السؤال: أنزل الله تعالى على نبيِّه محمدٍ الكتابَ والحكمة، كما في الآية التالية {وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة} (النساء، 113) فما هو الكتاب وما هي الحكمة؟
الجواب: الكتابُ هو القرآن بنصِّه، أما الحكمة فهي الأحكام الصحيحة المستخرجة منه، وقد أنزل الله تعالى الكتاب والحكمة على كلِّ الأنبياء كما أورده قوله تعالى:
{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} (آل عمران، 81)
فالحكمة هي روح الكتاب ومقصده، ويمكن الوصول إليها عبر الأصول التي بيَّنها اللهُ تعالى في كتابه، ومن هذه الأصول ردُّ المتشابه إلى المحكم[1]، وملاحظة المناسبات بين الآيات[2]، ومراعاة قواعد اللغة العربية[3]، والنَّظر في تطبيقات النَّبيِّ باعتباره القدوة الحسنة[4]، فكلُّ ذلك يقود إلى الحكمة، فما أن يصلَ الإنسانُ إليها ويمتثلَها ويأخذَ بها حتى تستقيم حياتُه وتنجلي أفكارُه. جاء في دعاء إبراهيم عليه السلام لأهل مكة:
{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (البقرة، 129)
وقد استجاب الله دعاء إبراهيم وبعث نبيَّه الخاتمَ فيهم، وقد ذكر الله منَّته عليهم بقوله:
{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (آل عمران، 164)
فالحكمة ليست شيئا منفصلا عن الكتاب، وإنَّما نزلَ الكتابُ مشتملا عليها، وقد علَّمها جبريلُ نبيَّنا، كما علَّمها نبيُّنا لأصحابه، وظهرت بأقواله وأفعاله، فكان _حقا_ الأسوة الحسنة في تعلُّمها وتعلِيمها وتطبيقها.
وللمزيد حول الموضوع ننصح بقراءة مقالة أ.د عبد العزيز بايندر (الكتاب والحكمة) على هذا الرابط http://www.hablullah.com/?p=1293
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] كما بينه قوله تعالى {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} (آل عمران، 7)
[2] يفهم هذا من قوله تعالى {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (ص، 29)
[3] يدل على ذلك قوله تعالى {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ. نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ. بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} (الشعراء، 195)
[4] كما دلّ عليه قوله تعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (الأحزاب، 21)
يقول الرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضللوا بعدي: كتاب الله وسنتي) والحديث وأمثاله تواترت كالغيث…فلم عدلتم في تفسير الحكمة …واضح لكل ذي لب أن الحكمة هي السنة ….
أخي الكريم طه:
تقول إن الحديث متواتر كالغيث. أرجو منك أن تذكر الروايات المماثلة لهذا الحديث ثم تبين لنا له وجه تواتره، وسنكون لك من الشاكرين
أين دليلك على هذا الكلام تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضللوا بعدي: كتاب الله وسنتي) والحديث وأمثاله تواترت كالغيث . وأين تواترت كالغيث هل الدين خبط لزق بلا تثبت وتروي هل يجوز هذا في الدين؟؟؟
الرواية ليست متواترة كما زعم الأخ الحسيني، بل هي من الآحاد التي تتردد بين ثلاثة ألفاظ، الأول الذي ذكرتَه، والثاني “كتاب الله وعترتي أهل بيتي” والثالثة وهي الأصح سندا “كتاب الله” لكن أهل السنة تمسكوا بالرواية التي ذكرتَها، أما الشيعة فقد تمسكوا بالرواية الثانية. لكن الرواية الثالثة وهي الأصح سندا ومتنا فلم تكن لها فئة تنصرها، لأن كتاب الله قد وُضع في الدرجة الثانية عند الجميع _للأسف_ لذلك لا يُذكر إلا مقترنا بالسنة أو أهل البيت.
وأرجو أن لا تفهم من كلامي أنني منكر للسنة أو لفضل آل البيت، وإنما أردت أن أنبه على أن الإفراط في تقديم السنة وكلام أهل البيت على القرآن غير مقبول. والأصل أن نتناول السنة والمرويات عن الصحابة وأهل البيت على ضوء القرآن وهديه لا أن نتناول القرآن بناء على الروايات كما هو الحال عند غالب المسلمين اليوم بما فيهم أهل السنة والشيعة.