من معاني الفتنة: الحرب
وردت الفتنة في القرآن الكريم بمعان متعددة منها: الإحراقُ والكيدُ وتخليصُ”تمييزُ” القويِّ من الضَّعيف. والحرب فِتنةٌ لأنَّها تحتوي كلَّ ما ذكرناه.
قال الخليل: والفَتْنُ ما يقعُ بين النَّاس من الحروب[1].
قال الله تعالى:{وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ (أي القتال واستمرار الحرب) أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} (البقرة، 191)
وهو (أي القتال) سببُ جواز قتلِ النَّفس في الحرب، قال تعالى:{فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} (مُحمَّد، 4) لأنَّ ضَرْبَ الرِّقاب يعني: قتل النَّفس بغيرِ نفسٍ. وأمَّا القتال: فهو قتْلُ الأنفس بغير أنفسٍ، وهو فسادٌ في الأرض كما قال تعالى: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} (النَّمْل، 34).
فالحربُ هي الفساد في الأرض الذي هو أكبرُ من القتل،كما في قوله تعالى: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} (المائدة، 32)، فلذلك أُجيزَ القتالُ عِقاباً ودفعاً بالمثل كما في قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (البقرة، 190)، وقد أُبيح قتلُ نفس العدوِّ لمنع الفساد (استمرار الحرب).
فضربُ الرِّقاب يدوم {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ (الجارية) أَوْزَارَهَا} (مُحمَّد، 4).
وقال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فتنةٌ (أي قتالٌ مستمِرٌّ) وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ (أي لِتكونَ القوانينُ السَّائدةُ هي الفطرةُ التي فطر اللهُ النَّاسَ عليها[2]) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (الأنفال، 39)،
وقالَ تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فتنةٌ (قتالٌ) فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} (الأنفال، 72 _ 73).
للمزيد حول الموضوع انظر مقالة أ.د عبد العزيز بايندر (مصطلح الفتنة في القرآن الكريم) على الرابط التالي
أضف تعليقا