السؤال: هل هناك عبادات مخصوصة في شهر محرم؟ وما حكم صوم اليوم العاشر منه (عاشوراء)؟
الجواب:
لا وجود لعبادات مخصوصة في شهر محرم سوى صيام اليوم العاشر منه والذي يسمى بيوم عاشوراء، وقد كان العرب قبل الإسلام يصومونه، ويبدو أن ذلك مما ورثوه من دين إبراهيم عليه السلام، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان يوم عاشوراء يوماً تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر الناس بصيامه، فلما فُرض رمضان قال: من شاء صامه ومن شاء تركه)[1] يفهم من الحديث أن صيامه كان واجبا قبل فرض الصيام في رمضان فلما فرض صيام رمضان نسخت فرضيته وصار مندوبا.
وقد روي عن معاوية قوله (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن هذا يوم عاشوراء ولم يكتب عليكم صيامه وأنا صائم فمن شاء صام ومن شاء فليفطر)[2] .
وعن ابن عباس قال: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى أن اليهود تصوم عاشوراء فقال: ما هذا؟ قالوا: يوم صالح نجّى الله فيه موسى وبني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى فقال: أنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه)[3] .
ويستطيع المسلم أن يمارس في شهر محرم العبادات المنصوص عليها في السنة كباقي الأشهر، ومثاله صيام الإثنين والخميس والأيام البيض وقيام الليل وغير ذلك. ولا ينبغي اختصاصه عن باقي الأشهر بعبادات زائدة كإحياء ليلة عاشوراء أو صلاة أربع ركعات ليلة عاشوراء ويومها أو زيارة القبور في ذلك اليوم وقراءة سورة فيها ذكر موسى عليه السلام فجر يوم عاشوراء، فكل ذلك لا أصل له شرعاً وهو من البدع المحدثة.
السلام عليكم سمعت مقطع لاحد شيوخ السنة يقول ان صيام عاشوراء من المكذوب على رسولنا وهو تكلم عن حديث البهود فقال عند قدوم رسول الله إلى المدينة وجد اليهود يصومون عاشوراء (وهم لا يمشون على التوقيت الهجري فكيف كان عاشوراء) وان النبي مخالفة لليهود قال ان عشت للعام القادم لاصومن التاسع والعاشر وقدعاش النبي قرابة عشرة سنين بعدها ثم لماذا يخالف النبي البهود
ارجو منكم التوضيح وجزاكم الله عنا كل خير لا أحد نثق به غيركم
وعليكم السلام ورحمة الله
وشكرا جزيلا على الثقة ونسأل الله تعالى أن نكون عند حسن ظنك
الجواب:
يروى أن العرب قبل الإسلام كانوا يصومون يوم عاشوراء، ويبدو أن ذلك مما ورثوه من دين إبراهيم عليه السلام، فعن عائشة رضي الله عنها قالت:
(كان يوم عاشوراء يوماً تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر الناس بصيامه، فلما فُرض رمضان قال: من شاء صامه ومن شاء تركه)
وقد روي عن معاوية قوله (إن هذا يوم عاشوراء ولم يكتب عليكم صيامه وأنا صائم فمن شاء صام ومن شاء فليفطر) .
وعن ابن عباس قال: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى أن اليهود تصوم عاشوراء فقال: ما هذا؟ قالوا: يوم صالح نجّى الله فيه موسى وبني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى فقال: أنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه) .
ورواية ابن عباس كأنها تربط صيام النبي لعاشوراء بصوم اليهود له، وهذا لا يتفق مع الروايات السابقة التي تفيد بأن نبينا الكريم صامه جريا على ما كان عليه قومه من دين إبراهيم عليه السلام. فالنبي مأمور بالتزام هدي الأنبياء الذين قبله إلا أن ينزل عليه حكم جديد في القرآن، وهذا مفهوم قوله تعالى:
﴿أُولَئِكَ (الأنبياء المذكورين سابقا) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ. أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: 89-90]
ويفهم من مجموع الأحاديث أن صيامه كان واجبا قبل فرض الصيام في رمضان جريا على شريعة الأنبياء السابقين، فلما فُرض صيام رمضان نسخت فرضية صوم عاشوراء لكنه ثبت على الندب.
قال ابن رجب _رحمه اللَّه_: “فهذه الأحاديث كلها تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجدد أمر الناس بصيامه بعد فرض صيام شهر رمضان، بل تركهم على ما كانوا عليه من غير نهي عن صيامه، فإن كان أمره صلى الله عليه وسلم بصيامه قبل فرض صيام شهر رمضان للوجوب، فإنه ينبني على أن الوجوب إذا نسخ فهل يبقى الاستحباب أم لا؟ وفيه اختلاف مشهور بين العلماء، وإن كان أمره للاستحباب المؤكد فقد قيل: إنه زال التأكيد وبقي أصل الاستحباب، ولهذا قال قيس بن سعد: ونحن نفعله” .
وقال ابن حجر: “ويؤخذ من مجموع الأحاديث أنه كان واجباً لثبوت الأمر بصومه، ويقول ابن مسعود: ” لما فرض رمضان ترك عاشوراء”، مع العلم بأنه ما ترك استحبابه، بل هو باق، فدل على أن المتروك وجوبه” اهـ.
أما الأمر بمخالفة اليهود لمجرد المخالفة فلا يمكن أن يكون مقبولا، فإذا كان صوم عاشوراء هو حق وتفعله اليهود فلماذا إذن مخالفتهم في الحق؟ ولا شك أن رواية المخالفة لا تمكن أن تكون صحيحة، لأن المخالفة ينبغي أن تكون في باطلهم وليس في الحق إن صادفوه.
والقرآن الكريم يدعو اليهود وغيرهم من أهل الكتاب أن يلتقوا مع المسلمين على كلمة سواء يعبدون الله وحده ولا يشركون به:
﴿قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 64]
فلا يمكن بعد هذا أن يأمر النبي بمخالفتهم عندما يفعلون شيئا صحيحا.