تمهيد
عُرف الربا عبر العصور كأداة للسيطرة والتحكم، فكان أحد مواضيع الصراع بين الطواغيت والمصلحين في العصور القديمة. فقد عرفه الفراعنة كنظام يكرِّس السيطرة والاستعباد، وقد حُدِّدت له نسب تفاوتت من حين لآخر[1]. كما عرفه السوماريون والبابليون والآشوريون واليونانيون، حيث كان يتفاوت في شكله ونظمه من قوم إلى قوم ومن زمان إلى آخر، والمشترك في كل الحالات وجود طبقة صغيرة تكسب دون تعب وطبقة عامة الشعب الذين يكدون دون نتيجة مرضية.
كانت العلاقة بين المستويات الحاكمة وبين أرباب المال جد وثيقة، حتى إنها كانت تشكل العمود الفقري للمالك والدول، وبالرغم من ذلك كان كلُّ عصر لا يعدم دعاة الفضيلة الذين ينافحون دون إهدار كرامة الإنسان كأفلاطون وأرسطو _مثلا_ فقد نهى أفلاطون عن القرض بفائدة [2]. واعتبر “أرسطو” أنّ الفائدة مهما كان مقدارها فهي كسب غير طبيعي، حيث من غير المعقول أن ينتج النقد وحده غلة من غير أن يشترك صاحبه في أي عمل أو أن يتحمل عبئه، فيقول: “إن النقد لا يلد النقد”، ويقصد أن الغلات الطبيعية أساسها متولد من الأشياء ذاتها، إما تولدا طبيعيا كالزرع والحيوان أو تولدا صناعيا باستعمال الوسائل الصناعية أو تولدا تجاريا عن طريق التجارة[3].
وقد عَرَفه العربُ في الجاهلية ، وكانوا يتعاملون به، روى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ الرِّبَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ الْحَقُّ إلَى أَجَلٍ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ قَالَ أَتَقْضِي أَمْ تُرْبِي؟ فَإِنْ قَضَى أَخَذَ وَإِلَّا زَادَهُ فِي حَقِّهِ، وَأَخَّرَ عَنْهُ فِي الْأَجَلِ[4]. فيتراكم الدَّين على المدين حتي ينتهي الأمر باستعباد المدين أحيانا أو بتقديم أحد أبنائه كسداد للدين أحيانا أخرى، لذا عُرف الربا كأحد أهم أسباب العبودية ومواردها.
ومع ذلك كان العرب يعرفون خُبثَ الربا، وأنَّه كسْب حرام، فقد كانوا يجنبون خدمة الكعبة المشرفة هذا المال، يُروى عن ابن وهب بن عمرو بن عائذ[5] أنَّه قال مخاطبًا قريشًا عند إعادة بناء الكعبة: “يا معشرَ قريش، لا تُدخِلوا في بنيانها من كسبكم إلاَّ طيِّبًا، لا يدخل فيها مهر بغي، ولا بيع رِبا، ولا مظلمة أحد من الناس”[6]، وهذا أكبرُ دليل على خبث الرِّبا وخسَّته، واتفاق الناس – حتى في الجاهلية – على ذَمِّه.
إن علاقة الطاغوت بالربا علاقة متلازمة، لأنه لا يمكن للطغاة تنفيذ مآربهم إلا بآليات اقتصادية تمكنهم من مواصلة السيطرة والتحكم في معايش الناس ومواردهم، فكان الربا العصا السحرية التي تمكنهم من رقاب الخلق عبر الزمان والمكان فيسلبون أموال الناس وجهودهم دون تعب أو مخاطرة.
1_ معنى الربا والطاغوت
الربا لغة الزيادة والنماء[7] واصطلاحا هو الزيادة المشروطة في عقد الدين. وقد نص القرآن الكريم على تحريمه لما فيه من الضرر على الضعفاء خاصة وعلى عموم الحركة الاقتصادية عامة كما سيأتي بيانه.
والطاغوت، يقع على الواحد والجمع والمذكر والمؤنث: وزنه فعلوت، وهو كل معبود من دون الله عز وجل وقيل: الكهنة والشياطين، وكل رأس في الضلال. قد يكون واحدا؛ قال تعالى: “يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به” ؛ وقد يكون جمعا؛ قال تعالى: “والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت” والطاغوت يكون من الجن والإنس[8].
وسُمي الشيطان به لشدة طغيانه، وصار يُعرف به كل إنسان تجاوز ظلمه الحدود وطار ذكره في الآفاق، وقد ضرب لنا القرآن أمثلة عن الطواغيت؛ منهم فرعون وهامان وقارون.
يذكر لنا القرآن الكريم اعتزاز الطواغيت بالمال حيث يُشكل مصدرا هاما للسطوة على الخلق، ومن ذلك ما نقله عن فرعون {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ} (الزخرف، 51) كما ذكر قارون وتطاوله على الناس بما آتاه الله تعالى من الأموال والزينة[9] .
يمكن للطاغوت أن يكون شخصا متنفذا، وقد يكون صاحب سلطان، كما يمكن أن يكون شخصية اعتبارية كالمؤسسات والجمعيات والنوادي والبنوك. وقد يكون رجل دين أو مؤسسة دينية.
2_ تعامل اليهود بالربا
التوراة بوصفها كتاب هداية ونور نصت على تحريم الربا مطلقا[10]، لكن أحبار اليهود رأوا أن تحريم الربا سيحول دون تسلطهم على رقاب الخلق ومعايشهم، فاحتالوا على النص وحرفوه بما يجيز لهم أخذ الربا من غير اليهود، وقد أشير لذلك بقوله تعالى {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (آل عمران، 75) وهو من التحايل على دين الله تعالى، والمقصود الاستيلاء على أملاك الآخر، ثم توسَّعوا فيه حتى صاروا لا يتعاملون إلاَّ به، ثم عمَّموه ليكون النظام المسيطر على العالم أجمعِ.
قال الله تعالى{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا. وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (النساء، 160_161)
3_ حجة محللي الربا
ادعاء مماثلة الربا للبيع كان الحجة التي يتوارى خلفها المرابون. قال الله تعالى {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (البقرة، 275)
قالوا ذلك وهم يعلمون أنه ليس مثله، فالربا هو القرض المشروط بالزيادة، أما البيع فهو تمليك الأعيان بعوض، وشتان شتان بينهما. لذلك وصف الله تعالى المرابي بالذي يتخبطه الشيطان من المس، لأنه يعلم فظاعة ما يفعل، لكنه مصر عليه، فهو يكسب دون عمل أو مقابل، والفطرة السليمة تأبى على صاحبها أن يأكل مال غيره دون وجه حق، لكنه يغلٍّب أنانيته فيُقْدِم على أكل الربا حاملا كل التناقضات بين ما تمليه عليه فطرته وبين ما آثر من حب الدنيا فيتصرف كالذي يتخبطه الشيطان من المس، مَثلُه في ذلك كمثل السارق وهو يسرق يعلم خطأ ما يفعل لكنه يغلب أنانية النفس ويدوس على فطرته.
4_ رجال الدين والربا
لا يروق للطغاة طغيانهم بدون رجل دين يحلل لهم ما يفعلون، ويزين لهم ما يقترفون، فهم الأقدر على تطويع عامة الناس وإقناعهم بما يريد السلطان، وقد أخبر الله تعالى عن دور الأحبار والرهبان في أكل أموال الناس بالباطل بقوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ. يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} (التوبة، 35)
وقد يظن البعض أن تحليل الربا خاص بملل غير المسلمين، لكن الحقيقة أنه وجد من بين علماء المسلمين المعاصرين من يقول صراحة بحل ربا البنوك التي يسميها فوائد. ويمكن بسهولة الاطلاع على فتوى محمد سيد طنطاوي بهذا الخصوص.
5_ الربا أداة الاستعمار في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين
كانت القروض الربوية التي تقدمها الدول الغربية لبلدان المسلمين تمثل الأسباب الظاهرة للتدخل المباشر بأرضهم ومن ثم الاستيلاء عليها باسم النتداب أو الاستعمار.. لقد علم هؤلاء أن حرب الدراهم والدنانير أنجح من حرب المدافع والبواريد، وقد سيطروا بهذه الحروب على أكثر بلاد المسلمين، فالإنكليز _مثلا_ ما استولوا على ممالك الهند بتكتيب الكتائب، وسوق الأساطيل بالفيالق والجحافل، وإنما بالمال المسيَّس والقروض الربوية التي مهدت السبل للاحتلال المباشر وكذلك الأمر يقال بالنسبة للمستعمرات الأخرى[11].
وقد كان للقروض الربوية دور كبير في انهيار الدولة العثمانية التي شكلت إمبراطورية عظمى عبر ثمانية قرون[12]، حيث دأبت _في آخر عهدها_ على أخذ القروض من الدول الأوروبية على هيئة أوراق نقدية بدون قيمة حقيقية لتقوم بالسداد بعدئذ بأموال حقيقية من الذهب والفضة إضافة إلى الفوائد الربوية المستحقة[13]. وكانت تلك القروض قد مثلت الضربة التي قضت على أمل البقاء لتلك الدولة العظيمة بعد أن نفدت خزائنها ونضبت مواردها وهي تحاول سداد تلك الديون الربوية.
6_ البنك الدولي سلاح الطاغوت الجديد
لم يعد الاحتلال المباشر مجديا في العصر الحديث بعد أن باتت تكلفته المادية والبشرية تفوق منافعه بالنسبة إليهم، فكان لا بد من تجديد أدوات السيطرة السياسية والاقتصادية على الدول الأخرى التي تشكل الغالبية من أمم الأرض. وفي سياق السيطرة الاقتصادية تم إنشاء صندوق النقد الدولي[14] الذي تسيطر عليه القوى الاستعمارية السابقة حيث أصبح هذا البنك الأداة الحديثة والأكثر تطورا في تأبيد تبعية الدول النامية للدول الغنية وذلك بالكم الهائل من الشروط عند الإقراض ثم بتراكم الفوائد الربوية على البلد الفقير المقترِض.
عندما تعجز الدول الفقيرة عن السداد يتدخل البنك الدولي بما يسميه بحزم الإنقاذ. وما هي _في الحقيقة_ إلا حزم جديدة من الشروط تقوم على التدخل المباشر في سياسة البلد الاقتصادية؛ من ضمن ذلك فرض التقشف الحكومي الذي يعني قضم حصة المواطن من خدمات الدولة، وتخصيص الشركات العامة الذي يعني فتح المجال أمام الشركات العابرة للقارات أو ما يسمى بالشركات متعددة الجنسية[15]، والتعدد الذي يوحي بالعالمية ما هو إلا تعدد وهمي، حيث ترجع الكلمة الفصل في قراراتها إلى المنتسبين للدول العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي التي تملك الغالبية المطلقة من حصصها.
7_ اليونان كمثال
نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها اليونان اضطرت للاستدانة من بنك النقد الدولي عدة مرات فتراكمت الديون الخارجية لدرجةٍ أفقدت البلد قدرته على السداد ومواصلة الحياة الاقتصادية[16]، وفي سبيل البحث عن مخرج لأزمتهم طلبوا العون من أصدقائهم في الاتحاد الأوربي لكن الاتحاد وضع شروطا أشد قسوة أشعرت اليونانيين بالإذلال، وهو ما دفع الحكومة لتنظيم استفتاء عام كانت نتيجته رفض تلك الشروط الظالمة. لكن ذلك لم يحلَّ لهم المشكلة. وستبقى مشاكل الشعوب الفقيرة تزداد تفاقما طالما احتكم العالم للربا وقوانيه الجائرة.
8_ الربا سيف ذو حدين؛ واحد في القرض والآخر في عدمه
تكلمنا عن مخاطر القروض الربوية وما تؤول إليه من ظلم يتضرر منه الضعفاء بالدرجة الأولى، وسنتكلم هنا في حال لم يجد المرابي أو المؤسسة الربوية من تقرضه بالربا.
فكثيرا ما يتعذر على المرابي أن يجد من يقرضه، فيضطر إلى كنز الأموال أملا بإيجاد الفرصة المناسبة للإقراض، ولا شك أن في ذلك حبسا للمال ومنعا له من دخول دورة الحياة الاقتصادية. والنتيجة الحتمية هي الكساد وتراجع الزخم السوقي. لذا استحقوا الوعيد الوارد في قوله تعالى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (التوبة، 35)
9_ البديل القرآني
في مقابل النظام الربوي المتعسف الجائر يقدم القرآن الكريم الزكاة كأحد البدائل المنقاضة للربا، ذلك النموذج الرائع الذي يحقق العدالة في أبهى صورها مقابل الصورة القاتمة لنظام الربا.
قال الله تعالى {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} (الروم، 39)
نفهم من الآية أن النظام القائم على الربا نظام بائس يدور في حلقة مفرغة لا قرار لها، ذلك أن المرابي عندما يبذل ماله للغير لا يقصد تشغيل هذا المال ولا يهمه ماذا سيفعل به المقترض، فكل همّه أن يعود عليه هذا المال بالزيادة المشروطة في العقد. ومعلوم أنه لا يلجأ إلى القرض الربوي إلا صاحب الحاجة، وغالبا ما سيستهلكه في نفقاته الشخصية مما سيوقعه في خطر عدم القدرة على السداد الذي يترتب عليه مضاعفة الربا كلما زاده المرابي في الأجل وهكذا.
الزكاة تجب في المال الذي بلغ النصاب وحال عليه الحول سواء أكان هذا المال مستثمرا أم مكنوزا، وكنزه مطلقا سيؤدي لتناقصه بسبب الزكاة ونقصان قيمة العملة، وهو ما يدفع أصحاب الأموال لتشغيل أموالهم إما بأنفسهم أو بالاشتراك مع من يقوم بتشغيلها بما يعرف بشركة المضاربة، وفي كلا الحالتين سيبذل صاحب المال كامل جهده لمتابعة سير عمله ونجاحه، على العكس من المرابي الذي لا يهمه العمل ولا النجاح، بل كل ما يهمه استرجاع الدين بالزيادة. ولك أن تتخيل الفرق بين النظامين فيما يتعلق بالإنتاج.
أما المستفيد من الزكاة سيمتلك ما يمكٍّنه من سد حاجاته؛ فيبذل المال في السوق ليشتري حاجاته الأساسية وربما يؤسس لعمل صغير يكبر مع الأيام دون خوفه من تراكم الربا.
وبذلك يدور المال في شريان الحياة من جديد لتنفتح أفاق جديدة يستفيد منها أرباب المهن والصناعات الذين اجتهدوا أساسا في إخراج زكاة أموالهم، كما يستفيد منه الناس جميعا، وهذه هي المضاعفة المادية المحسوسة، ولا ننسى أن من يلتزم أمر الله تعالى فإنه سيهديه ويشرح قلبه لما فيه الخير، فتنفتح الآفاق والأرزاق وتلك المضاعفة في الدنيا، وهي عاجل بشرى المزكين في الدنيا وما عند الله خير وأبقى.
قال الله تعالى {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة، 261)
10_ إعلان الحرب من الله ورسوله
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} (البقرة، 278-279).
محاولة إفساد أو تعطيل سنن الله تعالى في الحياة، هو نوع من الحرب التي يهلك بسببها الإنسان ويشقى، فالربا يفسد البنية الاجتماعية ويقف حائلا أمام تحسين العلاقات في المجتمع، كما أنه الأداة التي تقضي على الطبقة الوسطى فينشأ بون شاسع بين الغني والفقير، مما يؤدي حتما إلى فساد التوازن الاقتصادي وإلى حدودث التنافر وصعوبة التعايش بين أفراد المجتمع. كما يتسبب بانهيار كثير من الأسر فيكثر في المجتمع عدد المشردين، وكثرتهم تهدد الأمن الاجتماعي؛ لأن المشردين قريبا ما يتحولون إلى مجرمين. وهكذا تتسلسل الأخطار التي تهدد المجتمع من جميع نواحيه؛ وهو تحقيق لما توعد الله تعالى فيه بقوله: فأذنوا بحرب من الله ورسوله… هذه هي حرب الله على المجتمعات التي تقبل الربا نظاما لها.
وقف السليمانية/ مركز بحوث الدين والفطرة
الموقع: حبل الله www.hablullah.com
جمال احمد نجم
[1] انظر أحمد حسن رضوان، دراسة تاريخية لنشأة الربا، مجلة البنوك الإسلامية، العدد 1985 ، 61، ص 11.
[2] رفيق المصري، مصرف التنمية الإسلامي، محاولة جديدة في بيان حقيقة الربا والفائدة والبنك، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية، 1981، ص 90
[3] محمد أبو زهرة ، تحريم الربا، تنظيم اقتصادي، الطبعة الثانية 1985، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1985، ، ص 27 .
[4] أبو الوليد سليمان القرطبي الباجي الأندلسي، المنتقى شرح الموطأ، (المتوفى: 474هـ)، الناشر: مطبعة السعادة – مصر، ط1، 1332 هـ، 5/65
[5] حَزَن بن أبي وهب بن عمرو بن عائِذ بن عمران وابنه المُسَيَّب بن حَزَن وحفيده الفقيه التابعي الكبير سعيد بن المسيب. انظر جمهرة أنساب العرب، ابن بشر الكلبي (المتوفى: 204هـ)، المكتبة الشاملة، 1/19
[6] أبو جعفر الطبري، تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري، دار التراث – بيروت، ط2 – 1387 هـ ، 2/287
[7] لسان العرب، مادة ربا
[8] المصدر السابق، مادة طغو
[9] انظر الآيات (76_79) من سورة القصص
[10] انظر سفر نحميا، 16 / 7_13 وسفر حزقيال، 31/ 12
[11] انظر مجلة المنار، مقالة الجيوش الغربية المعنوية في الفتوحات، المكتبة الشاملة 1/299
[12] انظر محمد فريد فك المحامي، تاريخ الدولة العلية العثمانية، دار النفائس_ بيروت ، ط1، 1981 م، ص 541
[13] انظر موسوعة وقف الديانة التركي ، (ديون عمومية) على هذا الرابط http://www.islamansiklopedisi.info/
[14] صندوق النقد الدولي هو وكالة متخصصة من منظومة بريتون وودز تابعة للأمم المتحدة، أنشئ بموجب معاهدة دولية في عام 1945 للعمل على تعزيز سلامة الاقتصاد العالمي. ويقع مقر الصندوق في واشنطن العاصمة، ويديره أعضاؤه الذين يشملون جميع بلدان العالم تقريباً بعددهم البالغ 188 بلدا. انظر ويكيبيديا الموسوعة الحرة
[15] انظر ويكيبيديا الموسوعة الحرة tps://ar.wikipedia.org/wiki8%AA%
[16] لمزيد من المعلومات حول الموضوع يمكن قراءة (أزمة اليونان ودائنيها إلى أين) على موقع الجزيرة نت
http://www.aljazeera.net/knowledgegate/newscoverage/2015/7/9/%
أضف تعليقا