في سورة الفاتحة ندعوا الله تعالى أن يهدينا الصراط المستقيم. وقد بين الله تعالى كيف نهتدي إليه في أول سورة البقرة بقوله {الم. ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} (البقرة، 1_ 2) ذلك إسم إشارة يشار به إلى البعيد في النحو. وفي الآية يشار به إلى الصراط المستقيم الذي ذكر في سورة الفاتحة. حيث نسأل الله تعالى هدايتنا إلى “الصراط المستقيم” في كل يوم أربعين مرة تقريبا، ويستجيب تعالى دعاءنا في بداية السورة التي تليها ويقول: “ذلك الكتاب” يعني الذي سألتمونيه ولا تزالون تسألونه فيما بعد هو هذا الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والذي ليس فيه أي شيء يريب، والذي هو نفس الهداية للذين يجعلونه مرشدا لأنفسهم. فالاهتداء إلى الصراط المستقيم لا يتمُّ إلا بهذا الكتاب.
وهذا الكتاب يهدي لأقوم الطرق؛ لأنه الكفيل بتحقيق السعادة في الدارين، وغيره قاصر عن ذلك. قال تعالى {إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} (الإسراء، 9)
ولفظ الكتاب يشمل كلَّ ما أنزل الله من كتب على أنبيائه، والقرآن النسخة المصدقة لكل ما أنزل الله، وهو المهيمن عليها جميعا؛ لأنه القول الأخير الفصل الذي أراد الله أن يكون شريعته إلى قيام الساعة.
وقد بلغ نبينا القرآن شأن كلِّ نبي بلَّغ عن الله رسالتَه، وقد انقضى زمن النبوات فكان على المسلمين وظيفةٌ خاصة ألا هي القيام بتبليغ القرآن وبيانه للناس، وهو ما فعله الصحابة رضي الله عنهم ومن جاء بعدهم من الأجيال.
وليس وظيفة العلماء قراءة القرآن فقط، بل عليهم إظهار الحكمة المركوزة فيه وقراءته بالمقارنة مع آيات الله المخلوقة ليكون هذا الكتاب كما أراده الله تعالى “هدى للناس”.
حفظُ كتابِ الله تعالى في الصدور أمرٌ مهم، وكذلك تجويده وترتيله، لكن الأهم أن يُفهم ويطبق واقعا عمليا كما فعل النبي وأصحابه[1] وإلا كنا كمن يحمل أسفارا، وقد ذمّ الله تعالى فريقا من علماء بني إسرائيل لهذا السبب بقوله {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (الجمعة، 5).
العلماء إزاء الكتاب أربعة:
علماء الفتنة، والراسخون في العلم، والأميون، والمضلون.
أولا: علماء الفتنة
وقد تحدث الله تعالى عن علماء الفتنة والراسخين في الآية السابعة من سورة آل عمران بقوله تعالى {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} (آل عمران، 7)
وقد تحدثت الآية أولا عن علماء الفتنة الذين وصفهم سبحانه بـ{الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ}، وصفهم بذلك لأنهم لا يهتمون بالروابط الثنائية بين الآيات ولا يردون المتشابه الى المحكم ولا يبحثون عن المناسبات والروابط بين الآيات، وانما يقفون على الآية الواحدة ويفصلونها عن متشابهاتها، وذلك باتباع آية منفردة فيها تشابه مع بغيتهم: “فَاَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاۤءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاۤءَ تَاْوِيلِهِ”. والغرض هو الفتنة، والتأويل بعيدا عن السياق، ليصلوا في التفسير إلى ما تهواه أنفسهم وما يرتاح له شياطينهم.
هذا الفريق من العلماء جد خطير، لأنهم يتعمَّدون كتم الحقّ وتحريف الكلام، كما أنّ منهم من يدعون إلى أنفسهم كوسطاء بين الله تعالى وبين عباده، وهم بذلك يوقعون الناس في الشرك. وقد ذكر القرآن الكريم هذا الصنف من العلماء في معرض حديثه عن أهل الكتاب. ومن صفات علماء الفتنة كما ورد في القرآن الكريم ما يلي:
1_ كتمان الحق بهدف الكسب. قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} (آل عمران، 187) الكتم عكس الإظهار، وقد كُلف العلماء بإظهار ما جاء في كتاب الله تعالى، وقد يكون في الإظهار ما يتعارض مع رغباتهم فيعمدون إلى الكتمان تحقيقا لمصالح خاصة أو إرضاء للسادة والحكام. وقد توعد الله تعالى هذا الفريق من العلماء بقوله {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ. إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (البقرة، 159_ 160)
2_ تحريف كلام الله، والتحريف ليس بالضرورة أن ينزع كلمة ويضع أخرى، فهذا متعذر، وإنما يكون بتغيير معنى الآيات وإعطاء معان جديدة للألفاظ حتى يصدروا حكما يروق لهم. قال الله تعالى في هؤلاء {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} (المائدة، 13)
3_ تعمد النسيان، لتبديد الاهتمام بقضية أو بحكم شرعي. وفي مثل هذا قال تعالى {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} (المائدة، 14}.
4_ رفض التحاكم إلى كتاب الله تعالى عند الاختلاف
قال الله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ} (آل عمران، 23)
5_ ترك الكتاب والاشتغال بغيره، وقد وصف هذا النوع من علماء الضلال بالذي انسلخ عن آيات الله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ. وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (الأعراف، 175_176) والآية تحكي عمن علم حكم الكتاب فانسلخ منه إلى غيره، ومن العلماء من يتذرع بما يزعمون بأنه “مصادر تشريع أخرى” ويتغافلون أن كتاب الله المصدر الوحيد لفهم الدين.
6_ تجاهل الكتاب إن تعارض مع أهوائهم، وقد ذكر القرآن مثل هؤلاء بقوله تعالى {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (البقرة، 101).
ثانيا: الراسخون في العلم
الفريق الثاني الذي تحدثت عنه الآية السابقة هم الراسخون في العلم “وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ: يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا”. أي أنّ الذي أنزل الآيات محكمات ومتشابهات، وأولها بإقامة الروابط بينها هو الله تعالى، وهذا الصنف من العلماء لا يؤولون الآيات حسب هواهم، ولكنهم يحاولون إيجاد الروابط التي وضعها الله تعالى بين تلك الآيات. فهم يعلمون التأويل كما بينه الله في كتابه وأظهر طريقته فيه،قال تعالى {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ. أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (هود،1_2) فالذي أحكم الآيات وفصلها هو الله تعالى، ولم يعط هذا الحق لأحد من خلقه؛ حتى لا يكون غير الله مشرعا ومعبودا؛ وهذا معنى قوله تعالى {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ}.
التأويل، من الأول، أي: الرجوع إلى الأصل، ومنه: الموئل للموضع الذي يُرجع إليه، فالتأويل رد الشيء إلى الغاية المرادة منه، علما كان أو فعلا. [2] والذي أوّل الآيات وجعل بينهما التشابه وفصلها به وأرانا طريقته في التفصيل هو الله وليس غيره.
الآية 7 من سورة آل عمران والآية 23 من سورة الزمر[3] تشيران إلى أنّ آياتِ القرآن متشابهاتٌ. وهذا أمر طبيعي؛ لأن الآيات يشرح بعضُها بعضا. فتعلم القرآن كتعلم الأشياء، فالعلماء الراسخون يجمعون الآيات المتشابهات ضمن مجموعات ليصلوا إلى تفسير آي القرآن الكريم. ولا بد من الإشارة هنا إلى وجود مبدأ المثاني في القرآن الكريم، لأن التشابه لا يكون إلا بين شيئين على الأقل. لذلك ورد قوله تعالى: {اَللّٰهُ نَزَّلَ اَحْسَنَ الْحَد۪يثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} (الزمر، 39). وبالتشابه بين الأشياء تتكون الأجناس والأنواع والأصناف وبالبحث فيها تتكون المعارف والعلوم ولا يُوصل إلى الأهداف المنشودة إلا به.
هذه السبيل توصل إلى الحكمة المركوزة في الكتاب، ولا شك أنه لا يوصل إليها إلا بعمل دؤوب وتدبر عميق وقبل ذلك النية الصادقة، قال تعالى {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} (البقرة، 269) .
ثالثا: الأميون.
وهذا النوع من العلماء لا يلتزمون المنهج الذي بينه الله في كتابه من أجل الوصل إلى التأويل الصحيح للآيات، وعدم الالتزام ليس ناتجا عن سوء نية، بل عن جهل أو بسبب التقليد الأعمى للسابقين فيأخذ من هذا ومن ذاك حتى يختلط عليه الأمر. قال الله تعالى {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ}(البقرة، 78) والظن لا يغني من الحق شيئا، ولا يمكن الوصول إلى الحكمة المركوزة في القرآن بالأماني، ولا يكون الشخص عالما حقا بمجرد استحضاره للآيات.
والعلماء الأميون يضلون الناس بتقولهم على الله ما لا يعلمون وينخدع بهم العوام، ومنهم من يتخذ من شغله بالعلم مهنة، فيكتب ويؤلف ويملأ الصفحات بما ظاهره الحق وباطنه الباطل، فإن كان يعلم حقيقة ما يفعل فهو ممن توعدهم الله بقوله {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} (البقرة، 79).
وقف السليمانية/ مركز بحوث الدين والفطرة
الموقع: حبل الله www.hablullah.com
جمال أحمد نجم
[1] عن أبي ذر – رضي الله عنه – قال: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها ويسجد بها: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} (المائدة: 118) رواه أحمد، ح /20365. وعن ابن مسعود قال: (كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن) رواه الطبري في تفسيره، 1/80. وروي عن الحسن قوله “نزل القرآن ليُتَدَبَّر ويعمل به؛ فاتخذوا تلاوته عملاً” مدارج السالكين، 1/485.
[2] المفردات، مادة: أول.
[3] الآية قوله تعالى {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} (الزمر، 23)
أشكر لكم هذا التوضيح لأصناف العلماء..
وكم هم علماء الضلالة الضالون المضلون ؟؟!!
أتمنى وأسأل الله تعالى أن يهيئ لهذه الأمة العلماء الربانيين الذين يعلمون ويعملون و يعلمون ويصبرون على فتن العصر .
شكرا لكم .
شكرا لكم
على التوعية و هذا البحث الرائع
وفقكم الله