السؤال: ما أصل مشروعية التلبية في الحج، وهل هي مما جاء به الاسلام دون غيره من الأديان؟
الجواب: قال الله تعالى {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ} (البقرة،200)
تشير الآية إلى وجوب ذكر الله تعالى أثناء قضاء مناسك الحج، وهذا الذكر ليس مستجدا في الإسلام، بل قديم عرفه الناس منذ عهد إبراهيم عليه السلام، وقوله تعالى {كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ} أي كما ذكرتم آباءكم يذكرون الله أثناء تأديتهم المناسك، وفيه الأمر بالدوام على الذكر الذي توارثه الآباء عن الأجداد من لدن إبراهيم عليه السلام، والتلبية من هذا الذكر.
وقد عرف المسلمون الحج ومناسكه كما توارثوه من آبائهم قبل الإسلام، ولذلك وصف القرآن الكريم الحج بأنه معلومة أشهره بقوله تعالى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} (البقرة، 197) كما وصف أيامه بأنها معدودة بقوله تعالى {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} (البقرة، 203) مما يدل على أن العرب عرفوها قبل الإسلام، والتلبية مما عرفوه كذلك.
والصيغة الأهم في التلبية هي: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)[1].
ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين معه رددوا تلك الأذكار المتوارثة من ملة إبراهيم عليه السلام، وتركوا ما أحدثه الناس بعد إبراهيم من ذكر مخالف للوحدانية كقول الجاهليين في التلبية (إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك) إلا أن الجزء الأول من التلبية كان صحيحا وردده النبي والصحابة. (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك).
ولو كان مكان التلبية تسبيح أو تحميد أو تهليل أو تمجيد أو ما أشبه ذلك من ذكر الله تعالى ونوى به الإحرام صار محرما سواء كان يحسن التلبية أو لا يحسنها ، وكذا إذا أتى بلسان آخر أجزأه سواء كان يحسن العربية أو لا يحسنها[2].
[1] أخرجه البخارى (5/2213، رقم 5571) ، ومسلم (2/841، رقم 1184) ، وأبو داود (2/162، رقم 1812) ، والترمذى (3/187، رقم 825) ، وقال: حسن صحيح. والنسائى (5/160، رقم 2748) ، وابن ماجه (2/974، رقم 2918) . ومالك (1/331، رقم 730) ، والطيالسى (ص 252، رقم 1838) ، وأحمد (2/3، رقم 4457)
[2] الفتاوى الهندية، الباب الثالث في الإحرام، 1/222
أضف تعليقا