السؤال: أعلم أنَّ الرَّسول لا يجوز أن يحرِّم أو يحلِّل من تلقاء نفسه لأنَّ التحليل والتحريم من حقِّ الله تعالى وحده، لكن يحتجُّ البعض بالآية السابعة من سورة الحشر على أحقية الرَّسول بالتَّشريع، الآية هي قوله تعالى {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} فما رأيكم بالمسألة؟
الجواب: هناك أمر بالطَّاعة المطلقة للرَّسول لأنَّه بهذه الصفة يكون مبلغا عن الله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (الأنعام، 19) والرسول هو الشخص حامل الرسالة كما تأتي الكلمة بمعنى الرسالة أيضا، وكون هذه الرسالة (القرآن) كلام الله فإنّ الطاعة تكون لله. قال الله تعالى {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (النساء،80). أي من يطع الرسول فيما يبلغ عن الله من القرآن فقد أطاع الله، أو من يطع ما تقتضيه الرسالة (القرآن) فقد أطاع الله، لأنَّه يتعذَّر معرفة أوامر الله تعالى ونواهيه بدون الرِّسالة وهي لا تأتينا إلا عبر الرَّسول. والرَّسولُ لا يزيد ولا ينقص في كلام الله. قال تعالى {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ. لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ. فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} (الحاقه 44-47)
وعندما تتحدَّث الآيات عن محمَّد صلى الله عليه وسلم بوصفه نبيَّا تقيِّد وجوب طاعته بالمعروف، كما جاء في قوله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (الممتحنة، 12) قيَّدت الآية وجوب طاعة النَّبي بالمعروف لأنَّه بهذه الصفة قد يخطئ لأنَّه بشر، وقد ورد كثير من الآيات تعاتب النَّبي على بعض الأخطاء. والآيات التي تُبيِّن خطأه لا تستخدمُ كلمةَ رسول أبداً. فقد جاء في حقِّ أسرى بدر قوله تعالى {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (الأنفال: 8/67-68)
يتبين مما سبق أن الأعمال التي قام بها عليه الصلاة والسلام بصفة نبيَّا هي أعمال شخصيَّة. وهي بهذه الصفة لا تكون تشريعا ملزما. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (تحريم : 66/1)
التفريق بين معنى النبي والرسول مهمٌّ للغاية، والخلط في المعنى نتج عنه تنزيل معنى الرسول على النَّبيِّ ليسوغ تقديس أقوال النَّبي احتجاجا بالآية التي ذكرتها في سؤالك.
ولمزيد من المعلومات حول التفريق بين معنى النبي والرسول ننصح بقراءة مقالة (النبي والرسول وضرورة التفريق بينهما) على الرابط التالي http://www.hablullah.com/?p=1239
أضف تعليقا