى تضع الحرب أوزارها ثم يطلق سرحهم إما منا وإما فداءا.[2]
وقد جعل الإسلام القواعد والمبادئ الأخلاقية التي وضعها لتحرير الرقاب عبادة لله وتقربا إليه؛ وبهذا قد سد الثغرات التي تؤدي إلى العبودية المعنوية.
النظام الإسلامي للأسرى الذي أشرنا إليه موجزا كان مطبقا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ وكذلك في عهد الخلفاء الراشدين. ولكن في العهد الأموي قد عاد النظام الجاهلي.
وبلغت حركة الفتوحات الإسلامية اقصى اتساع لها فى العصر الأموي، وبالتالي تزايد عدد من أُسرَ فيها لأهداف دنيوية، فقد استُعبد الأسير وأصبحت الأسيرة جارية وسلعة تباع وتشترى لأغراض جنسية مثلما كان في العهد الجاهلي لأن النظام الإسلامي للأسرى الذي كان مطبقا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين أصبح ملغيا تماما؛ وأصبح الهيكلية التي تشكلت تحت شعار (المعاملة بالمثل) تهيمن على المجتمع الإسلامي الأموي، وقد تمّ ذلك برضى العلماء والأمراء. وازداد الأمر في العصر العباسي واستمر حتى نهاية العصر العثماني. كذلك استمر استرقاق الأسرى والاستغلال الجنسي للجواري – الأسيرات عبر التاريخ بأشكال وصور مختلفة. من ناحية أخرى كان الإيمان يقينا بأن تحرير الرقاب والإحسان إليهم من الصالحات ومكارم الأخلاق التي تفتح باب الجنة.
وقد انتشرت العبودية الموروثة عبر التاريخ جيلا بعد جيل والتي يراها الفلاسفة مثل سقراط وأرسطوا حالة طبيعية في المجتمع الإنساني لأنها المصدر الأساسي للقوى العاملة[3] بالرغم من مخالفتها الإنجيل والتوراة وتعاليم موسى وعيسى عليهما السلام. وكانت العبودية منتشرة في العالم الإسلامي مع المحافظة على حقوق الرقيق إلى حد ما؛ ولكنها في بلدان غير المسلمين كانت سائدة بجميع مآسيها. وكان المسترَقُّ يعتبر مالاً وحيوانا يباع ويشترى، ومعرضا لأنواع التعذيب والإضطهاد حتى خرج قتلهم من أن يكون جريمة. وفي العصر الحديث (1453-1989) ومع اكتشاف القارة الأمريكية بلغت عملية الاسترقاق أقصاها.[4]
مئات آلاف من الأفارقة معظمهم من المسلمين تم تهريبهم إلى إسبانيا والبرتغال وإنجلترا وفرنسا وإيطاليا وبيعهم رقيقا حسب النظام التقليدي. والأمريكيون الذين قاموا بإبادة المحليين حملوا كثيرا من الأفارقة – وفيهم من هو مسلم – وأجبروهم على العمل تحت أبشع أنواع التعذيب والإضطهاد. ولم ينالوا حريتهم بالرغم من مجادلتهم الصارمة المستمرة خلال أربعة قرون التي عاشوها تحت ظروف غير إنسانية.
وحين قلَّت الحاجة إلى العبيد كقوًى عاملة نتيجة للتطورات التكنولوجية وازدادت تكاليف العبيد من إسكان ومأكل ومشرب ورعاية صحية تظاهر الأمريكون أنهم ضد العبودية. وبعبارة أخرى أن الهدف كان إقتصاديا وليس إنسانيا حين استعبدوا وحين وقفوا ضدها. وهكذا ألغيت العبودية التقليدية تاركة مكانها للعبودية الحديثة ولا تزال تستمر بابشع أنواعها.
وحين وقف الغرب ضد العبودية لمصالح إقتصادية وليس بدافع ما تتطلبه الفطرة كان العالم الإسلامي صامتا؛ لأنه قد شاع الزعم في المجتمع الإسلامي بأن الإسلام لا يعارض العبودية مع عدم التصريح بمشروعيتها؛ وهذا بهتان وزور على إسلام القرآن والسنة.
ومن أجل ذلك لم يستطع العالم الإسلامي أن يقدم إلى إتفاقية جنيف ما يعادل نظام الأسرى من الإسلام.. وهل حقا لا يوجد في الإسلام بديل لهذا النظام؟ ونحاول أن نثبت في هذا الكتاب وجود ما هو أحسن مما جاء به الغرب من نظام الأسر وغيره من الأنظمة.
إن كلا من التوراة والإنجيل اللذين أنزلهما الله تعالى نورا وهدى للناس مثل القرآن الكريم لا شك أنهما ضد العبودية وضد الاستغلال الجنسي للجواري. والقول بأن الكتاب المقدس يصرح بمشروعية العبودية هو مما مسه التحريف . وما ننقله من التوراة يدل على وقوع التحريف فيهما بدرجة تستنفر منها الفطرة الإنسانية..
“حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِكَيْ تُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا إِلَى الصُّلْحِ، فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلَى الصُّلْحِ وَفَتَحَتْ لَكَ، فَكُلُّ الشَّعْبِ الْمَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لَكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لَكَ. وَإِنْ لَمْ تُسَالِمْكَ، بَلْ عَمِلَتْ مَعَكَ حَرْبًا، فَحَاصِرْهَا. وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالْبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي الْمَدِينَةِ، كُلُّ غَنِيمَتِهَا، فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ، وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ الَّتِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ.”[5]
[1] وفقا للدراسة التي أجريت من قبل الامم المتحدة يوجد في العالم ما يقرب من 30 مليون امرأة للدعارة أي الجواري للإستغلال الجنسي فقط. ويتم كل سنة إختطاف 500 ألف امرأة للدعارة. والأموال المهدرة للدعارة سنويا تبلغ 100 مليار دولار. (جريدة خبر تورك 19 نيسان سنة 2012).
[2] وقد حرم الله تعالى الخمر والزنا الذين كانا منتشرين في العالم بوجه عام وفي الجزيرة العربية على وجه الخصوص تحريما قاطعا مع ما يعرف غرق الناس فيهما؛ وهل كانت هناك قوة أو نظرية تمنعه جل جلاله من تحريم العبودية تحريما باتا؟ (الوسائل والحلول، المودودي، 85-87).
[3] يوجد في التوراة أكثر من 300 نصا يدل على مشروعية العبودية دلالة صريحة (أنظر: سلسلة الكتب المقدسة، شركة الكتاب المقدس إسطنبول 2004، ص. 1337).
[4] عباد الله (المسلمون المستعبدين في امريكا من أهل الأفارقة)، سلويانا أ. ديوف، بيان إسطنبول. 20؛ المسلمون المستعبدون في إيطاليا الحديثة، سلواتورة بانو، إلَتيشيم، إسطنبول.
[5] سفر التثنية، الأصحَاحُ الْعِشْرُونَ، 10-14.
لا يوجد جواري في الاسلام تم تحريف معاني الكلمات في القران
الاحاديث و الروايات و التفاسير مجهودات بشرية يحتمل الخطا و الدس و الصواب
توضيح أن ما جاء في كتب التراث من أن ملك اليمين هم أسرى الحرب وما أطلقت عليه الموروثات السبايا من الحرب، هو أمر لم يرد في القرءان الكريم بل هو من الإضافات البشرية وليس عليه دليل من القرءان. فليس هنا علاقة بين ملك اليمين وأسرى الحرب.
أما ما جاء في مصير أسرى الحرب في النص القرءاني فهو شيئين لا ثالث لهما بعد نهاية الحرب:
– المَن عليهم وإطلاق سراحهم بدون مقابل.
– قبول فديةٍ ما مقابل إطلاق سراح الأسرى.
ما بالك يالنساء و اولاد الاسير ؟
ما معنى قوله تعالى ((ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا))؟
http://www.ejaaba.com/t-128012.html
ما معنى ملك اليمين في القران الكريم ؟
http://www.ejaaba.com/t-128129.html
ما المقصود في القران (الحر بالحر والعبد بالعبد) و(عبدا مملوكا )و (عبادكم وامائكم)؟
http://www.ejaaba.com/t-128131.html
هل يوجد رق و عبيد و جواري في الاسلام ؟ وما معنى فك او تحرير رقبة؟
http://www.ejaaba.com/t-128130.html
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم على هذه المعلومات
اهلا وسهلا بحضرتك سيد جمال ولقد قرأت المقال الرائع للسيد علي رضا ولقد ذكرالسيد علي رضا حديث اوطاس في المقال لكن لم افهم حديث سبايا اوطاس والحديث يقول
((أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَومَ حُنَيْنٍ بَعَثَ جَيْشًا إلى أَوْطَاسٍ، فَلَقُوا عَدُوًّا، فَقَاتَلُوهُمْ فَظَهَرُوا عليهم، وَأَصَابُوا لهمْ سَبَايَا، فَكَأنَّ نَاسًا مِن أَصْحَابِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ تَحَرَّجُوا مِن غِشْيَانِهِنَّ؛ مِن أَجْلِ أَزْوَاجِهِنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ، فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ في ذلكَ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24]، أَيْ: فَهُنَّ لَكُمْ حَلَالٌ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ. ارجو من حضرتك شرح الحديث الشريف وبالنسبة لمعنى كلمة غشيانهن اليس معناها وطء الاسيرات بدون عقد زواج ارجوك سيد جمال ان توضح لى معنى الحديث ومعنى كلمة غشيانهن وشكرا جزيلا لحضرتك سيد جمال نجم