السؤال: هل يجب مراعات الترتيل وأحكام التجويد عند قراءة القرآن؟ أوليس الإكثار من الإنغماس في الأحكام يُشغل عن التدبُّر و التفكُّر في القرآن. أريد رأيكم بخصوص هذا الأمر.
الجواب: هناك أمرٌ بالترتيل وهو القراءة المترسلة المجودة التي تتميَّز عن غيرها من القراءات بقوله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا} (المزمل، 4) كما أنَّ هناك أوامر بالتدبُّر، كما قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (ص،29) { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (النساء، 82) {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (محمد، 24)، ولا شك أنَّ التركيز يجب أن ينصبَّ على التدبُّر والفهم، لأنَّ الهدف من إنزال الكتاب هو الهداية، ولا تتمُّ إلا بالتدبُّر الذي يقود إلى الفهم وإلى التطبيق تبعا لذلك. والتدبُّر يعني تتبُّع الروابط والمناسبات بين الآيات للوصول إلى الحكمة، لأنَّ آيات الكتاب يفصِّلُ بعضها بعضا: {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (فصلت، 3)
إنَّ القول بضروة التدبُّر لا يعفينا من الاهتمام بالتَّرتيل؛ إذ من ضرورات الفهم التَّمكُّن من النَّص وتقريبه للذهن، ولا شكَّ أنَّ التَّرتيل يؤدِّي دورا هامَّا في ذلك، كما إنَّ له جانبا نفسيا مهمَّا بتقريب الإنسان من كتاب الله. وهو كما يُرى وسيلةٌ لا غاية.. ولا يصحُّ أن يطغى الاهتمام به على التدبُّر؛ فهذا كالتمسُّك بالوسيلة مع إهمال الهدف. والقول بضرورة الترَّكيز على التدبُّر لا يجيز لنا نبذ التجويد وأحكامه؛ لأنه أحد أوجه التَّرتيل المأمور به، فالمسلم لا يجنح للتَّطرُّف في أيِّ أمر، بل هو الوسطيُّ الذي يعطي كلَّ شيء حقَّه.
أضف تعليقا