السؤال: في بعض المجتمعات يجتمع أقارب المتوفى عند مضي أربعين يوما على وفاته فيدعون له ويقرؤون القرآن ويأكلون الوليمة، هل لهذا أصل في الدين ؟ وهل يؤجر فاعله؟
الجواب: ليس لهذا أصل في الدين، بل هو من البدع التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم في عموم قوله “من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد “[1]
والوارد في حق الموتى أن ندعوا الله لهم بالرحمة والغفران، ولا يُعيَّنُ مكان أو زمان خاص لمثل هذا الدعاء، بل ندعوا لهم في أي وقت، ويفضل في أوقات استجابة الدعاء كعقب الصلوات وغير ذلك.
قال الله تعالى في وصف المؤمنين:
{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (الحشر، 10)
وأفضل من يدعو للميت أبناؤه، وقد علما ربنا الدعاء للوالدين سواء كانوا أمواتا أو أحياء بقوله تعالى:
{رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} (ابراهيم، 41)
{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا} (نوح، 28)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ”[2]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، أَنَّى لِي هَذِهِ؟ فَيَقُولُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ “[3]
وروى مالِك بن أنس، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُرْفَعُ بِدُعَاءِ وَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَقَالَ بِيَدَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ فَرَفَعَهُمَا[4].
وقد ورد في كثير من الأحاديث أن الصدقة عن المتوفى يصل ثوابها إليه.
فقد روي عن ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِيَ المِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا”[5].
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا (أي ماتت)، وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ»[6].
كما ترى فإن تخصيص يوم يجتمع فيه الناس للدعاء وقراءة القرآن وأكل الوليمة من البدع المنكرة التي ينبغي تركها. والخير كله في الإقتصار على ما جاء في كتاب الله تعالى وهدي نبيه الكريم.
[1] أخرجه البخاري (2697) ، ومسلم (1718) ، وابو داود (4606) ، وابن ماجه (14) ، وأبو يعلى (4594) والبيهقي في “السنن” 10/119، والبغوي في “شرح السنة” (103) والطيالسي (1422)
[2] رواه مسلم 14 – (1631) وأبو داود (2564) وابن حبان، (3016) والترمذي، (1376) وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وصححه الألباني
[3] رواه الحاكم، (10610) وابن ماجة (3660)
[4] الموطأ، (578)
[5] رواه البخاري، (2756)
[6] رواه البخاري، (1388) ومسلم، 12 – (1004)
جزاكم الله خيرا وأضاف تعليمكم هذا إلى ميزان حسناتكم.