السؤال: هل يجوز إخراج زكاة الذهب والفضة بالنقود الحالية كالدولار والريال وغيرهما من العملات العالمية، أم أنه يجب إخراج زكاتها من أعيانها؟
الجواب: شرع الله تعالى الزكاة لغايات جليلة، منها: مواساة الفقراء، وسد حاجتهم، وتطهير الأغنياء وتزكيتهم، قال الله تعالى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (التوبة، 103) فالأصل أن تُخرج الصدقة من عين المال كما يدل عليه منطوق الآية {مِنْ أَمْوَالِهِمْ}، لكن الدلالة العامة لهذا اللفظ يستوي على جميع مال الانسان، وعليه يصح للمزكي أن يخرج القيمة، لأن القيمة من ماله أيضا.
كما أن إخراج الزكاة بالقيمة لا يتعارض مع الغاية التي نصت الآية عليها {تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}، فإنه يحصل المطلوب بالنقد كما يحصل بعين الذهب والفضة، فيجوز إخراج قيمة ما يجب عليه نقدا إذا كان الفقير لا يتضرر من ذلك، بأن تكون القيمة المقدرة بالعملة حقيقية في السوق، بما يحقق أداء الفريضة، وإلا كان في ذلك تحايل على الزكاة، خاصة في بلاد يختلف فيها سعر الصرف الرسمي والقيمة المعروفة بين أهل السوق.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يؤكد هذا الفهم كما روي عن أصحابه الكرام قبولهم القيمة في الصدقات.
فعن أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ لَهُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَيُعْطِيهِ المُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا، وَعِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ»[1]
كما روى البخاري عن معاذ بن جبل معلقا: أنه قال لِأَهْلِ اليَمَنِ: «ائْتُونِي بِعَرْضٍ ثِيَابٍ خَمِيصٍ – أَوْ لَبِيسٍ – فِي الصَّدَقَةِ مَكَانَ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ وَخَيْرٌ لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ»[2]
[1] صحيح البخاري، بَابُ العَرْضِ فِي الزَّكَاةِ 1448
وقد شرح مصطفى البغا الحديث كما يلي: (كتب له التي أمر الله رسوله) بين له – كتابة – فريضة زكاة الحيوان التي أمر الله تعالى بها رسوله صلى الله عليه وسلم. (صدقته) زكاته. (بنت مخاض) الأنثى من الإبل التي تمَّ لها سنة. (بنت لبون) التي تمَّ لها سنتان. (المصدق) العامل الذي يجمع الزكاة. (على وجهها) الوجه الذي فرضه الله تعالى في الزكاة بلا تعد.
[2] صحيح البخاري معلقا، بَابُ العَرْضِ فِي الزَّكَاةِ. يقول الألباني في المُخْتَصَر: وصله يحيى بن آدم في “كتاب الخراج” بسند صحيح على شرط الشيخين إلى طاوس. قال الحافظ: “لكن طاوس لم يسمع من معاذ، فهو منقطع”.
أضف تعليقا