السؤال: اعتماد الديمقراطية كمبدأ يتم من خلاله اختيار الحاكم وممثلي الشعب هل يتعارض مع مبادئ الاسلام؟ وهل الإدلاء بالصوت لاختيار أحد المرشحين هو من قبيل الكفر بمبادئ الاسلام؟
الجواب: لا يوجد في القرآن والسنة نصوص تبيِّن طبيعة النظام الإداري للدولة، كما لا يوجد نصوص تبين كيفية اختيار الحاكم أو ممثلي الشعب، وإنما تُرك الأمر في ذلك لما يتوافق عليه أهل البلد، ويخضع ذلك _بلا شك_ لطبيعة التطور في حياة المجتمعات وأسلوب نظْمها المجتمعي ومستواها المعرفي، حتى إن طبيعة اختيار الخلفاء الراشدين الأربعة كانت مختلفة نظرا لاختلاف حالات اختيار كل منهم بالرغم من تقارب الزمان والمكان.
فقد اختير أبو بكر الصديق بطريق الاختيار المباشر من قبل مجموعة من الصحابة حيث بايعوه خليفة، ثم توالى الناس يبايعونه، أما عمر فقد أوصى به أبو بكر وبايعه الناس خليفة أخذا بوصية أبي بكر، أما عثمان فقد رشّحه عمر ضمن ستة أشخاص ليختار الناسُ واحداً منهم خليفة له، فاختاروا عثمان وبايعوه بعد نقاشات مطولة ، أما عليٌّ فقد حمله الناس على أن يكون الخليفة بعد مقتل عثمان لما رأوا أنه الافضل الذي يمكنه إخراج الأمة من المأزق الذي كانت فيه.
ولو نظرنا في الأمثلة القرآنية لوجدنا أن داوود عليه السلام قد خلف طالوت الذي سبق ان اختاره الله ملكا على بني اسرائيل، وأن سليمان خلف أباه داوود.
إذن لا يوجد ما يوجب على الناس طريقة محددة في اختيار حاكمهم، والعلة في ذلك أن هذا الأمر هو تنظيم بشري تختلف الحاجة إليه من زمان إلى آخر ومن مكان إلى آخر، فتُرك الأمرُ فيه إلى الناس يقدِّرون الصواب فيه، لذلك فإن شرعية وجود الحاكم تعود إلى الشعب وسلطتَه مستمدةٌ منه، وهو يحكم باسمهم، وبهذا المنهج يمكننا أن نأمن من الكهنوت وادعاء بعض الحكام أن لهم صفات إلهية بشكل صريح كما زعم فرعون، أو بشكل غير صريح كما أوحى بذلك الكثير من الحكام عبر التاريخ، ومن ذلك ما اشتهر لدى المسلمين من أن الحاكم ظل الله في الأرض، تعالى الله عما يقولون.
إن الأساس الذي يُبنى عليه التصور الاسلامي للدولة هو أن تحقق الدولة عبر إدارييها أقصى درجات الأمن والعدل، ورعاية الحقوق والحريات العامة، وأن تكافح في حل المشكلات الاجتماعية كالفقر والجهل والجريمة، أما شكل الدولة فيتم تحديده بناء على ظروف الزمان والمكان.
ليس هناك ما يمنع أن يتم انتخاب رئيس الدولة أو غيره من كبار الموظفين عبر العملية الانتخابية، لأجل ذلك فإن النظام الديمقراطي هو نوع مما توصل إليه الانسان المتحضر في اختيار الحاكم ومَن دونه من الموظفين، وهو أمر لا علاقة له بالإيمان والكفر البتة، وهذا لا يمنع أن يستغل البعض النظام الديمقراطي كآلة للافتئات على دين الله تعالى وشن الحرب على عباده، وهي _الديقراطية_ كغيرها من الأشياء التي يمكن أن يجيِّرها المفسدون لخدمة مصالحهم الذاتية ويحولونها من أداة للإصلاح إلى آلة للهدم.
أضف تعليقا