السؤال: كثير من أئمة المساجد يحرصون على التدريس قبل أذان الجمعة، ويلقى هذا الأمر قبولا لدى عامة الناس لدرجة أنه إذا تغيب الامام مرة افتقدوه وبدؤوا يبحثون عنه أو عن بديل عنه، وكأن الأمر ملزم شرعا أرجو أن توضحوا لنا المسألة.
الجواب: قال الله تعالى مخاطبا جموع المؤمنين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (الجمعة، 9) فقد أُمر الناس بالسعي لصلاة الجمعة لغاية ذكر الله تعالى. وذكر الله تعالى يكون بالاستماع للخطبة والصلاة جماعة، ومن يأتي مبكرا يمكنه قراءة القرآن والتسبيح.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة في تطبيق مفهوم السعي الى ذكر الله تعالى ويظهر ذلك مما رواه نافع (أن ابن عمر رضي الله عنه كان يغدو إلى المسجد يوم الجمعة فيصلي ركعات وقال: هكذا كان يفعل رسول الله)[1]
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى)[2] ولم يكن يتكلم الامام يوم الجمعة إلا بالخطبة المشروعة. ولم يرو عنه صلى الله عليه وسلم أنه ألقى الدرس قبل الأذان.
فالدروس التي تعقد قبل صلاة الجمعة مخالفة لما كان عليه الأمر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أصحابه رضي الله عنهم، ولو كانت خيرا لفعله النبي ولتبعه أصحابه، ولا يصح الاجتهاد في أمور العبادات لأنها توقيفية.
وقد روى أبو داود بسنده ما يفيد النهي عن عقد حلقات الدرس قبل صلاة الجمعة (نهى الرسول عليه الصلاة والسلام … عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة)[3]
ويتذرع بعض أئمة المساجد أنهم يفعلون ذلك مستغلين اجتماع الناس يوم الجمعة؛ فهي فرصة لتعليمهم أمور الدين، وهذه الحجة غير مقبولة لأن الخير فيما أمر به الله تعالى؛ فتفرغ الناس للذكر كما أمر الله تعالى خير من استماعهم للدرس كما اعتاد على ذلك الناس.
ويتذرع آخرون بأنهم يلقون الدرس خوفا من ردة فعل الناس لو امتنعوا عن الالقاء. والأصل أن على الامام بيان الحق واتباعه وليس الانقياد للرغبات المخالفة للشرع .
أضف تعليقا