السؤال: ما حكم قراءة القرآن عبر مكبرات الصوت في المساجد قبل الأذان؟ وهل الاستماع للقراءة واجب يأثم الانسان بالاشتغال عنه؟
الجواب: قراءة القرآن عبر مكبرات الصوت قبل الأذان من البدع المنكرة؛ فهي زيادة في التشريع حيث لم يشرع سوى الأذان للدعوة إلى الصلاة، ثم إن فيها من التشويش والإزعاج الكثير سواء للمصلين أو قارئي القرآن أو الذاكرين أو ذوي الأعذار في البيوت. عدا أنها لا تنطوي على أي فائدة.
أما الإستماع لهذه القرآة فلا يجب على اعتبار أنها عمل غير مشروع أصلا. وقد روى الإمام مالك رحمه الله أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال: “إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه به ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن”[1].
وعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: اعتكف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: “ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة، أو قال في الصلاة”[2].
وأما قوله تعالى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (الأعراف،204)، فقد قيل نزلت في الصلاة خاصة، وهذا يدل على أن الإستماع لقراءة القرآن يكون واجباً حال قراءة الإمام للقرآن في الصلاة.
وللآية معنى آخر وهو إذا تُلي عليكم القرآن فاستمعوا له وأنصتوا بمعنى أطيعوا بما يأمر به وانتهوا عما ينهى عنه. وعند قراءة الآية السابقة يترجح لدينا هذا المعنى {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (الأعراف، 203) فالمشركون يختلقون الذرائع للتحلل من واجب الانصات لأوامر الله تعالى. لكن النبي صلى الله عليه وسلم يؤكد لهم أنه متبع وليس مبتدعا، وأن هذا القرآن الذي نزل عليه فيه الدليل والبرهان والهدى والرحمة. وفي الآية التالية يأمر الله تعالى المؤمنين بالاستماع والانصات لما يوحى إلى الرسول من الكتاب. وليس المقصود مجرد الاستماع، بل العمل بما فيه من الأحكام والاعتبار بما فيه من الوعظ والتذكير.
فالآية تأمر المؤمنين بالإستماع لما ينزل على الرسول من آيات القرآن وأن لا يلجؤوا لذرائع المشركين في رفض الاستماع إليه. قال الله تعالى في وصف المؤمنين {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (النور، 51).
أضف تعليقا