مسُّ المصحف من غير وضوء
ذهبَ كثيرٌ من العُلماء المُسلمين إلى القول بتحريم مس المصحف أو حمله دون وضوء، ودليلُهم الوحيد في ذلك هو الآية التاسعة والسبعين من سورة الواقعة[1].
بينما قال علماء آخرون منهم الحاكم وداوود الظاهري إلى جواز حمل المصحف دون وضوء.
أي أنَّ هناك اختلافاً في الرأي حول هذه المسألة.
إنَّ الآيةَ التي استدلَّ بها الفريقُ الأوَّل لا علاقةَ لها بمسِّ المصحف دون وضوء، فهي لا تتحدَّثُ عن المصحف الموجود بين أيدينا اليوم، بل عن الكتاب المكنون الذي يحتوي القرآنَ الكريم، فهذا الكتابُ لا يمسه إلَّا الملائكة المُكلَّفون بنقل رسالة الله إلى نبيِّه الكريم، فكلمة “المُطهَّرون” المذكورة في الآية تعني الملائكة حصراً.
فالآية المذكورة لا تتضمَّنُ أمراً، بل هي جملة خبريَّة تصفُ حال الكتاب المكنون الذي لا يُمكنُ أن نراه نحن البشر بأعيننا.
والله تعالى يصفُ الكتاب المكنون باللوح المحفوظ : ” بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ، فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ” البروج 21_22
لو نظرنا إلى الآيات التَّالية من سورة عبس لتبيَّنَ لنا تماماً المعنى الذي ذكرناه، حيث يقولُ تعالى :
“كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ، فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ، فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ، مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ، بِأَيْدِي سَفَرَةٍ، كِرَامٍ بَرَرَةٍ” عبس 11_16
إنَّ الآية التاسعة والسبعين من سورة الواقعة تتحدَّثُ حصراً عن الكتاب المكنون الذي لا تصلُ إليه إلَّا أيدي الملائكة، وهي التي تتنزَّلُ بمحتواه إلى نبي الله، وهي ردٌّ على مَن ادَّعى أنَّ الشياطين هي التي تنزَّلت بالقرآن الكريم إلى مُحمَّد عليه الصَّلاة والسَّلام.
“وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ، وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ” الشعراء 210_211
إنَّ الأداة “لا” المذكورة في بداية الآية التاسعة والسبعين من سورة الواقعة لا تُفيد النهي، بل تُفيد النفي.
إنَّ وصفَ “المُطهَّرون” لا يُطلقُ على النَّاس، لأنَّه يعني أنَّ صاحبَه هو في حالة طُهرٍ دائمٍ لا ينقطع، وهو ما لا ينطبق علينا كبشر، لذلك فإنَّ القرآنَ الكريم حين يتحدَّث عن طهارة البشر يستخدم وصف “المتطهرين” وليس “المُطهَّرين”.
إنَّ الفهم الخاطئ للآية التاسعة والسبعين من سورة الواقعة جعل الناس في حرجٍ، وساهم في إبعاد المُسلمين عن كتاب الله أكثر.
انشغلَ المسلمون بتقديس أوراق المصحف ولم يُعيروا انتباهاً لأوامره ونواهيه، فكانت النتيجةُ أن غرقوا في ظلمات الجهل التي نراها اليوم.
تستطيع مسَّ المصحق وقراءَته دون وضوء، لكن عليك القراءة بتدبُّر وبصدقٍ وبنيَّةٍ لتطبيق ما تقرأه من كتاب الله تعالى.
وقف السليمانية/ مركز بحوث الدين والفطرة
الموقع: حبل الله www.hablullah.com
هشام العبد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] “لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ”
جزاكم الله خيرا، عقدوها المشايخ لدرجة إنه الواحد صار ما يحب يلمس المصحف، مع إني فكرت بالموضوع، المصحف قد كُتب بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، يعني ربنا لم يعن بالآية المصحف اللي بين يدينا، أشعر بفتاوى هذا الزمان اشبه بآية “هذا ما وجدنا عليه آباءنا”
السلآم عليكم ورحمة ألله وبركاته
هل صحيح ان القرآن جمع بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام؟ كنت أتساءل أليس جمع القرآن متضمن في إبلاغ رسالته عليه السلام؟ فكيف لا يسلم الرسول الكريم القرآن كما وصل إلينا بترتيبه وهو حياته كلها كانت لابلاغ رسالة الله التي هي كلامه؟ وهل الصحابة أحرص منه حاشاه على جمع القرآن ليصل إلينا كما وصل؟
علما ان كثيرا من شباب المسلمين تزلزل إيمانهم بمعرفة أن سيدنا عثمان حرق المصاحف وأبقى على واحد وهو مصحف عثمان مما أدخل الشك عندهم في كتاب الله.
انتظر اجابتكم اثابكم الله خيرا
وعليكم السلام ورحمة الله
يفهم من الآية التالية أن الرسول صلوات الله عليه خط القرآن بيمينه:
﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ [العنكبوت: 48]
بحسب الآية فإن رسول الله لم يخط كتابا بيمينه قبل القرآن، وهذا يفهم منه أنه كتبه ووثقه.
جزاكم الله خيرا اخي جمال