السؤال: امرأة طلقها زوجها وهي حامل ثم اسقطت جنينها وكان في أسابيعه الأولى، حيث لم تنفخ فيه الروح بعد، فهل عدتها تنقضي باسقاط الجنين أم عليها أن تعتدَّ بثلاثة قروء؟
الجواب: قال الله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (الطلاق، 4) تشير هذه الآية أنَّ كلَّ ما يُسمى حملا تنقضي عدة الحامل بوضعه، والمرأة تسمى حاملا عندما تستقر النطفة في رحمها، وهذا يُفهم من قوله تعالى:
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ. ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (المؤمنون، 14) فقد اعتبرت الآية استقرار النطفة في الرحم بداية الحمل.
وقد وصف الله تعالى الحمل في أوله بالخفيف، بينما وصفه في آخره بالثقيل، وكلاهما حمل. قال الله تعالى:
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (الأعراف، 189)
وقد وجدنا من الفقهاء من اتفق رأيهم مع ما توصلنا إليه من الآيات السابقة:
قال الشيخ خليل من المالكية : “وَعِدَّةُ الْحَامِلِ فِي طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ، وَضْعُ حَمْلِهَا كُلِّهِ وَإِنْ دَمًا اجْتَمَعَ”[1]
وقد ذهب جمهور الفقهاء أن الحمل الذي تنقضي العدة بسقوطه هو ما كان متخلقا، دون ذكر دليل يسعفهم، قال الإمام الشافعي: (وَأَقَلُّ مَا تَخْلُو بِهِ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ مِنْ وَضْعِ الْحَمْلِ أَنْ تَضَعَ سِقْطًا قَدْ بَانَ لَهُ مِنْ خَلْقِ بَنِي آدَمَ شَيْءٌ عَيْنٌ أَوْ ظُفْرٌ أَوْ أُصْبُعٌ أَوْ رَأْسٌ أَوْ يَدٌ أَوْ رَجُلٌ أَوْ بَدَنٌ أَوْ مَا إذَا رُئِيَ عَلِمَ مَنْ رَآهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا خَلْقَ آدَمِيٍّ لَا يَكُونُ دَمًا فِي بَطْنٍ وَلَا حَشْوَةً وَلَا شَيْئًا لَا يَبِينُ خَلْقُهُ. فَإِذَا وَضَعَتْ مَا هُوَ هَكَذَا حَلَّتْ بِهِ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ)[2]. كما ترى فإن الشافعي لم يأت بدليل لرأيه، وكذلك من وافقوه الرأي من العلماء لم يحتجوا بدليل يرُكن إليه في المسألة.
أضف تعليقا