السؤال: لا أنتمي لأي مذهب فقهي، وقد ذكرت ذلك لأحد العلماء فقال لا بد أن تكون مقلدا وتابعا لأحد المذاهب الفقهية. فهل هذا صحيح؟ وهل عليَّ إثم في اختيار الأنسب لي في كل مسألة، وأقصد التنقل بين المذاهب؟
الجواب: في سؤالك عدة محاور:
الأول: الانتساب لمذهب معين ليس عليه دليل من القرآن والسنة، بل المسلمون أمة واحدة مكلفة بتطبيق القرآن الكريم، وهم مسؤولون أمام الله تعالى وفقا لكتابه فقط. قال الله تعالى {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (الأنعام، 19) ويقول أيضا {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} (الإسراء، 9)
الثاني: من لا يعلم الحكم من كتاب الله فله أن يسأل الراسخين من أهل العلم الذين يتخذون من القرآن الكريم منطلقا أساسيا في الافتاء. {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (النحل، 43)
الثالث: يجوز الاعتماد على فتوى المذاهب اذا كانت تلك الافتاءات مستندة إلى القرآن الكريم ولا تخالفه، ولك أن تبحث عن الحق في أي مذهب كان، ولا ينبغي التقيد بمذهب بكل ما يحتويه من صحيح وسقيم، بل عليك الموازنة والمقارنة، ولكل مؤمن ملكة ترشده إلى الصواب من الأقوال والأفعال إن حسنت نيته، ولذلك ختم الله تعالى كثيرا من الآيات القرآنية بما ينبه إلى تلك الحقيقة كقوله تعالى {أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} (الأنعام، 80 . والسجدة، 4) وكقوله تعالى {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} وقد وردت هذه الصيغة 13 مرة، ومنها قوله تعالى {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (الأنبياء،10) وفي الآية حث لكل مؤمن قارئ أن يكتشف الذكر ويستقرئ الكتاب.
ويصدق هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم لوابصة: يا وابصة استفت قلبك استفت نفسك البر ما اطمأن إليه القلب واطمأنت إليه النفس والإثم ما حاك فى النفس وتردد فى الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك[1] .
[1] أخرجه أحمد (4/228، رقم 18030) ، والطبرانى (22/148، رقم 403) . وأخرجه أيضًا: الدارمى (2/320، رقم 2533) ، وأبو يعلى (3/160، رقم 1586)
أضف تعليقا