السؤال: السائد في الفرق بين النبي والرسول أن النبي هو من لم يتلق كتابا جديدا، بل يحكم بشريعة رسول قبله ، أما الرسول فهو الذي يتلقى كتابا جديدا، ولذلك يقال إن كلّ رسول نبي وليس كل نبي رسولا. لكني أقرأ في القرآن في وصف إسماعيل عليه السلام أنه "كان رسولا نبيا" بالرغم من أنه لم يؤت كتابا جديدا بل عمل بشريعة أبيه إبراهيم عليهم السلام. أريد من هيئة العلماء في مركزكم المبارك توضيح هذه المسألة ولكم جزيل الشكر.
الجواب: يستعمل القرآن الكريم كلمة الرسول لمن حمل رسالة وبلغها إلى الجهة المرسَل إليها كما يلي:
1_ الذي يحمل رسالة من شخص إلى آخر، (وهذا ليس له علاقة بتبليغ الدين). ومثل ذلك ما ورد في قوله تعالى {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ} (يوسف، 50) والرسول هنا هو الشخص الذي أرسله الملك إلى يوسف عليه السلام . وفي قوله تعالى {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} (النمل، 35) والمرسلون هم الذين بعثتهم بلقيس ملكة سبأ إلى مملكة سليمان عليه السلام .
2_ من يُبلغ رسالة النبي إلى أقوام آخرين، وهؤلاء الرسل ليسوا أنبياء وإنما مؤمنون بدعوة النبي كالصحابة والحواريين، وقد ورد ذكر أمثالهم في قوله تعالى {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ. إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ. قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ. قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ. وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (يس، 13_17)
3_ الملَك الرسول: وهو كل ملَك أرسله الله تعالى بمهمة معينة، كما ورد في قوله تعالى {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} (الأنعام،61) والرسل هنا هم الملائكة المكلفون بأرواح الناس. وفي قوله تعالى {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ} (العنكبوت، 31) يظهر أن مهمة الرسل الملائكة هي تبشير إبراهيم عليه السلام وإهلاك قوم لوط.
3_ النبي الرسول، وهو من اصطفاه الله تعالى بالوحي وتبليغ الرسالة . قال الله تعالى مخاطبا خاتم أنبيائه {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا. وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا. رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} (النساء، 163_165)
هناك أقوام لم يُبعث فيها نبي، لكن وصلتهم رسالة النبي عن طريق الرسل الذين ينطقون بلغتهم، ولك أن تتصور كيف وصلت رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى أقوام كثيرة لا تنطق العربية. لقد وصلتهم عن طريق الرسل الذين كان يرسلهم النبي إلى كل مكان استطاعوا الوصول إليه، ثم استمر ذلك في عصر الصحابة ومن بعدهم حتى يومنا هذا، وفي كل عصر هناك من يبلغ الرسالة لكل قوم بلسانهم. قال الله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (ابراهيم، 4)
إذا لم تصل الرسالة إلى قوم فإن الله تعالى لا يعذبهم. قال تعالى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء، 15)
وقد وصف الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم بأنه كان {رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (الأحزاب، 40) وقوله (خاتم النبيين) دون قوله (خاتم الرسل) مهم للغاية، لأنّ كلَّ من بلّغ رسالة الله هو رسول، والحاجة إلى تبليغها قائمة إلى قيام الساعة.
وبالرغم من إيراد القرآن لتوصيف {رَسُولًا نَبِيًّا} (مريم، 54) إلا أنه لم يورد (نبيا رسولا) لأنه من المسلَّم أن يكون النبي رسولا ، لكن من السائد جدا أن لا يكون الرسول نبيا.
لذلك يمكننا القول أنه كل نبي رسول وليس كل رسول نبيا.
وللمزيد حول الموضوع ننصح بقراءة مقالة (النبي والرسول) على الرابط التالي:
أضف تعليقا