السؤال: في سنة 2008 قمت باعطاء احد اقاربي مبلغا من المال وقدره (4 ملايين) دينار عراقي كدين على ان يؤديها لي باقرب وقت وهو موظف واهله من الاغنياء جدا وكلما طالبته بالمال ماطل ودائما يقول نعم ساحضره لكِ ولا يحضره. والى الان لم استلم دينار واحد منه _ وقد استعنت باحد اقاربنا وقال انه سوف ياتي بالمال من المماطل ومعه غرامة لان المال في سنة 2008 تختلف قيمته عن سنة 2014 وهذا حال العراق والتضخم المالي الذي يحصل فيه سنة بعد سنة اقصد ان قيمة المال تغيرت _ سؤالي من حضراتكم : هل يحق لي ان اخذ منه غرامة لتاخيره دفع الدين؟؟؟ علما انه تسبب لي بمشاكل عديدة وانا الان محتاجة جدا لنقودي وهو ينكرها ولايريد الايفاء بالدين وال (4ملايين) الان ليس لها قيمة بقدر قيمتها في سنة 2008 فكيف يتم حساب قيمة المال؟؟؟ افيدوني بارك الله فيكم
الجواب: القرض الحسن من الأعمال الصالحة التي حث الاسلام عليها، وهو من أبواب تفريج الكرب عن المسلم. ولا شك أن الاسلام لا يقبل أن يتضرر المُقرض فيحجم الناس عن الاقراض فيضيع مقصود الشرع من الحث عليه.
الفتوى السائدة في مثل حالتك أنه لا يصح لك أن تأخذي منه أكثر من (4 ملايين) دينار عراقي، فقد جاء في قرار مَجمَع الفقه الإسلامي رقم 4 الصادِر في سنة 1988 ما يلي : ” العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي أن تُقضَى بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة أيا كان مصدرُها بمستوى الأسعار “.
ونحن نرى أن هذا القرار خطأ، وصوابه أن يكون كالتالي : “العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي أن تُقضى بالقيمة لتحقيق المماثلة لأن الديون تقضى بأمثالها ولا مِعيارَ لها إلا قوةُ الشراء فيجب ربط الديون الثابتة في الذمة أيا كان مصدرها بمستوى الأسعار”.
ونستدل على صحة وضرورة تقدير الديون الثابتة بالعملة الورقية بقوتها الشرائية بما يلي :
أ- بقوله تعالى “يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل” (النساء، 4) فالمدين المماطل الذي قضى دينه دون اعتبار الانخفاض في القدرة الشرائية للعملة يكون قد أكل مال الدائن بالباطل بقدر ما انخفض من قيمة تلك العلمة وظلم دائنه .
ب- وبقوله تعالى “وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ” (البقرة، 279) لا تظلمون (بأخذ الزيادة) ولا تظلمون (بالمطل والنقصان). إن الطريق الوحيد لقضاء الديون الثابتة بالعملات الورقية دون زيادة أو نقصان هو النظر إلى قيمة العملة الورقية، فتتحقق حينئذٍ المماثلةُ بين قيمتي العملتين المستقرَضة والمدفوعة. ومن هنا وَجَب أن تُعدَّل القوانينُ المتعلقة بالعملات الورقية في العالم كله، وأن يُقرَّر ربطُ معاملات الأوراق النقدية بالقوة الشرائية التي تمثلها وليس بالرقم المكتوب عليها. فعندئذ يُحال دون المظالم التي تُرتكب بواسطتها إلى حد كبير .
ت- قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا ضرر ولا ضرار”، فإن وفاء الدين بالمبلغ المستدان ذاتِه على الرغم من انخفاض القوة الشرائية للعملة يضر الدائن .
ث- دليل المصلحة : إن في دفع القيمة المفقودة للعملة مصلحةً عامة تجب رعايتها وإلا فلا يقرض الناسُ بعضُهم بعضا. هذا من جانب، ومن جانب آخرَ فقد يحاول بعضُ المدينين أن يؤخروا الدفع ما أمكنهم ذلك ليستفيدوا من القيمة المفقودة للعملة بقدر أكبر. ومما لا يشك فيه أحد أن مساعدة المحتاجين بإقراضهم قروضا لا ربوية من الأعمال الخيرية التي يجب حث الناس عليها لأنها مصلحة عامة، وأن المماطلة بالدين دون سبب مشروع من الأعمال الضارة التي تجب الحيلولة دون وقوعها لكونها من المفاسد .
وبناء على ما سبق يجب عليه رد القيمة التي كانت عليها 4 ملايين دينار عام 2008، ولا يصح لك المطالبة بأكثر من ذلك فيكون ربا، وربما تستعينان بأهل الخبرة لتقدير القيمة كي لا تختلفا، فهناك من الطرق التي يمكن من خلالها التوصل لمثل هذا التقدير.
أضف تعليقا