السؤال : هل يدخلُ الجنُّ بدن الإنسان ؟
الجواب : يهتمُّ كلُّ مُسلمٍ بمعرفة القضايا الدِّينيَّة اللازمة في حياته، لكن يحدثُ أحياناً أن تحلَّ الخُرافاتُ في مكان الدِّين وأن تتحوَّلَ بذلك حياةُ الإنسان إلى جحيم !
يؤمنُ كثيرٌ من المُسلمين بأنَّ الجنَّ يُمكن أن يسكن بدنَ الإنسان فيُسببَ له مشكلاتٍ نفسيَّة مرضيَّة، وأنَّ بعض الشيوخ قادرون على إخراج الجنِّ من بدن الإنسان !
إنَّ سببَ انتشار هذه الخُرافة هو ابتعادُ المُسلمين عن كتاب الله وتحويلُ بعض الشيوخ دينَ الله إلى تجارةٍ يكسبون منها كثيراً من الأموال.
لو سألتَ المؤمنين بهذه الخُرافة عن دليلهم لأجابوك بالآية القرآنيِّة[1] التي تتحدَّثُ عن حالة آكلي الرِّبا في الدُّنيا، فهم سمحوا للشيطان بالسيطرة على عقولهم لأنَّهم قالوا بأنَّ الرِّبا حلالٌ لأنَّه يُشبه البيعَ، فالمسُّ المذكورُ في الآية لا يعني دخولَ الشَّيطان إلى جسد أكل الرِّبا، بل يعني أنَّ آكلَ الرِّبا أصبحَ تحت سلطان الشَّيطان، وهذا لا يُمكنُ أن يكونَ في حالة المُسلمين الملتزمين بأوامر الله تعالى القائل :
“إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ” الحجر 42
فالشَّيطانُ هو كلُّ مخلوقٍ من الإنس والجن يُحاولُ إبعادَك عن تنفيذ أوامر الله :
“وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ” الأنعام 112
فالشَّخصُ الذي يُحرِّمُ ما أحلَّه الله أو يُحللُ ما حرَّمَه الله يُصبحُ تحت سلطان شياطين الإنس والجن، فلا يستطيع بعد ذلك رؤية الحقائق :
” قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۖ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ” الأنعام 71
فالشَّيطانُ يقتربُ من الإنسان الذي يبتعدُ عن تنفيذ أوامر الله، إلى أن يُصبحَ رفيقاً له كما تقولُ الآيةُ الكريمة :
“وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ” الزُّخرف 36
إنَّ الجنَّ مخلوقاتٌ من نار، ولا نستطيع رؤيتَهم، ومنهم المُسلم ومنهم غيرُ المُسلم كما يُخبرُنا اللهُ تعالى في سورة الجن. فهل الجنِّيُ الذي يدخل جسمَ الإنسان مُسلمٌ أو كافر ؟
إنَّ الابتعادَ عن آيات الله تعالى يجعلُ الإنسانَ تحت سلطان شياطين الإنس والجن، فتسوءُ حالتُه النفسيَّة إلى درجةٍ يتخيَّلُ فيها أنَّ الشَّياطين تسكن جسدَه :
“وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ، وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ” الأعراف 175_176
إنَّ طريقة معالجة ذلك لا تكون عبر الذَّهاب إلى الشُّيوخ ودفع الأموال لهم، بل تكون عبر التوبة الصَّادقة و اتباع آيات الله، فحينئذٍ فقط يشعر الإنسانُ بالطمأنينة :
“الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ” الرَّعد 28
إنَّ سيطرةَ الخرافة على حياة أكثر المُسلمين اليوم ليست سوى نتيجةً طبيعيَّةً لابتعادهم عن كتاب الله تعالى.
الجنُّ لا يدخلُ جسد الإنسان، أمَّا حين يبتعدُ الإنسانُ عن تعليمات الله فسيصبح صديقاً ملازماً لشياطين الإنس والجن.
وقف السليمانية/ مركز بحوث الدين والفطرة
الموقع: حبل الله www.hablullah.com
هشام العبد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الآية قوله تعالى “الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ” البقرة 275
اهلا بحضرتك وعندى سؤال:
للأسف وجدت فيديو تتلى فيه آيات القرآن بشكل معكوس، هل معنى هذا أنها استحضار للجن؟ والآيات كانت غير مفهومة لأن صوت الفيديو كان معكوسا،
فما رأى حضرتكم
الجواب:
لا يجوز قراءة القرآن بالمعكوس لأنه على خلاف النظم الذي أراده الله تعالى، ولأنه لا يمكن أن يتوصل القارئ إلى مراد الله تعالى من الآيات.
ولا شك أن دوافع هذا الفعل غير نزيهة البتة، لكن لا أعلم إن كان يقصد به استحضار الشياطين أو أنه يمكن استحضارهم بهذه الطريقة أم لا. لكن المقطوع به أن مثل هذه الأفعال تفرح الشياطين لما فيها من مخالفة أمر الله تعالى.