الرسل في القرآن الكريم
قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: « مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا» (النساء، 4/79).
والرسول في اللغة يقال: “… لمن يحمل الرسالة والقول” وفي اصطلاح الفقهاء أنه: “من ينقل قولا إلى غيره دون تصرف منه”. وأما في الإصطلاح الشرعي فهو: “إنسان بعثه الله إلى الخلق لتبليغ ما يوحي إليه”.[1]
أ – وظائف الرسل عليهم الصلاة والسلام
بين الله تعالى وظائف الرسل بأنها على ثلاثة أوجه:
تبليغ دعوة الله، قال تعالى: «فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ» (النحل، 16/35). وقال تعالى: « يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ » (المائدة، 5/67).
تبيين أمر الله، قال تعالى: « وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ » (إبراهيم، 14/4). وقال: « وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» (النحل، 16/64).
التبشير والإنذار، قال تعالى: « وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ» (الأنعام، 6/48). وقال: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ» (سبأ، 34/28).
ب – حدود تصرفات الرسل عليهم الصلاة والسلام
ليس على الرسول أن يحفظ أحدا، قال تعالى: “فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ” (الشعراء، 42/48).
ليس الرسول وكيلا على أحد؛ لا لله على الخلق، ولا للخلق على الله، فلا يتولى أمر الخلق لله، ولا أمر الله للخلق، قال تعالى وهو وكيلنا: « وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ» (الأنعام، 6/107)، وقال: « فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ» (هود، 11/12).
الرسول لا يهدي إلى الطريق المستقيم، بمعنى أنه لا يقلب القلوب إلى الهداية، قال الله سبحانه وتعالى: « إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ» (القصص، 28/56). ولكنه في الوقت نفسه يهدي إلى الطريق المستقيم، بمعنى أنه يبين الطريق المستقيم، قال تعالى: «وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» (الشورى، 42/52).
ليس للرسول أن يكره الخلق على الإيمان، وقد ترك الله لهم حرية اختيار عقيدتهم، قال تعالى: «فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ. لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ» (الغاشية، 88/21-22).
الرسول لا يعلم خفايا القلوب، يبين ذلك هاتان الآيتان: «وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ» (التوبة، 9/101)، وقوله تعالى: « وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ» (المنافقون، 63/4).
الرسول لا يعلم إلا ما أوحَى الله إليه ولا يعلم الغيب، قال الله: « قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ» (الأنعام، 6/50)، وقال الله لرسوله صلى الله عليه وسلم: « قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ » (الأعراف، 7/188). فإذا كان هذا حال الأنبياء، فكيف يكون حال من هو دونهم ممن يزعمون أنهم أولياء؟
أضف تعليقا