إرادة العباد وأفعالهم
كسب الإنسان متوقف على ما يمنحه الله من القدرة والإستطاعة. قال الله تعالى: « وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ» (الكهف، 18/23-24).
من الممكن أن لا يصل الإنسان إلى النتيجة من أعماله في الدنيا. قال الله تعالى: «مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً. وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً. كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً» (الاسراء، 17/18-20).
أما موضوع الدين ليس كذلك، فالمجاهد فيه يهتدي إلى بغيته. قال الله تعالى: «وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ» (العنكبوت، 29/69).
ولا تتحقق الهداية أو الضلالة إلا بإذنه تعالى لأنه هو الذي خلقهما، ولا يتصور عاقل أن شيئا يحدث في هذا الوجود رغما عن الله جلَّ وعلا. قال الله تعالى: «وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ» (يونس، 10/100).
ولا يكون إلا ما خلق الله، فهو سبحانه المتفرد في الخلق والإيجاد فلا ينازعه في ذلك أحد. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن»[1] وهذا الحديث حكمة مستخرجة من هذه الآية: «إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا» (الإنسان، 76/29-30).
والله تعالى يضع القوانين ويعطي القدرة والإستطاعة، وهو سبحانه من وضع النظام وبين القواعد والمقاييس. فمن أراد أن يفوز بتحقيق شيء أو الوصول إلى غاية، فما عليه إلا أن يعمل حسب تلك القوانين التي وضعها الله تعالى وإلا باء بالفشل. فمن أراد الحج إلى بيت الله الحرام فعليه أن يعمد إلى ما يوصله إلى هناك، وأن يتخذ من الأسباب ما يمكنه من الوصول والرجوع إلى بلده بعد حجه، وإن لم يعمل حسب القوانين والسنن فإنه لن يصل وإن توفرت لديه الإرادة. إنّ الدعاء يدلُّ على إرادة الشيء، ولا يمكن تحقيق الهدف بالدعاء إذا لم يصاحبه بذل المجهود. قال الله تعالى: «فمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار. أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ» (البقرة، 2/200-202).
الإرادة هي التي أعطاها الله تعالى للإنسان حين خلقه ليميزه عن غيره من المخلوقات غير المكلفة (المسيَّرة). ولا يمكن أن توضع الحدودُ أمام إرادة الإنسان. فربما أراد الإنسان أن يصبح طيرا أو أسدا، أو أن يتجول بين الأفلاك وأن يكون أغنى وأقوى رجل في العالم، وربما يتمنى أن يصبح إلها. ولا يتحقق له من إرادته إلا القليل. وما يتحقق له محدود بقدرته وإمكاناته وما يبذله من جهد.
ولا تكفي الإرادة وحدها لإنجاز الهدف، كما أنه لا يمكن أن يصبح الشخص مسلما بإرادةِ أن يكون مسلما، ولا يكون مصليا بإرادة الصلاة. إذ لا بد له من بذل الجهد والقيام بها فعلا.
للمزيد حول الموضوع ننصح بقراءة مقالة أ.د عبد العزيز بايندر “مفهوم المشيئة والإرادة في القرآن الكريم” على هذا الرابط http://www.hablullah.com/?p=1215
أضف تعليقا