السؤال: ما حكم مَن قتل امراة قريبة له لأنها مشت مع رجل أو أنها تحبه، والناس كلهم يعرفون بذلك، ولأنها شوهت شرف العائلة؟
الجواب: إذا أحبت المرأة رجلا وأرادت الزواج منه فذاك ليس بجريمة، وإنما هو أمر جبلي لا يملك الانسان له دفعا، والأصل أن يساعدها أولياوها في الزواج منه، لا أن يقفوا في طريقها، حيث قال الله تعالى {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} ثم عقَّبَ على ذلك بقوله {ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (البقرة، 232) فالمؤمن هو الذي يحتكم بكل تصرفاته لدينه وليس لأفكار الجاهلية، ومن الطهارة أن تقبل عائلة المرأة زواجها ممن رضيت به، أما عضلها (أي منعها) هو الخطأ الذي يمكن أن يولِّد أخطاء أخر، كزواجها ممن تريد بدون إذن أهلها.
إذنُ الأولياء في النكاح مُعتبر، لكنه مُقيَّد بالمعروف، أي بما يحقق المصلحة للمرأة، فلا يصحُّ أن يُتخذ دور الولي سبيلا للقهر والتسلط، لذلك إذا رفض أولياء المرأة تزويجها لمن تريد دون وجه حق، فلها أن تلجأ إلى السلطان (القضاء) فيزِّوجُها، وزواجها عندئذ صحيح، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم «أيُّما امرأةٍ نكحت بغير إذن مَواليها فنِكاحها باطلٌ، ثلاثَ مراتٍ. فإنْ دَخَلَ بها فالمَهرُ لها بما أَصاب منها، فإنْ تَشاجَروا فالسُلطانُ وَلِيُّ مَن لا وَلِيَّ له».[1] والمقصودون بقوله عليه الصلاة والسلام (فإنْ تَشاجَروا) أي المرأة وأولياؤها، فإن السلطان ينوب مكان الأولياء في تزويجها.
وإن التقت المرأة بمن تريد الزواج منه ولم يكن هناك خلوة فلا حرج في ذلك شرعا، وإن التقيا بخلوة فهما آثمان بذلك، لكن لا عقوبة دنيوية عليهما، والواجب بحقهما النصح والارشاد، فمن اعتدى على المرأة أو الرجل بسبب ذلك فهو آثم ومعتدٍ يحقُّ مقاضاته، وإن قُتلت المرأة بزعم الدفاع عن شرف العائلة فقاتلها مجرمٌ تُوجَّه له تهمة القتل العمد، ويُحاكم بناء على ذلك.
[1] سنن أبي داود، النكاح، باب 20 رقم 2083؛ الترمذي، النكاح، باب 14 رقم 1102؛ إبن ماجه، النكاح، باب 15 رقم 1879؛ مسند أحمد 6/66.
أضف تعليقا