الخمر بين المخ والكبد
الطبيب الدكتور: عبد الحميد الجهانى
سأحاول في مقالتي أن أبين كيفية تأثير الخمر على المخ والكبد، وكيف يتكيفان مع تأثيرات الخمر على المدى القريب والبعيد.
لنبتدأ بالايات القرآنية التى تتحدث عن الخمر:
قال الله تعالى:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ۗ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} سورة البقرة الاية 219
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} سورة المائدة الاية 90
{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} سورة المائدة الاية 91
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفورا} سورة النساء الاية 43
{وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} سورة النحل الاية 67
{يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} سورة الحج الاية 2
{لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْن قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ} سورة الحجر الاية 15
{لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} سورة الحجر الاية 72
من هذه الآيات العظام يظهر جليّا وجهة نظر الاسلام وموقفه الواضح والصارم تجاه الخمر.
وكلمة الخمر تعنى فى اللغة العربية الشيء الذى يخامر العقل ويغلفه فلا يدرك شيئا ، كالخمار الذى يستر الوجه فلا يظهر منه شيئا ، فالخمر هو اسم لكل ما أذهب العقل وغيّبه . أي اسم لكل مسكر ، وما اسكر كثيره فقليله حرام .
إن شرب الخمر هو :
1. اثم؛ فهو محرّم على المؤمنين.
2. وانه يجب على المؤمنين تجنبه نهائيا أي عدم التعامل معه إطلاقا وبأي شكل من الأشكال.
3. من آثاره الاجتماعية تغيير مزاج شاربه الى عدائي ضد الاخرين وبالتالي فهو مبعد عن الحق وعن الرجوع الى الله تعالى.
4. وقد بيّن الله تعالى بوضوح كيف ان الخمر يذهب العقل لدرجة ان يتكلم الانسان وهو تحت تأثير السكر دون العلم أو ادراك ما يتكلم به .
5. وهنا ذكر القرآن الكريم حتى كيفيّة تصنيعه: أي من ثمرات النخيل والاعناب، وكلمة {سكرا} يمكن فهمها على معنيين اثنين :
اولا : السكر المعروف وهى الحالة العقلية والجسدية التى يتواجد فيها شارب الخمر من غياب للعقل والتفوه بما لا يرضى الله ولا خلق الله ثم حالته الجسدية المترنّحة فاقد السيطرة على توازنه وحركاته.
ثانيا : السّكر، بفتح الحاء، يمكن أن يكون الاسم القرآني لمادة الجلوكوز، وهو المسمّى علميا بسكّر العنب ، وهو موجود فى ثمر النخيل والأعناب. ومن خواصّه العلمية انه يتكون من جزء واحد فقط من السكر (جلوكوز اى سكر العنب) وهو ليس بحاجة الى هضم وتفكيك فى جهازنا الهضمى؛ لانه بنفسه يمثل آخر منتوج تفكيك النشويات، وعليه يتم امتصاصه فورا الى الدم ليصل في وقت قصير جدا إلى خلايا الجسم خاصة المخيّة مزودا اياها بالطاقة الفورية. وهذا تحديدا ما يحتاجه الانسان الصائم عند افطاره ولذلك كان من المستحب فى الاسلام الافطار على الجلوكوز لسرعة وصوله الى المخ ليسترجع الصائم نشاطه وقوته على الفور بدل الانتظار لأكثر من نصف ساعة حتى يتمكن الجسم من تفكيك المواد النشوية واستخراج الجلوكوز أخيرا منه .
6. ويصف القرآن في مواقع أخرى فعل الخمر بالعقل والمخ بالحالة المعروفة بالسكر وهي الوضع الاجتماعى المزرى من فقدان المخمور الادراك بالحالة المتواجد فيها وفقدان السيطرة حتى على التحكم فى التبول او التبرز ، وكذا تكون حالة المجرمين يوم القيامة ! ولكن ليس بفعل السكر ولكن من شدة الخوف مما يرون من العذاب المساقون اليه وهم يبصرون !
7. ويستعمل القرآن الكريم مصطلح السكر بأنه يعمى البصر أي البصيرة .
8. ويستعملها أيضا للغفلة المتعمّدة ولعدم الادراك لحقائق الامور وللعشوائية في حياته .
وهكذا لم يترك القران للخمر صفة سيئة و لا مضرّة بالعقل و لا بالجسد الا وذكرها بالتفصيل!
او هل لا زلنا بعد هذا نريد ان نستفسر عن حرمة المسكرات !
نعم نحن نعلم ان الخمر من المواد المسكرة والضارة بالعقل والبدن ، وهو وبلا شك من المحرّمات على قوم مؤمنين ، ولكننا هنا نريد القاء نظرة علميّة نتابع فيها ما يحصل مع مكوناته الغذائية داخل أجسادنا دون إرادتنا أو توجيهنا بعد احتسائه أي بعد أن نفقد السيطرة على التصرّف فيه وهو يسيّر من مرحلة الى أخرى ومن مكان الى آخر داخل جسمنا …
والخمر كغيره من المشروبات الكحولية المسكرة يعد أيضا من المشروبات الروحية لأنه يذهب العقل والوعى والاحساس .
ومن المعروف انه يتكون من مجموعة الهيدروكسيل ثنائية الكربون الاحادية التكافؤ والتى تسمى بالايثانول وتركيبته الكيميائيه :
C2H6O
وهذا يعنى انه يتكون من ذرتي كربون وست ذرات هيدروجين وذرة أوكسجين ،
او بتعبير آخر من وجهة نظر كيميائية: من ذرتي كربون ورتين كربون (خمس ذرات من الهيدروجين والمجموعة الكحولية الاحادية الهيدروكسيلية (اتحاد ذرّة واحدة هيدروجين مع ذرّة واحدة اوكسجين )
ويمتاز بخاصية تكوين الرابطة الهيدروجينية بين جزيئاته .
الكتابة الكيميائية لجزيئ الايثانول
ونظرا لسرعة ذوبانه فى الماء فهو أيضا سريع الامتصاص من الامعاء بعد بلعه ثم ينتشر إلى جميع أنحاء الجسم مع الدماء .
ومن الدم بطرف الشعيرات الدموية يصل الإيثانول الى الخلايا المختلفة فى جميع أنحاء الجسم، حيث عند دخوله الى داخل الخلية تبدأ عندئذ عملية ما نسميه بالاستقلاب الغذائي. حيث نجده يشارك بنشاط ملحوظ فى الرّفع من الأداء الوظيفى المتخصص لكل خلية.
ولنأخذ مثلا الخلية العصبية بالمخ .
فنجد ان الخلايا المخية ازداد نشاطها بعد امتصاصها للايثانول، والسبب فى ازدياد النشاط الوظيفي هو أن الايثانول يدخل فى الشق الفاصل بينها وبين الخلية الأخرى المتصلة بها وظيفيا (وتسمى بالسينابسى ) وهكذا يعرقل وصول الاشارة العصبية اليها مما يدفع بالخلية المخية المعطية للاشارة العصبية الى ازدياد قوتها ونشاطها للتغلب على العرقلة التى جاءت أمامها، وهنا يجب أن نذكر أن النشاط لا يقتصر على الخلية المخية فحسب ولكن ما تحتها من خلايا اخرى متصلة بها وظيفيا يقع بها بطئا وظيفيا بسبب تعطيل وصول الاشارة العصبية لها الناتج عن وجود العائق الميثانولى، وافضل مثل هى الخلايا العضلية الواقعة تحت السيطرة المباشرة للخلايا المحرّكة المخيّة حيث يظهر تدريجيا ثقل حركتها وعدم استجابتها السريعة للظروف المحيطة وركاكة ردود فعلها وفقدان توازنها .
فشرب الخمر بكمية بسيطة يعطي المرء بادئي ذى بدء الشعور بالراحة والاسترخاء. وعند تكرر هذا الامر يبتدأ المرء بالاحساس حتى بالانتعاش التدريجى ونوع من السعادة بدون سبب ظاهرى كما ترتفع درجة حرارة الجسم قليلا بسبب توسع وقع فى الأوعية الدموية.
هذا الاسترخاء و الانتعاش والسعادة الداخلية يرتبط حصوله بشرب الخمر مما يدفع الانسان الى التكرار والتكرار المتزايد لتناول الكحول ، حيث مع الايام يسبب هذا التكرار ادمانا نفسيا ، اى ان يرتبط الانسان بهذه المادة الغريبة اكثر وأكثر دون ان ينتبه وذلك للحصول على تلك الاحاسيس التى اصبح الان هو بحاجة اليها. والاهم من ذلك هو انه يجد نفسه مع التكرار مضطر لزيادة الكمية المتناولة فى كل مرة للوصول الى نفس درجة السعادة والإنتعاش الذى تعوّد عليه وعهده، ومع الوقت نجده أيضا هو بنفسه أخذ يرفع فى القدر الذى يحتسيه لزيادة شدة الاحاسيس الكاذبة .
ولنبيّن هذا الكلام بدقة أكثر نقول :
بداية كانت وعلى سبيل المثال كأس واحدة فشعر بعدها بالإنتعاش والسعادة .
وبعد فترة من الزمن لم تعد تكفى كأس واحدة لتوليد نفس الإحساس فكانت الزيادة هنا ضرورية للوصول الى نفس الدرجة من السعادة المعهودة ولتكون الزيادة هنا الى الكأسين مثلا وذلك للتعوّد التدريجى على المادة الكحولية المحتساة .
والان وهذا من الامور الطبيعية النفسية حيث يميل الانسان دائما الى الزيادة من الشيئ المستساغ و الجميل فنرى انه يزيد من الكمية المتناولة بغرض زيادة لذة الاستمتاع بالاحاسيس الجميلة ولنقل مثلا ان الزيادة الان أصبحت الى الضعف اى الى اربعة كوؤس يحتسيها الانسان فى نفس الجلسة التى كان يشرب فيها كأسا واحدة وهو لم يصل بعد الى مرحلة السكر وفقدان العقل.
هذا واذا ما سألناه ان يتوقف عن الشرب لاستصعب هذا جدا وسيرفضه بشدة وذلك لإرتباطه النفسى بهذا المشروب لما له من تأثيرات احبها ويريد ان يستمر فى التلذذ بها . ولكن من الجانب العلمى فهو لا زال قادرا على ترك هذه المادة التى أخذت تسيطر على احاسيسه وعقله ، بحيث ان تركها لا يحتاج الا الى شيئ من قوة الارادة لا غير حيث لم تتكون بعد أية توابع جسمية بدنية ، بحيث لن يتعرض بعد التوقف الى أية مشاكل صحية كتدهور بعض الوظائف العضوية مثلا ، وهذا ما نسميه بالإدمان النفسى .
والان لنرجع قليلا لنرى لماذا يتعوّد شارب الكحول على الكحول ولماذا يطلب الزيادة مع مرور الوقت؟
وللإجابة على هذا السؤال يجب ان نذهب الى الخلية الكبدية .
فالكبد هى من أكبر الاعضاء فى الجسم وذات أهمية عظمى لحياة الانسان وهى تلعب الدور الاكبر فى عمليات الاستقلابات الغذائية والتخلص من السموم الناتجة عن عمليات الهدم الغذائي ومن المعلوم ان كل ما دخل عن طريق الفم لا بد وان يمر بالكبد ، حيث بعد هضمه وامتصاصه عن طريق الامعاء يحمله الدم عن طريق الاوردة المعوية ومنها الى الوريد البابى الذى يصب فى الكبد ، اى الى الخلايا الكبدية ، ومن حكمة الخالق جل فى علاه ان الوريد البابى هو وريد وظيفى صرف وليس كما يظن الانسان من الوهلة الاولى بانه وريد للتخلص من الفضلات الكبدية ، حيث عند دخول الوريد البابى الى الكبد يتفرع الى شعيرات دموية مجهرية تحيط بالخلايا الكبدية للتمكّن من تسليمها الدم الاتى من الامعاء بما فيه من فضلات وسموم قادمة من الامعاء (اى المبتلعة من الفم) فتبدأ الخلية الكبدية فى وظيفتها المحلّة للسموم والمعادلة لها والاحتفاظ بالضار منها بداخلها ثم ترجّع للدم اى الى الشعيرات الدموية ما فيه الفائدة للجسم، ثم تجتمع الشعيرات من جديد الى وريد يصب فى الوريد الغذائي الرئيسى للكبد، فسبحان الخالق. وحتى يفرق المرء بين شبكة الشعيرات الوظيفية من الغذائية اطلق على الوظيفية اسم شبكة الشعيرات الوريدية العجيبة وذلك لانها تبدأ بوريد وتنتهى أيضا بوريد .
وهذا ما يحصل لمادة الإيثانول والتي تستقر أخيرا فى الخلية الكبدية، حيث تبدأ الأخيرة فى صراع عنيف مع المادة الكحولية لإبطال مفعولها بالنظر الى أنها من المواد السامة.
والعلم يصنّف الإيثانول على رأس السموم المضرة بالانسان، وبما أن الكبد هو المسؤول عن التخلص منه فيبدأ بمعادلته كيميائيا لإيقاف مفعوله السام ثم فكه الى مكوناته الاساسية والتخلص منه. وهذه عملية مجهدة للخلية الكبدية وظيفيا وذلك لصعوبة تفكيكه ، ثم ان الابقاء على المادة السامة منه بداخل الخلية للتخلص منها بطرق كيميائية اخرى يزيد من اعياء الخلية مع الزمن .
بينما نجد انه وفى البداية يقع تحد للخلية الكبدية للتخلص من هذا السم ، فتزيد من نشاطها التدريجى وذلك للمخزون الوظيفى لديها ، تزداد ايضا سرعة تخلصها من هذه السموم وبه تختفى السموم بسرعة اكبر من قبل وتختفى اعراضه المنشودة من قبل شارب الخمر بأسرع مما هو يتوقع ، فبدل ان يبقى المفعول المنعش مثلا لمدة ساعة نجده الان استمر لمدة نصف الساعة فقط.. وهذا يدفع المحتسى الى احتساء كمية اكبر وهكذا ، حيث بهذه الكيفية يقع التعوّد والذى يدفع بشارب الخمر الى زيادة الكمية المتناولة …
ففى البداية تكون الكمية المأخوذة قليلة كما أسلفنا ، وتنجح الكبد فى تخليص الجسم منه بالكامل. ولكن مع استمرار توافد كميات أكبر و أكبر منه ودون توقف تبدأ الكبد تدريجيا بالتأثر السلبى لعملية معادلة السموم ، حيث مع الايام ولزيادة تراكم السموم فيها ولكثرة اجهادها تبدأ عليها علامات الاعياء والنقص الوظيفى. حيث تأخذ خلاياها فى فقدان وظيفتها التدريجى ثم تفقد وظيفتها كليّة و تموت.
ولكن من فضل الله علينا ولأهمية الكبد جعلها الله من الأعضاء عالية الكفائة بحيث تتولى خلايا أخرى وظيفة ما تلف منها.
الكبد لا يتكون من جديد و لكن عند تلف خلية به ترتفع الكفاءة الوظيفية لخلية أخرى معوّضة التي تلفت فلا تتعرض الوظيفة الكلية للكبد للنقصان . ولكن حتى هذا التعويض الوظيفى لا يدوم ابدا . وهذا التلف يظهر سريريا على هيئة ما نسميه بالالتهاب الكبدى الكحولى والذى بدوره يؤدى الى التليّف او التصلّب (او التشمّع ) الكبدى الكحولى . وانسان يعانى من تليّف لثلثىّ الكبد لازال يتمتع بوضع صحّي مقبول ولكن الطريق للتليف الكلّي والوفاة اصبح مفتوحا.
فالموضوع اصبح الان تبادل وتناظر بين الخليّة المخيّة و الخليّة الكبديّة :
فالخلية المخية انسجمت وتفاعلت مع المادة الايثانولية بطريقة جعلت الانسان وبسعادة نفسيّة يتوسع ويزيد فى الشراب غير دارٍ ولا مكترث بما يجرى حقيقة داخل جسده فلا يهمه الا اتباع هواه والتمتع بلذّة السعادة (الوهمية) التى صنعها له خيال مؤقت.
وهناك الخلية الكبدية والتى أخذت تعانى من شطط الخلية المخية ومن رفع الكميات السامة ومن ازدياد عملها لدرجة الإعياء ثم الهلاك.
والمشكلة الان هو عدم القدرة على التوقف ، حيث فى الغضون دخل شارب الكحول الى الادمان الجسدى . وهذا يعنى وكما سبق الذكر ان المادة الكحولية تذهب الى جميع خلايا الجسم دون استثناء فتتعود الخلايا على النشاط الوظيفى الذى دخل عليها وهذا يتحوّل مع الوقت الى اعتماد اصلى على هذه المادة حتى تعمل الخلية بطريقتها العادية بحيث تأتى الساعة التى لا تعمل فيها بصورة طبيعية الا بوجود هذه المادة ، فاذا ما حاولنا التوقف او منع المتعاطى من شرب الكحول وقعت له مشاكل صحية جسيمة واضطراب وظيفى خطير قد يؤدى الى الوفاة وهذا ما نسميه الادمان الجسدى. ولذلك فهؤلاء البشر بحاجة الى علاج سريري فى العناية الفائقة لعلاج اعراض سحب الميثانول والذى لابد ان يتم تدريجيا.
أليس هذا ما أراد الله تعالى ابعادنا عنه ؟
وبسبب اعاقته التدريجية للوظائف الجسمية نجد ان الاداء الحركى للجسم أخذ يضطرب لدرجة يستحيل معها انجاز مهمة بدنية او عمل ما ، حتى المشية السليمة تختفى لتحل محلها المشية المترنّحة وثم الى عدم القدرة على المشي اطلاقا ثم السقوط ارضا ثم اختفاء الاحساس ثم تباطؤ فى التنفس وفى دقات القلب حتى تحلّ الوفاة ثم الموت .
وبعد هذا فهل نحن منتهون ؟
وقف السليمانية/ مركز بحوث الدين و الفطرة _ اسطنبول
الموقع: حبل الله www.hablullah.com
أ.د عبد الحميد الجهانى
أضف تعليقا