السؤال: أنا مصاب بالوسواس الديني، ابتداء من الوضوء وانتهاء في الاعتقاد، تطاردني الأفكار السيئة والوساوس لدرجة التفكير في الخروج من الدين، أحاول أن أنقظ نفسي من هذه الوساوس لكني لا أستطيع. أرجو منكم التكرم ببعض التوجيهات التي ربما تنقذني مما أنا فيه. وبارك الله فيكم.
الجواب: في البداية عليك أن تعلم أن ما يراودك من أفكار ووساوس هو من فعل الشيطان وفساده. وقد أورد القرآن الكريم وعد الشيطان بإضلال بني آدم حتى آخر نفس لهم في هذه الحياة.
قال الله تعالى {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ.
قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ؟
قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ.
قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ.
قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ.
قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ.
قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ. ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ.
قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ} (الأعراف، 11_18)
كما يظهر من الآيات فإن أبانا آدم عليه السلام لم يسلم من وسوسة الشيطان وكيده. وأعلم أن الشيطان لا يجهد نفسه مع من يسلكون مسالكه، فهم لا يحتاجون جهده، وإنما يقعد على صراط الله تعالى ليصد المؤمنين عنه، كما وعد بقوله {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}.
فوسوته لا تنفك عن ابن آدم، لكنها تضعف كلما استمسك بدينه وقويت ثقته بربه سبحانه، حتى إنه ليصل إلى درجة اليأس، ولا يعني هذا أنّ الانسان قد يصل إلى الحصانة المطلقة من كيد الشيطان، فهذا متعذر، لكن الشيطان ليضعف عن الإقتراب ممن حصن نفسه بذكر الله تعالى وانشغل بما يفيده في الدنيا والآخرة.
والقرآن الكريم يسرد علينا كيف نواجه وساوس الشيطان بقوله تعالى {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} (الأعراف، 201) فالإستعاذة بالله من الشيطان الرجيم الخطوة الأولى في إبعاد وساوس الشيطان، ثم يكون التحصين في تذكر الله وعظمته، فبعد الأمر بالاستعاذة جاء أمر الله تعالى في ذات السياق بقوله تعالى {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} (الأعراف، 205)
وذكر الله تعالى يكون بأداء العبادات وخاصة الصلاة في وقتها ومع الجماعة، كما تكون بقراءة القرآن وتدبره؛ لأنه ذكر، وننصح بالإكثار من قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين.
أضف تعليقا