قال الله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (لقمان، 14) ذُكر في الآية وصية الله تعالى بالوالدين، وتذكير الأولاد بما بذلته أمهاتهم من جهد في سبيلهم. ولا شك أن سبب ذكر جهد الأم وابرازه هو ما تحملته من أعباء الحمل والولادة والرضاع والرعاية.
وتتكرر تلك الوصية في قوله تعالى {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (الأحقاف، 15).
وفي الآيتين إبراز لجهد الأم وجهادها مع أولادها، حيث لا ينتهي جهد الأم بالحمل والوضع والأرضاع، بل يستمر ما دامت قيد الحياة. ولا يوجد إنسان لا يحتاج إلى شفقة أمه ورأفتها وإن تقدم به العمر. حيث أودع الله في قلوب الأمهات من الحنو والعطف على أولادهنّ ما لا يعلم حقيقته سوى اللطيف الخبير. لذلك لما “جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قَالَ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أَبُوكَ”[1]
رحم الله أمي وأمهات المؤمنين أحياء وأمواتا وأدخلها الفردوس الأعلى من الجنة.