السؤال: أسمع من بعض الوعاظ والدعاة العبارة التالية: (الدنيا مزرعة الآخرة). لو تكرمتم بتوضيح معنى العبارة وإذا كانت غير صحيحة أرجو التنبيه على ذلك.
الجواب: نؤمن أننا سنبعث بعد الموت لا محالة، وسنقف بين يديِّ الله تعالى للحساب العادل، ويكون الحساب بحسب أعمالنا في الدنيا، فمن آمن وعمل الصالحات وغلب خيرُه على شره فإن الله تعالى يتغمده برحمته ويدخله الجنة جزاء بما عمل في الدنيا. قال الله تعالى {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (النحل، 32)
وأما من كفر ومات على كفره فسيُخلَّدُ في جهنم جزاء وفاقا، لأنه أعرض عن الايمان بالرغم من أنّ الله تعالى فطره عليه، لكنه استحب العمى على الهدى فكان جزاؤه من جنس عمله. يقول الله تعالى {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى. قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا} (طه، 125)
ويبيِّنُ الله تعالى لماذا يحشر الكافر أعمى بقوله {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا} (الإسراء، 72) والمقصود بالأعمى هو الذي رأى آيات الله تعالى لكنه زعم أنه لا يراها، وهذا هو التعامي عن الحقائق الدامغة، فلا شك أنه سيجازى في الآخرة بنفس ما عمل ولن يرى رحمة الله تعالى.
أما المؤمن الذي غلبت سيئاته على حسناته فربما يتغمده الله برحمته ويدخله الجنة، وإما أن يدخل النار فيمكث فيها ما استحق أن يمكث، ثم يخرج منها إلى نعيم الجنة بفضل إيمانه. يقوله سبحانه {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} (آل عمران، 185)
المزارع المجد المجتهد الذي زرع وحصد فإنه لن يجوع في الشتاء وسيجد ما يأكله حتما، أما المزارع الكسول الذي لم يأخذ بأسباب النجاح فإنه لن يجد ما سيأكله في الشتاء، وعندما نقول أن الدنيا مزرعة الآخرة فإننا نقصد أن عملك في الدنيا ستلقى جزاءه في الآخرة. وهذا من ضروب البلاغة في التعبير.
أضف تعليقا