السؤال: لا يخفى على فضيلتكم الاختلاف بين العلماء والمذاهب حول مسألة الوصية الواجبة، فمنهم من أقر بها ومنهم من كان رأيه عكس ذلك ولكل ما استند عليه. ومنهم من قال بوجوبها ومنهم من قال باستحبابها ومنهم من جعلها للوالدين والأقربين ومنهم من قصرها على الأحفاد. ما يهمني في هذه القضية النقطة الأخيرة أي الأحفاد. لكن المشرعين أيضا اختلفوا في مسألة الوصية للأحفاد فمنهم من جعلها واجبة لابن الابن المتوفى دون ابن البنت (لأنه من ذوي الارحام) ومنهم من جعلها واجبة للأحفاد دون استثناء أي لابناء الابن وأبناء البنت، لذا أرجو من فضيلتكم أن تزودوني بالأساس الشرعي أو الغاية والمقصد الذي جعل المشرع المصري يوجب الوصية لأبناء البنت؟
الجواب: ما قرَّره جمهور الفقهاء هو أنّ الأحفاد لا يرثون من جدهم المتوفى إن كان له أولاد أحياء، بحجة أنّ الأولاد أقرب إلى الميت من الأحفاد، وما عليه الحال في البلدان الإسلامية هو إعطاء الأحفاد من ميراث جدهم بمقتضى الوصيَّة الواجبة فيما لا يتجاوز الثُّلث. وفي بعض الدُّول ينصُّ قانون الأحوال الشخصيَّة على الوصيَّة الواجبة للأحفاد جميعا سواء كانوا من الابن أو البنت، بينما تُطبِّق الوصيَّة الواجبة على الأحفاد من الابن دون الأحفاد من البنت في بلدان أخرى. وهذا الاختلاف فيمن يستحق الوصية الواجبة ناتج عن خطأ في تصور أصل المسألة.
وبدلا من تصحيح الاجتهادات الخاطئة يعمد الفقهاء المكلَّفون بوضع قوانين الأحوال الشخصية إلى إيجاد حلول غير منطقية كالوصيَّة الواجبة التي ليس لها سند في القرآن والسنة. وتظهر الغرابة أكثر عندما يثبتونها لابن الابن دون ابن البنت بحجة أنَّه حفيد من جهة الرَّحم، وكأنَّ الله تعالى أمر بقطع الرَّحم لا بوصلها. وعلى كل حال فالوصيَّة الواجبة ليست من دين الله في شيء بل وُجدت خطأ لتعالج خطأ سابقا.
وما نراه أنّ الأحفاد سواء كانوا من جهة الابن أو البنت فإنهم يرثون من جدِّهم المتوفَّى كما يرثه أبوهم لو كان حيَّا أو أمُّهم لو كانت حيَّة، لأنَّ الإنسان يستحقُّ الميراث بسبب قرابته للميِّت؛ فالأحفاد الذين مات أبوهم يصبحُ جدُّهم بمقام أبيهم فعندما يموت فإنهم يفقدون الإنسان الأقرب إليهم تماما كما يفقد أعمامُهم أو أخوالُهم أقرب شخص إليهم.
قال الله تعالى: {للرِّجَال نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا} (النساء، 4 / 7).
أضف تعليقا