السؤال: أسلمت حديثا وأعيش مع أبي وأمي في نفس البيت وقد دعوتهما الى الاسلام فلم يستجيبا. وما زال في قلبي حب لهما. هل آثم بسبب هذا الحب، وهل يجب علي أن أهاجر إلى بلد مسلم.
الجواب: ثبتك الله تعالى على دينه وأعانك على حمل الأمانة. لقد قمت حقا بواجبك تجاه والديك عندما دعوتهما إلى الاسلام، وهم أحق الناس بالدعوة، ولعل الله تعالى أن يهديهما قبل وفاتها. وما عليك سوى أن تحسن صحبتهما لقوله تعالى في شأن الأبوين المشركين: {وصاحبهما في الدّنيا معروفًا} (لقمان، 15) وهذا من واجب برهم والإحسان إليهم
أما حب الأبوين فهو أمر فطري لا يخضع للأمر والنهي، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبُّ بعضا من أقاربه المشركين لذا قال الله تعالى لنبيه {إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ الله يهدي من يشاء} (القصص، 56). والمرفوض هو موالاتهم على ما هم عليه من كفر لأن ذلك مناقض لحقيقة الإيمان {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (التوبة، 23) فالموالاة غير البر والإحسان؛ إذ لا تجوز الموالاة إلا مع المؤمن بينما يجوز البر والاحسان مع المؤمن وغيره.
ولا تجب الهجرة من بلادك إلا إذا استحال عيشك فيها كمسلم، وما نعلمه أن غالبية البلدان غير المسلمة تتمتع بقدر كبير من الحرية الدينية مما يتيح للمسلم أن يمارس حياته فيها بشكل طبيعي، ولا ينقطع احتمال أن يضطهد المسلم في دينه ويتعرض للفتنة فعندها عليه أن يهاجر كما يقول الله تعالى في كتابه: {إنّ الّذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنّا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعةً فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنّم وساءت مصيرًا إلاّ المستضعفين من الرّجال والنّساء والولدان لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلاً } (النساء، 97 – 98) فمن استطاع الهجرة فعليه ان يهاجر ومن كان ضعيفا لا يستطيع الهجرة فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وعليه أن يمتثل قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (البقرة، 153) .
أضف تعليقا