السؤال: لماذا اهتم الاسلام بصلاة الجماعة؟ وبأي شيء تميزت عن صلاة الفرد بالرغم من كليهما صلاة وعبادة؟ وهل يجوز تركها؟
الجواب: صلاة الجماعة من سنن الهدى وشعائر الإسلام، ولها فضل عظيم لغاياتها النبيلة وحكمها الجليلة، ذلك أنها تجسد الدوام على ذكر الله سبحانه في الليل والنهار. وقد أمر الله تعالى بها بقوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (البقرة، 43) (مع الراكعين) أي مع جماعتهم، وقد ذُكر في الآية جزء من صلاة المصلين جماعة وهو الركوع وأُريد به الكل وهو صلاتهم، وإنّما خُصّ الركوعُ بالذكر بعد الأمر بإقامة الصلاة، لتميز صلاة المسلمين به وخلوه من صلاة غيرهم، ولأنّ فيه من مظاهر تعظيم الله شيئا عظيما.
ولأهمية صلاة الجماعة حض الله تعالى عليها حتى في حال الخوف كذلك، قال الله تعالى مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} (النساء، 102) وفي الآية إظهار لأهمية صلاة الجماعة في حال الخوف، ولا شك أن المحافظة عليها في حال الأمن أولى.
ونبين فضل صلاة الجماعة في النقاط التالية:
1_ صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد بأضعاف. فعن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (تَفْضُلُ صَلَاةُ الْجَمِيعِ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا وَتَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ) ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} وعن ابْنِ عُمَرَ قَالَ تَفْضُلُهَا بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً)[1]
2- الصلاة في الجماعة ترفع الدرجات وتحط الخطايا. فعن أبي هُرَيْرَةَ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (… وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ)[2]. وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم: (من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطوتاه إحداهما تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة)[3].
وحتى لا يتلكأ المرء عن الذهاب إلى بيوت الله لئلا يتعب نفسه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يبشره بأن جهده لا يذهب سدى بل هو في ميزان حسناته. بقوله: (من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح)[4]
3- انتظار الصلاة مع الجماعة أجرها كأجر الصلاة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة)[5]
وفي حديث آخر ( أَعْظَمُ النَّاسِ أَجْرًا فِي الصَّلَاةِ أَبْعَدُهُمْ فَأَبْعَدُهُمْ مَمْشًى وَالَّذِي يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الْإِمَامِ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الَّذِي يُصَلِّي ثُمَّ يَنَامُ)[6]
4- الملائكة تصلي على المؤمنين والمنتظرين الصلاة ما داموا في مجلسهم ومصلاهم وتدعوا لهم بالرحمة والغفران، فعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مجلسه تقول اللهم اغفر له اللهم ارحمه ما لم يحدث وأحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه)
5- صلاة العشاء والفجر مع الجماعة كقيام الليل كله، فعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ)[7]
وعن عبد الرحمن بن أبي عمرة قال دخل عثمان بن عفان المسجد بعد صلاة المغرب فقعد وحده فقعدت إليه، فقال يا ابن أخي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله)[8] والسعي إلى صلاة الجماعة في العتمة له فضيلة خاصة فقد روى بريدة الأسلمي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)[9]
6_ اختصاص صلاتي العشاء والفجر بالثناء. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا)[10] وفي حديث آخر (من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فيدركه فيكبه في نار جهنم)[11]
هل يجوز تركها؟
صلاة الجماعة سنة مؤكدة كما أسلفنا، لذا يجوز تركها بين الحين والآخر، ولكن لا يجوز تركها بالمرة تهاونا بها، فقد حذر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من تركها واعتبر التخلف عنها وخاصة صلاتي الفجر والعشاء من صفات المنافقين، فعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا الصُّبْحَ فَقَالَ أَشَاهِدٌ فُلَانٌ قَالُوا لَا قَالَ أَشَاهِدٌ فُلَانٌ قَالُوا لَا قَالَ إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ أَثْقَلُ الصَّلَوَاتِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَيْتُمُوهُمَا وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الرُّكَبِ وَإِنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ عَلَى مِثْلِ صَفِّ الْمَلَائِكَةِ وَلَوْ عَلِمْتُمْ مَا فَضِيلَتُهُ لَابْتَدَرْتُمُوهُ وَإِنَّ صَلَاةَ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ وَمَا كَثُرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى)[12]. ويفهم من الحديث أيضا الإهتمام بصلاة الجماعة حتى في البيت أو مكان العمل.
وقد حافظ الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين على صلاة الجماعة وتمسكوا بها وحضوا الناس على المحافظة عليها، فها هو ابو الدرداء رضي الله عنه يحضّ شخصا على المحافظة على صلاة الجماعة مذكرا إياه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من ثلاثة نفر في قرية ، ولا بدو، فلا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان ، فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية[13]»[14]
[1] متفق عليه واللفظ للبخاري (صحيح البخاري، رقم الحدبث 612 ، 3 /38) (صحيح مسلم، 3/376)
[2] صحيح البخاري، رقم الحدبث 611، 3/36
[3] صحيح مسلم، رقم الحدبث 1070، 3/418
[4] صحيح مسلم، رقم الحدبث 1073، 3/421
[5] صحيح مسلم، رقم الحدبث 1062، 3/408
[6] صحيح البخاري، رقم الحدبث 614، 3/40
[7] سنن ابي داود،468 2/160
[8] صحيح مسلم،1049، 3/392
[9] رواه الترمذي، باب ما جاء في صلاة العشاء، 223 قال الترمذي هذا حديث غريب كما رواه ابو داوود وغيره وصححه الألباني
[10] صحيح البخاري، رقم الحدبث 615، 3/42
[11] صحيح مسلم، رقم الحدبث 1050، 3/393
[12] سنن ابي داود، رقم الحدبث 467 2/159
[13] القاصية : المنفردة عن القطيع البعيدة عنه
[14] صحيح ابن خزيمة، رقم الحدبث 1406 5/405
شكرااا على هذا الكلام الجميل يسلم ايدك والله العظيم بفظلك سانجح في الامتحان شكراا الله يبارك فيك، شكراا والله العظيم فرحانة كنت اريد كلاما كهذا ليساعدني في امتحان غد شكرااا