المواقيت المكانية:
وهي الأماكن التي يُحرم منها من أراد الحج أو العمرة، وهي خمسة:
الأول: ذو الحليفة: وهو ميقات أهل المدينة ومن مر بها.
وهو أبعد المواقيت عن مكة، يقع جنوب المدينة، بينه وبين مكة (420) كيلومتر تقريباً، وبينه وبين المسجد النبوي (13) كيلومتر تقريباً، وتستحب الصلاة في هذا الوادي المبارك.
الثاني: الجحفة: وهي ميقات أهل الشام ومصر والمغرب ومن حاذاها أو مر بها، وهي قرية قرب رابغ التي جعلت الآن ميقاتاً، وتبعد عن مكة (186) كيلومتر تقريباً.
ويُحرم الناس الآن من رابغ الواقعة غرباً عنها.
الثالث: قرن المنازل: وهو ميقات أهل نجد والطائف ومن حاذاه أو مر به.
وهو المشهور الآن بالسيل الكبير، بينه وبين مكة (75) كيلومتر تقريباً، ووادي مَحْرم هو أعلى قرن المنازل.
الرابع: يلملم: وهو ميقات أهل اليمن ومن حاذاه أو مر به.
وهو واد يبعد عن مكة (120) كيلومتر تقريباً، ويسمى الآن السعدية.
الخامس: ذات عرق: وهي ميقات أهل العراق ومن حاذاها أو مر بها.
وتسمى الضريبة، بينها وبين مكة (100) كيلومتر تقريباً.
1 – عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: وَقَّتَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – لأهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، وَلأهْلِ الشَّامِ الجُحْفَةَ، وَلأهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، وَلأهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، فَهُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أهْلِهِنَّ، لِمَنْ كَانَ يُرِيدُ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمُهَلُّهُ مِنْ أهْلِهِ، وَكَذَاكَ حَتَّى أهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا. متفق عليه[1].
2 – وَعَنْ عَائشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – وَقَّتَ لأَهْلِ العِرَاقِ ذَاتَ عِرْق. أخرجه أبو داود والنسائي[2].
– حكمة مشروعية المواقيت:
لما كان بيت الله معظماً مشرفاً .. جعل الله له حصناً وهو مكة .. وحمىً وهو الحرم .. وللحرم حرم وهي المواقيت التي لا يجوز لمريد الحج أو العمرة تجاوزها إليه إلا بإحرام؛ تعظيماً لله تعالى .. ولبيته الحرام.
– ميقات مَنْ هو دون المواقيت:
1 – من كان منزله دون المواقيت من جهة مكة فإنه يُحرم بالحج والعمرة من مكانه، مثل أهل الشرائع وبحرة وجدة ونحوهم.
2 – من جاوز الميقات وهو لا يريد الحج أو العمرة، ثم أنشا نية الحج أو العمرة،
فإنه يحرم من حيث أنشأ النية إلا العمرة المفردة، إن نواها من الحرم خرج ليحرم من الحل، وإن نواها من الحل أحرم من حيث أنشأ النية.
– ميقات من لم يمر بالمواقيت:
من جاء من طريق لا يمر على المواقيت براً أو بحراً أو جواً، فإنه يحرم إذا حاذى أقرب المواقيت إليه، ولا يجوز له تجاوز الميقات بلا إحرام إذا كان مريداً للحج أو العمرة.
– ميقات أهل مكة:
1 – من أراد من أهل مكة أو غيرهم ممن جاء إلى مكة أن يحرم بالعمرة وحدها، أو متمتعاً بها إلى الحج، فإنه يخرج للإحرام بذلك إلى الحل من أي جهة، وأفضله الجعرانة، والتنعيم، والحديبية.
2 – من نوى الحج في مكة من أهلها أو من غيرهم، مفرداً أو قارناً، فإنه يحرم به منها.
3 – من أراد الحج من مكة فالسنة أن يحرم منها، وإن أحرم من الحل أجزأ.
4 – من أراد العمرة من أهل مكة أحرم من أدنى الحل، فإن أحرم بالعمرة من الحرم عالماً متعمداً فهو آثم، فعليه التوبة والاستغفار، وعمرته صحيحة، ولا دم عليه.
وإن أحرم بالعمرة من الحرم جاهلاً فعمرته صحيحة ولا إثم عليه ولا دم.
– صفة الإحرام في الطائرة:
1 – من ركب الطائرة من أي بلد كان، وقد أراد الحج أو العمرة أو هما معاً، فإنه يحرم في الطائرة إذا حاذى الميقات الذي يمر به جواً، فيلبس ملابس
الإحرام، ثم ينوي الإحرام.
2 – إذا لم يكن مع المسافر ملابس الإحرام أو لم يجدها، فإنه يحرم بالسراويل أو القميص، ويكشف رأسه، فإذا نزل اشترى ملابس الإحرام ولبسها.
3 – لا يجوز للحاج أو المعتمر أن يؤخر الإحرام حتى ينزل في مطار جدة ويحرم منه؛ لأن جدة دون الميقات، فإن فعل لزمه الرجوع إلى أقرب هذه المواقيت ليحرم منه.
فإن لم يرجع وأحرم في المطار أو دون الميقات متعمداً عالماً بالحكم فهو آثم، ونسكه صحيح.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – بِعَرَفَاتٍ، فَقالَ: «مَنْ لَمْ يَجِدِ الإزَارَ فَلْيَلْبَسِ السَّرَاوِيلَ، وَمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ». متفق عليه[3].
– حكم الإحرام قبل الميقات:
السنة التي يجب اتباعها أن يحرم من أراد الحج أو العمرة من الميقات الذي وقّته النبي – صلى الله عليه وسلم – وبيّنه، ويكره الإحرام قبل الميقات، لكنه ينعقد.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ رَسُولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – وَقَّتَ لأهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، وَلأهْلِ الشَّامِ الجُحْفَةَ، وَلأهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، وَلأهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، وَقَالَ: «هُنَّ لَهُمْ وَلِكُلِّ آتٍ أتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ، مِمَّنْ أرَادَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أنْشَأ، حَتَّى أهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ». متفق عليه[4].
– حكم مجاوزة الميقات بلا إحرام:
الذين يمرون بالميقات لهم حالتان:
الأولى: من يريد الحج أو العمرة، فهذا لا يجوز له مجاوزة الميقات بلا إحرام، ومن جاوزه ناسياً أو جاهلاً رجع إليه وأحرم منه، ولا إثم عليه.
ومن جاوزه متعمداً عالماً ذاكراً بغير إحرام فهو آثم، ويجب عليه أن يعود إلى الميقات ليحرم منه، فإن لم يعد، وأحرم دون الميقات، فهو آثم، ونسكه صحيح، ولا دم عليه.
الثانية: من لا يريد الحج أو العمرة، فهذا يجوز له مجاوزة الميقات بلا إحرام.
– حكم من مر بميقاتين:
يجب على من يمر بميقاتين ألا يتجاوز أولهما إلا محرماً، إن كان يريد الحج أو العمرة، فإذا مر الشامي أو المصري أو المغربي ونحوهم بميقات أهل المدينة قبل الوصول إلى ميقاته الأصلي الجحفة، فلا يجوز له أن يؤخر إحرامه إلى ميقاته، بل يحرم من أول ميقات يمر به وهو ذو الحليفة.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – وَقَّتَ لأهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، وَلأهْلِ الشَّامِ الجُحْفَةَ، وَلأهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، وَلأهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ، مِمَّنْ أرَادَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أنْشَأ، حَتَّى أهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ. متفق عليه[5].
– حكم إتمام الحج والعمرة:
إذا أحرم البالغ بالحج أو العمرة لزمه الإتمام.
أما الصبي فلا يلزمه الإتمام؛ لأنه غير مكلف ولا ملزم بالواجبات، فإن صَدّ المحرم عدو عن البيت أو حبسه مرض ذَبَح ما تيسر من الهدي، وحَلّ من إحرامه، فإن كان مشترطاً حَلّ ولا هدي عليه.
قال الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة:196].
– حكم خروج القادم من مكة لأداء عمرة:
يكره للقادم إلى مكة إذا حج أو اعتمر الخروج من مكة إلى الحل كالتنعيم لأداء عمرة تطوع له أو لغيره؛ وذلك بدعة لم يفعله النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا أصحابه رضي الله عنهم، لا في رمضان ولا في الحج ولا في غيرهما ألبتة.
وعمرة عائشة رضي الله عنها لم يأمرها النبي – صلى الله عليه وسلم – بها، بل أذن لها بعد المراجعة تطييباً لقلبها، والطواف بالبيت أفضل من الخروج إليها.
وعمرة عائشة رضي الله عنها من التنعيم خاصة بالحائض التي لم تتمكن من إتمام عمرة الحج كعائشة، فلا تشرع لغيرها من النساء الطاهرات، فضلاً عن الرجال، فينبغي لزوم السنة، وترك ما سواها.
المصدر: موسوعة الفقه الإسلامي
محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري
[1] متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1526) , واللفظ له، ومسلم برقم (1181).
[2] صحيح/ أخرجه أبو داود (1739) وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (2653).
[3] متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1843) , ومسلم برقم (1178).
[4] متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1524) , ومسلم برقم (1181) , واللفظ له.
[5] متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1524) , واللفظ له، ومسلم برقم (1181).
أضف تعليقا