السؤال: أريد أن أؤمن مستقبل أولادي، ولي أموال بفضل الله تعالى، وأرغب بتنمية هذه الأموال بوضعها بحساب توفير بأسماء أولادي في البنك التجاري، لأني سمعت من يفتي بجواز ذلك، فما رأي فضيلتكم.
الجواب: المسلم يعرف كون الشيء حلالا أو حراما من كتاب الله تعالى الذي أنزله تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون، ولا يجوز لأحد أن يكون له حق التحليل والتحريم من دون الله تعالى، ومن يفتي بمعزل عن كتاب الله تعالى فقد افترى الكذب على الله تعالى. يقول سبحانه محذرا {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ. مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (النحل، 116_117)
ومن العلماء من يفتي بغير علم فيَضل ويُضل غيره، وهم الذين قال الله تعالى عنهم {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} (البقرة، 78)
من المعلوم أن البنوك تدفع ما تسميه الفائدة على حسابات التوفير وهي في الحقيقة من الربا المحرم.
ولا يُقبل أن ينخدع الناس بفتوى قد بان عوارها ومخالفتها لكتاب الله الكريم حيث يقول {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (البقرة، 275)
ثم يدحض الله تعالى حجة من يزعمون تأمين مستقبل أولادهم بالربا بقوله سبحانه مباشرة {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} (البقرة، 276)
وعلى المسلم أن يوقن بأن الأرزاق بيد الله وحده، وأن تأمين مستقبل الأولاد لا يكون بالحرام وإنما يكون بتنشئتهم على تقوى الله تعالى وتعليمهم الكسب الحلال وتشغيل الأموال بمشاريع نافعة فينتفِعون وينفعَون غيرهم.
وقد أمر الله تعالى أن نأكل من الرزق الطيب وليس من الكسب الخبيث بقوله سبحانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (البقرة، 172)
وشكر الله على نعمة المال يكون بإنفاقه بالوجه الصحيح وبعدم كنزه في البنوك أو في غيرها، كما أن إخراج الزكاة والتصدق على الفقراء يعتبر من وجوه شكر الله تعالى على نعمة المال.
أضف تعليقا