الشفاعة
تأتي الشفاعة بمعنى طلب العفو من الله تعالى عن بعض المؤمنين يوم القيامة.
المريد – نحن نعيش في وئام تام مع الشيخ المحترم، ولعلنا قد نمسك بإزاره يوم القيامة، فلعله ينفعنا.
بايندر – تعنون أنه سيكون شفيعا لكم!
شيخ أفندي – ولم لا يكون ذلك؟ يقول الشيخ الكبير مصطفى عصمت غريب الله –وهو من كبار شيوخ الطريقة النقشبندية – قُدِّس سِرُّه في رسالته القدسية: “عود نفسك على الإستمداد من رجال السلسلة أي السلسلة النقشبندية إلى غاية أبي بكر رضي الله عنه. وكذا استعن برسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوسل بشفاعة شيخك فإنه سبب سعادتك”.
بايندر – من أين للشيخ الإذن بالشفاعة؟ من هذا الشيخ الذي فوض إليه أمر الشفاعة؟
إننا نقرأ آية الكرسي دبر كل صلاة فنقول: « مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ». ولو أنكم عملتم لتنالوا رضا الله لكان خيرا لكم من أن تستعينوا برجال السلسلة إلى غاية أبي بكر رضي الله عنه ممن لا يستجيب لكم إلى يوم القيامة، ثم تحاولون عبثا أن ترضوهم.
المريد – نحن نعمل كل شيء إرضاء لله تعالى، لأن الله تعالى يقول: « وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» (التوبة، 9/72).
بايندر – وهل ينال رضا الله من يعمل بما يسخط الله؟ إنكم لا تستعملون عقولكم ولا تأخذون بالقرآن، والحال أن الله قال: «وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ» (يونس، 10/100).
وأنصتوا إلى هذه الآيات وكأنها تخاطبكم: «قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ. وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ » (سبأ، 34/22-23). «وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ» (الأنعام، 6/51).
ولا يملك الشافعون أن يشفعوا إلا فيمن أذن الله تعالى أن يشفعوا فيه. قال تعالى: « يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ» (الأنبياء، 21/28).
أ – دفاع الشيخ عن مريده
المريد – ليس ترددنا على شيخنا المحترم إلا لاعتقادنا شفاعته فينا. وحالنا مثل من يوكل محاميا للدفاع عنه، فإنه في غالب الأحوال يربح قضيته، وإن لم يكن مجبرا على توكيله، وكذلك نحن مع شيخنا المحترم إذ هو محامينا.
بايندر – أوَ جعلتم الله الذي يعلم الغيب والشهادة مثل القاضي، وليس كمثله شيء وهو السميع البصير؟ قال تعالى: « يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ. وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ. وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ. لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ» (عبس، 80/34-37).
فإذا كان الحال هكذا يوم القيامة فكيف سيجد شيخكم فرصة ليحامي عنكم فينقذكم؟ عن خارجة بن زيد بن ثابت: “أن أم العلاء – امرأة من الأنصار بايعت النبي صلى الله عليه وسلم- أخبرته أنه اقتسم المهاجرون قرعة، فطار لنا عثمان بن مظعون فأنزلناه في أبياتنا فوجع وجعه الذي توفي فيه، فلما توفي وغسل وكفن في أثوابه دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: رحمة الله عليك أبا السائب! فشهادتي عليك لقد أكرمك الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وما يدريك أن الله قد أكرمه؟ فقلت: بأبي أنت يا رسول الله! فمن يكرمه الله؟ فقال: أما هو فقد جاءه اليقين. والله إني لأرجو له الخير، والله ما أدري –وأنا رسول الله– ما يفعل بي. قالت: فو الله لا أزكي أحدا بعده أبدا”.[1]
وأما أنتم فتصل بكم الجرأة إلى أن تدعوا دفاع شيخكم عنكم عند الله تعالى، بل ولا تشكون في دخوله الجنة.
وكأن الله تعالى –حاش لله – سينسى أمرا ما فيذكره به شيخكم، أو أن الله عز وجل سيخطئ في الحكم فيستدرك عليه شيخكم ليمنعه من الوقوع في الخطأ. فهل تبين لكم الآن عظم ما أنتم عليه من الخطأ؟
ب – توسط الشيخ بين مريده وبين الله
المريد – إذا أردت أن تقابل مسؤولا ذا منصِب عال، فعليك أن تجد من يتوسط بينك وبينه، ثم هذا الوسيط يبلغ طلباتك إلى مسؤول أو حاكم، فإنه لايمكن لقائه إلا بواسط. فكذلك الأمر بيننا وبين الله، فإن الشيخ هو من يقوم وسيطا بيننا وبين الله تعالى.
بايندر – كيف تجرأون على الله تعالى بهذا القول، وهو «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ» كما أنه “أقرب إلينا من حبل الوريد”؟
وقائل هذا الكلام قد سقط في الشرك، بل إن الشرك هو اتخاذ واسطة بين الله وبين عباده. وفي سورة الزمر ما يشد انتباهنا إلى هذا: «أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ» (الزمر، 39/3).
فالرجاء منكم أن تتركوا هذه المعتقدات الباطلة، فكثيرا ما يضل بها الشيطان الناس.
وقل لي من فضلك؛ الله الذي خلقك ويطعمك وينشئك.. أهو أقرب إليك، وأعلم بك أم شيخك هذا؟
المريد – لا شك أن الله أقرب وأعلم .
بايندر – وما الذي يمكن للشيخ أن يتوسط فيما بينك وببن الله؟
المريد -؟!
جزاك الله خيرا
استاذ عبدالعزيز عندي سؤال:
هناك حديث منسوب للنبي صلى الله عليه وسلم مضمونه (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي).
فإذا كان القبر اما روضة من رياض الجنة او حفرة من حفر النار إذا سيتبين مصيره عند دخوله القبر اما هو في الجنة او في النار فحسب الحديث السابق فما الداعي الشفاعة يوم القيامة .
افيدونا بارك الله فيكم بحل هذا الاشكال
هذا الموضوع قد فصله الأستاذ عبد العزيز في مقالة أخرى بعنوان الشفاعة ضمن كتابه (مفاهيم ينبغي أن تصحح على ضوء القرآن) المقالة على الرابط التالي
http://www.hablullah.com/?p=1575