السؤال: هل یعدُّ إعفاء اللحیه من الأشیاء التي یجب توافرها في المسلم ؟
الجواب: لم يرد في كتاب الله تعالى أمر للرجال بإعفاء اللحية أو نهي عن حلقها، ولا شك أن إعفاءها مواتٍ للطبيعة التي خلق الله الرجال عليها، لذا عدها النبي صلى الله عليه وسلم من سنن الفطرة، أي أصل الخلقة التي حافظ عليها النبيون من قبله. وقد أعفى النبي لحيته حفاظا على الفطرة، وكذا أصحابه رضي الله عنهم، وقد ورد عنه أنه قال: “قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين”[1] وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “وفروا اللحى وقصوا الشوارب خالفوا المشركين”[2] وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس”[3]
يظهر من خلال الأحاديث الدعوة الى إعفاء اللحية وتقصير الشارب. ولا يستقيم القول بتحريم حلق الحية نظرا للأحاديث الواردة في ذلك؛ لأن الأمر بإعفاء اللحية مُخالفة للمُشركين لا يتعيَّن أن يكون الأمر للوُجوب، فلو كانت كلُّ مُخالفةٍ لهم مُحتَّمة لتحتَّم _مثلا_ صبْغ الشعر الذي وَرَدَ فيه حديث الجماعة: “إن اليهود والنصارى لا يَصبغون فخَالِفُوهم”[4]. ولم يقل أحد بوُجوب صبْغ الشعر، فقد صبَغ بعض الصحابة، ولم يصبغ البعض الآخر ويؤيد ذلك ما جاء في كتاب نهج البلاغة : سُئل عليٌّ ـ كرَّم الله وجهه عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “غيِّروا الشَّيْبَ ولا تَشَبَّهُوا باليهود”. فقال: إنما قال النبي ذلك والدِّينُ قُلٌّ، فأما الآن وقد اتَّسع نطاقه، وضرب بجرانه فامرؤٌ وما يَختار.
وعلى هذا يحمل قول النبي صلى الله عليه وسلم على الندب والارشاد لا على الوجوب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يحلل ولا يحرم إلا بما أوحي إليه في كتاب الله تعالى، ولم نجد في كتاب الله ما يسعف القائلين بوجوب إعفاء اللحية وتحريم حلقها. وما احتجوا به من الآيات لا يستقيم مثل قوله تعالى ناقلا توعد الشيطان {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} (النساء، 119) لأنه لو كان حلق اللحية من قبيل تغيير خلق الله لكان حلق شعر الرأس كذلك ولم يقل بهذا أحد، فيكون تغيير الخلق ذا دلالة أعمق بكثير مما ذهبوا إليه كتغيير الجنس وأشباه ذلك.
وقد بين النبي العلة التي بنى عليها دعوته لإعفاء اللحى وهو مخالفة المشركين والمجوس، ومن هنا نفهم أن دعوة النبي كانت محكومة بظروف آنية. والحق أن مخالفة اليهود وأهل الأديان الأخرى ليس هدفا للتشريع الحنيف بل إن القرآن الكريم جاء مصدقا لما أنزل الله من الكتاب كله.
ومن الصواب أن يقال في اللحية ما يقال في صبغ الشعر حيث تحكم الأعراف والعادات تصرفات الناس في هذه المسائل. فمن أعفى لحيته التزاما بالهدي النبوي فانعم به، ومن رأى غير ذلك فقد فعل خلاف الأولى ولا تثريب عليه إن شاء الله تعالى.
[1] مسند أحمد بن حنبل (2/229)
[2] صحيح البخاري اللباس (5892) ، صحيح مسلم الطهارة (259) ، سنن الترمذي الأدب (2764) ، سنن أبو داود الترجل (4199)
[3] صحيح مسلم الطهارة (260) ، مسند أحمد بن حنبل (2/366) .
[4] أخرجه البخاري (5899) ، ومسلم (2103) (80) ، وأبو داود (4203) ، وابن ماجه (3621) ، والنسائي 8/185، وأبو يعلى (5957) و (6003)
من مجموع الروايات يحصل عندنا خمس روايات اعفوا، وأوفوا وأرخوا و ارجوا ووفروا ومعناها جميعاً الأمر بترك اللحية على حالها وتكثيرها وحيث أن كل هذه الأفعال أفعال أمر والأمر في الشريعة يُخذ للوجوب ما لم يأت نص أخر يحوله عن سابقه فالأوامر هنا للوجوب
ومن القران {قال يبنؤم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي (94)
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن هارون قال لأخيه موسى { يابنؤم لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي وذلك يدل على أنه لشدة غضبه أراد أن يمسك برأسه ولحيته وقد بين تعالى في الأعراف أنه أخذ برأسه يجره إليه وذلك في قوله : { وَأَلْقَى الألواح وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ [ الأعراف : 150 ] وقوله { وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ** من بقية كلام هارون أي خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل وأن تقول لي لم ترقب قولي أي لم تعمل بوصيتي وتمتثل أمري
هذه الآية الكريمة بضميمة آية الأنعام إليها تدل على لزوم إعفاء اللحية فهي دليل قرآني على إعفاء اللحية وعدم حلقها وآية الأنعام المذكورة هي قوله تعالى : { وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وموسى وَهَارُونَ [ الأنعام : 84 ] الآية ثم إنه تعالى قال بعد أن عد الأنبياء الكرام المذكورين { أولئك الذين هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقتده ** [ الأنعام : 90 ] فدل ذلك على أن هارون من الأنبياء الذين أمر نبينا صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم وأمره صلى الله عليه وسلم بذلك أمر لنا لأن أمر القدوة أمر لأتباعه وأنه ثبت في صحيح البخاري أن مجاهداً سأل ابن عباس من أين أخذت السجدة في ” ص قال أو ما تقرأ { وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ ** [ الأنعام : 84 ] { أولئك الذين هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقتده [ الأنعام : 90 ] فسجدها داود فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا علمت بذلك أن هارون من الأنبياء الذين أمر نبينا صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم في سورة الأنعام وعلمت أن أمره أمر لنا لأن لنا فيه الأسوة الحسنة وعلمت أن هارون كان موفراً شعر لحيته بدليل قلوه لأخيه : { لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي ** لأنه لو كان حالقاً لما أراد أخوه الأخذ بلحيته تبين لك من ذلك بإيضاح أن إعفاء اللحية من السمت الذي أمرنا به في القرآن العظيم وأنه كان سمت الرسل الكرام صلوات الله وسلامه عليهم
فقد نقل الإمام بن حزم الأندلسي في {المحلّى} الإجماع على حرمة حلق اللحى و قص الشارب ..و قد حكى الإجماع على ذلك العلامة الشنقيطي فى شرح سنن الترمذىوأنت تعلم الحديث القائل .. { لا تجتمع أمتي على ضلالة} و المقصود هنا علماء أمتي .. والذي نقل بن حزم عنهم الإجماع….أما إذا أردت أقوال أصحاب المذاهب الأربعة ..مالك و الشافعي و بن حنبل و أبوحنيفة ..فإن أصحاب المذاهب الأربعة قد أجمعوا على حرمة حلقها..
وإنظر أقوال العلماء فيها..قال الحافظ ابن حجر في “فتح الباري شرح صحيح البخاري”: حقيقة الإعفاء الترك وترك التعرض لها أي اللحية، ويستلزم تكثيرها، وقال أيضاً: وفروا بتشديد الفاء من التوفير وهو الإبقاء، أي اتركوها وافرة، وإعفاء اللحية تركها على حالها .
الشـافعية: قال الإمام الشافعي في كتابه “الأم”: يحرم حلق اللحية. وكذلك نص الزركشي وأستاذه القفال الشاشي، على حرمة حلق اللحية، وكذلك الإمام النووي نص على حرمة حلق اللحية والأخذ منها .
المالكية: قد نص الإمام مالك كما نُقِل ذلك في المسير على خليل: على حرمة حلق اللحية وتقصيرها، وقال ابن عبد البر في “التمهيد”: يحرم حلق اللحية ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال .
الحنفية: قال ابن عابدين في “الدر المختار”: يحرم حلق اللحية وأما الأخذ منها وهي دون القبضة كما يفعله المغاربة ومخنثة الرجال فلم يبحه أحد، وأخذها كلها فعل يهود الهنود ومجوس الأعاجم .
الحنابلة: قال السفاريني في “غذاء الألباب”: والمعتمد في المذهب بحرمة حلق اللحية ونص في الإقناع على ذلك، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في “الاختيارات العلمية”: يحرم حلق اللحية، والأخذ من طولها ومن عرضها .
الظاهرية: نقل الإمام أبو محمد بن حزم في “المُحلّى” الإجماع على أن قصّ الشارب وإعفاء اللحية فرض .وقال شيخ الإسلام بن تيمية في شرح العمدة ( فأما حلقها فمثل حلق المرأة رأسها وأشد لأنه من المثلة المنهي عنها وهي محرمة) وقال أيضاً في الفتاوى الكبرى ( ويحرم حلق اللحية ويجب الختان) انتهى
قال الغزالي في “إحياء علوم الدين” الجزء الثاني: ونتف الفنكين بدعة، وهما جانبا العنفقه، وشهد عند عمر بن عبد العزيز رجل كان ينتف فنكيه فرد شهادته، ونقل أيضاً عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وابن أبي يعلى قاضي المدينة انه رد شهادة من كان ينتف لحيته .
ونقل العدوي عن الإمام مالك، كما في “حاشية العدوي على الرسالة” أنه قال: حلق ما تحت الحنك فعل المجوس .
وقال المباركفوري في “تحفة الاحوذي شرح سنن الترمذي”: يحرم حلقها أو تقصيرها.
قال الإمام النووي في شرح مسلم: والرأي المعتمد والذي عليه الأدلة عدم التعرض للحية لا من طولها ولا من عرضها وتركها على حالها، وقال في موضع آخر، واللحية زينة الرجال ومن تمام الخلق وبها ميز الله الرجال والنساء ومن علامات الكمال، ونتفها أول نباتها تشبه بالمرد وكذلك قصها أو حلقها من المنكرات الكبار. انتهى .
وقال القرطبي في الأحكام: لا يجوز، أي اللحية حلقها ولا نتفها ولا قصها
وقال الإمام المحقق ابن القيم، في “التبيان في أقسام القرآن”: وأما شعر اللحية ففيه منافع منها الزينة والوقار والهيبة، ولهذا لا يرى على الصبيان والنساء من الهيبة والوقار ما يُرى على ذوى اللحى. ثم قال في موضع آخر: ثم تأمل إذا بلغ الرجل والمرأة اشتركا في نبات العانة وشعر الإبط ثم ينفرد الرجل عن المرأة باللحية، فإن الله عز وجل جعل الرجل قيماً على المرأة، وميزه عليها بما له من المهابة والعقل والوقار، ومنعت المرأة من ذلك لكمال الاستمتاع بها لتبقى نضارة وجهها وحسنها لا يشينه الشعر وقال العلامة ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن في كلامه على حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( عشر من الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية ) الحديث- ما نصه: (وأما إعفاء اللحية فهو إرسالها وتوفيرها. كره لنا أن نقصها كفعل بعض الأعاجم وكان من زي آل كسرى قص اللحى وتوفير الشوارب، فندب صلى الله عليه وسلم أمته إلى مخالفتهم في الزي والهيئة..) اهـ.وقال العلامة ابن مفلح رحمه الله في الفروع ما نصه: (ويحرم حلقها- يعني اللحية- ذكره شيخنا- يعني شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله-). وقال أيضا: (وذكر ابن حزم الإجماع أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض). انتهىوقال الحطاب المالكي في شرح خليل ( وحلق اللحية لا يجوز وكذلك الشارب وهو مثلة وبدعة ويؤدب من حلق لحيته أو شاربه إلا أن يريد الإحرام بالحج ويخشى طول شاربه) انتهى. ومراد الحطاب وغيره من المالكية بحلق الشارب المحرم هو استئصاله، وليس مجرد تقصيره، فإن ذلك مطلوب شرعاً بإجماع العلماءوقال ابن عابدين الحنفي في رد المحتار ( يحمل الإعفاء على إعفائها عن أن يأخذ غالبها أو كلها كما هو فعل مجوس الأعاجم من حلق لحاهم ويؤيده ما في مسلم عن أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم ( جزوا الشوارب واعفوا اللحى خالفوا المجوس) فهذه الجملة واقعة موقع التعليل وأما الأخذ منها وهي دون ذلك كما يفعله بعض المغرب ومخنثة الرجال فلم يبحه أحد) انتهى وقال الإمام ابن عبد البر في التمهيد (يحرم حلق اللحية ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال) يعني بذلك المتشبهين بالنساء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم كثيف شعر اللحية ـ رواه مسلم عن جابر، وفي رواية كثيف اللحية، وفي أخرى كث اللحية والمعنى واحد
من أقوال العلامة الشنقيطي: إن إطلاق و إرخاء اللحى سنة من سنن الأنبياء عليهم السلام وسمة من سمات العرب وهي من اعظم الفوارق الحسية بين الرجل والمرأة وكان الرسول صلى الله عليه وسلم كث اللحية، عظيم اللحية، وهو من أجمل الخلق وأحسنهم صورة، والجدير بالذكر أن الرجال الذين فتحوا السند والهند وفارس والأندلس وبيزنطا، و … لم يكن فيهم حليق، وكانوا أشد الناس تشبهاً واقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم .
قال العلامة السبكي، في كتابه “المنهل العذب المورود شرح سنن أبو داوود”: فلذلك كان حلق اللحية محرماً عند أئمة المسلمين المجتهدين كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم. وقال أيضا: قد تساهل في هذا الزمان كثيراً من المتعلمين فحلقوا لحاهم ووفروا شواربهم، وتشبه جماعة منهم بالكافرين فحلقوا أطراف الشوارب ووفّروا ما تحت الأنف واغتر بهم كثير من الجاهلين وقلدوهم .
قال الشيخ على محفوظ، في كتابه “الإبداع في مضار الابتداع”: اتفق أهل المذاهب الأربعة وغيرهم من الأئمة على حرمة حلق اللحية والأخذ منها، وهذه من أسوأ العادات التي انتشرت بين الناس حتى استحسنوا عادات الكفار واستقبحوا واستهجنوا سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم .
قال الشيخ أبو بكر الجزائري، المدرس في المسجد النبوي: أما اللحية فيوفرها حتى تملأ وجهه وترويه ويحرم حلقها أو الأخذ منها .
قال العلامة ابن باز، في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء : ولا يجوز حلق اللحية أو الأخذ منها والأدلة على ذلك كثيرة، ولا يجوز إجبار العسكريين على حلق لحاهم، وإن من يجبرهم فعليه الذنب والإثم .
قال المحدث الألباني، بعد أن ساق أدلة وجوب إعفاء اللحية من الكتاب والسنة: ومما لاشك فيه عند من سلمت فطرته وحسنت طويته وكان محباً لله ورسوله، أن يدرك من الأدلة السابقة وجوب إعفاء اللحية وحرمة حلقها والأخذ منها دون القبضة .قال العلامة ابن العثيمين حلق اللحية محرم لأنه معصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « أعفوا اللحى وحفوا الشوارب » ولأنه خروج عن هدي المرسلين إلى هدي المجوس والمشركين،وقد وجه سؤال إلى اللجنة الدائمة للإفتاء برقم 1140 ونصه: رجل حالق لحيته خطب في الجامع هل ترون أن نصلي وراءه؟ فأجابت اللجنة: حلق اللحية حرام، والإصرار على حلقها من الكبائر فيجب نصح حالقها والإنكار عليه، وعلى هذا إذا كان إماما لمسجد ولم ينتصح وجب عزله ولم تحدث فتنة وإلا وجبت الصلاة وراء غيره من أهل الصلاح والتقوى على من تيسر له ذلك، زجراً له وإنكارا لما هو علي .
وقال الشيخ الشعراوي، في جريدة “الحقيقة” : اللحية فرض والرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك وأقول لبعض الناس، والمشايخ “” العلماء”” ألا يتسرعوا ويقولوا إن اللحية ليست فرض فيرتكبوا إثما كبيرا، ولكن فليقل إنها فرض ولا أقدر على إطلاقها، فيكونوا عاصين بدلا من أن يكونوا كافرين بالحكم وهذا يوردهم موارد الهلاك .
وقال شيخ الأزهر جاد الحق: إن الفقهاء اعتبروا التعدي بإتلاف شعر اللحية حتى لا ينبت جناية تستوجب الدية كاملة، ولا خلاف بين الفقهاء في حرمة حلقها. وفى فتوى خاصة بالعسكريين قال: لا يجوز أن يتم إجبار المجندين على حلق لحاهم إن هم أرادوا ذلك امتثالاً لأوامر المصطفى صلى الله عليه وسلم .و خلاصة قول العلماء أن اللحية فرض أثم من حلقها وقد حكى الإجماع على ذلك ابن حزم والشنقيطي، وما ذكره بعضهم من الخلاف، فهو خلاف ضعيف جداً، ولا يعتد به.وليس كل خلاف جاء معتبراً *** إلا خلاف له حظ من النظر
وليس حلق اللحية من الكبائر ، إلا أن يواظب عليه صاحبه ، لقول ابن عباس رصي الله عنهما : لاصغيرة مع الإصرار. فالإصرار على الصغيرة يلحقها بالكبائر ، والواجب : التوبة والإقلاع عن الذنوب كلها صغيرها وكيبرها ، وكما قيل : لاتنظر إلى صغر الذنب وانظر إلى عظمة من عصيت.وقد ألف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في هذه المسألة كتابا جليلا عظيم الفائدة سماه: (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم)، وذكر فيه من الآيات والأحاديث والآثار وكلام أهل العلم ما يدل على أن الشرع المطهر جاء بالنهي عن مشابهة الكفار والأمر بمخالفتهم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذ عبدالعزيز ورد في موقعكم كلام عن اللحية وأنه من حلقها لا تثريب عليه ومن اعفاها فقد وافق هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم
وهناك أقوال كثيرة في تحريم حلقها كالائمة الأربعة ومنهم من وصف حالق اللحية بأنه لا يفعله الا المخنث وذا قاله ابن عبد البر فأرجوا منكم رد وتفصيل بهذه المسأله .
وقد ورد ردود من قبل بعض زوار الموقع لم يتم الرد عليها .
افيدونا جزاكم الله خيرا
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نعم هناك روايات كثيرة في مسألة إعفاء اللحية، وإذا أخذنا بمبدأ الأخذ بالحديث مجردا عن القرآن فإن المفهوم من جملة الأحاديث وجوب الإعفاء. لكنه لا ينبغي الأخذ بالحديث مجردا عن القرآن بل لا بد أن يكون في القرآن ما يؤيد الحديث، لأن الروابات ثابتة بالظن فإذا لم يقترن ظن الرواية بيقين الكتاب أورث الشبهة فيها، ولا يصح إثبات حكم شرعي بشبهة رواية حتى لو كانت صحيحة السند، إذ إن الحكم بصحة السند كان نتيجة جهد بشري قابل للصواب والخطأ.
ومع ذلك لا نقول بأن حلق اللحية أولى من إعفائها بل إعفاؤها أولى، ليس لأن ذلك فريضة بل لأنه فطرة ولأن الأنبياء والصالحين من أتباعهم أعفوا اللحى. أما القول بالإيجاب فيحتاج دليلا من القرآن الكريم صريحا أو ضمنيا.