حبل الله
التوبة من الزنا وما دونه

التوبة من الزنا وما دونه

السؤال: أستغفر الله العظيم. لقد حدث بيني وبين خطيبي علاقة من فوق الملابس مرة واحدة ولم أكررها أبدا، وقد تبت إلى الله وندمت على ما فعلت وأخذت على نفسي العهد بعدم العودة لمثل هذا الفعل. فهل هذا يعتبر زنا؟ أرجو الإفادة .وهل سيقبل الله توبتى؟ هل سأدخل النار؟ ثم تركنى وتقدم لي شخص للزواج فماذا أفعل؟ وهل فعلا إذا تزوجت سأتزوج شخص زانٍ؟

الجواب:

الزنا هو حصول العلاقة الكاملة بين رجل وامرأة ليس بينهما عقد نكاح، أما ما دون العلاقة الكاملة كالذي ذكرت في سؤالك فلا يعد زنا وإنما هو الاقتراب من الزنا الذي نهى الله تعالى عنه بقوله:

 {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} (الإسراء، 32)

وإن كان بين الخاطبين عقد وحصل بينهما علاقة تامة فلا يعدُّ زنا كذلك، بالرغم من مخالفته لما جرى عليه العرف، فالعرف يحصر العلاقة الجنسية بما بعد الزفاف. وهذا العرف معتبر شرعا لأن فيه تمام صورة العقد وعليه يتوقف قبول الأولياء، كما أن فيه حفظ حقوق الزوجين والمرأة على وجه الخصوص.

أما قبول التوبة، فاعلمي أن الله تعالى يقبل التوبة النصوح، ولا يرد تائبا عن بابه سبحانه حيث يقول:

{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (طه، 82)

ومَن قَبِلَ اللهُ توبته فلا يعذبه، بل يبدل الله سيئاته حسنات. قال تعالى:

{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (الفرقان، 70)

جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إني عالجت امرأة في أقصى المدينة، وإني أصبت منها ما دون أن أمسها، فأنا هذا، فاقض في ما شئت، فقال له عمر: لقد سترك الله، لو سترت نفسك، قال: فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، فقام الرجل فانطلق، فأتبعه النبي صلى الله عليه وسلم رجلا دعاه، وتلا عليه هذه الآية: {أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل، إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين} [هود: 114] فقال رجل من القوم: يا نبي الله هذا له خاصة؟ قال: «بل للناس كافة» [1]

والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ولا يجازى به في الدنيا ولا في الآخرة، ومن وقع في الزنا ثم تاب توبة صادقة فإنه لا يطلق عليه أنه زان، ولن يبحث عن زان ليتزوج منه، لأن الآية تقرر أن الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة[2] أما المؤمن والمؤمنة فهم بعيدون عن ذلك ومبرؤون منه بإذن الله تعالى.

 


[1]  صحيح مسلم، باب قوله تعالى: {إن الحسنات يذهبن السيئات} 42 – (2763) وأخرجه أبو يعلى (5389) ، والطبري في “التفسير” (18669) ، وابن خزيمة (313) وابن حبان (1730) وأبو داود (4468) ، والترمذي (3112) ، والطبري في “التفسير” (18668) ، والبيهقي في “السنن ” 8/241، وفي “الشعب ” (7084) ، والواحدي في “أسباب النزول ” ص 268

[2]  قال الله تعالى {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} (النور، 3) فلا يمكن لمن تاب من الزنا أن يبحث عن زانية ليزوج منها كما لا يمكن لمن تابت من الزنا أن تقبل بزان لتتزوج منه.

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.