السؤال: أكتب لكم وأشعر بخجل من نفسي.. ابتليت باشتهاء أبناء جنسي من الذكور، وارتكبت الفاحشة عدة مرات بالرغم من أني متدين ونشأت في عائلة متدينة. وقد حاولت الانتهاء عن هذا العمل لكني أجد نفسي مدفعا نحوه. وبدأت أبحث عن سبب اندفاعي لأمر أعلم حرمته، فقرأت في عدة بحوث بأن اشتهاء الذكر للذكر أمر جيني لا يمكن الانفكاك عنه. فإن كان الأمر كذلك فهل هذا عذر لي؟ أشكركم مسبقا وأرجو منكم مساعدتي في هذا الأمر. كما أنني أؤمن بأن الكثير من أمثالي محتاجون إلى مساعدتكم.
الجواب: تكرارُ المعصيةِ يورثُ الاعتياد عليها، تماما كما يستحسنُ المدخنُ رائحةَ الدُّخان بالرغم من نتانته.. عندما يعصي الإنسان أولَّ مرةٍ يشعرُ بغصَّة في قلبه، ذلك أنَّ فطرة الإنسان تأبى عليه معصية خالقه، هذا الشُّعور يبدأ بالتَّراجع في كلِّ مرةٍ يعودُ فيها إلى المعصية حتى ينتهي به الأمر معتادا عليها لا يستطيع الافتراق عنها. وهنا يأتي دور شياطين الإنس والجنِّ ليصوِّرا أنَّ الأمر صار جزءا من التَّكوين النَّفسي للإنسان وأنَّه أمرٌ طبيعي لا ينبغي استنكاره.. ونعلم جميعا دور المؤسسات الإعلامية التي ترعى الدَّعارة بأشكالها كافة لتوحي من خلال ذلك أنَّ الأمر بات طبيعيَّا بل حاجة ينبغي رعايتُها.. ومع الأسف فإنَّ تلك الدِّعاية تجد صدًى عند من ولجوا في الدَّعارة والشُّذوذ، بل إنَّهم يعملون على إقناع أنفسهم بمحتوى الدِّعاية الشَّيطانيَّة.
لكنَّ المسلمَ الحقَّ لا تنطلي عليه أكاذيبُ حزبِ الشيطان مهما علا صوتُهم واشتدَّت دعايتُهم، بل يتبعُ أمرَ ربه ملتزما هديه مفارقا لكلِّ قولٍ يناقضُه ويجاهدُ نفسه في سبيل ذلك.
فقد نهى الله تعالى عن الفواحش كلِّها بقوله: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} (الأنعام، 151)
وبقوله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} (الأعراف، 33)
وأقلُّ الجمع بالعربية ثلاثا، فكلمةُ الفاحشة تشملُ الزِّنا واللِّواط والسُّحاق. فقد حرَّم الله تعالى العلاقة الجنسيَّة بين الذَّكر والذَّكر (اللِّواط) وبين الأنثى والأنثى (السُّحاق) كما حرَّم العلاقة الجنسيَّة بين رجل وامرأة خارج إطار الزَّواج (الزِّنا)
وقال في شأن قوم لوط الذين كان يفعلُ بعضهم ببعضٍ الفاحشةَ:
{كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ. إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ. فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ. وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ. أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ. وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ. قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَالُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ. قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ. رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ. فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ. ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ. وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ. إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ. وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} (الشعراء، 160_175)
لو كان اللّواط أمرا جينيَّا أو وراثيَّا، أي صفةً مخلوقةً في الإنسانِ لا يستطيعُ الانفكاكَ عنها لكانت أمرا طيبا موافقا للفطرة، ولَمَا أرسل الله تعالى لوطا عليه الصلاة والسلام لينذر قومه عذاب الله تعالى إن لم يقلعوا عنها، ولَمَا وصفها بأنَّها فاحشة، ولَمَا قال الله تعالى عنهم بأنَّهم كانوا قرية تعمل الخبائث، بل لَسبقهم إليها مَن عاش قبلهم من الأمم. فالادعاء بأن اشتهاء الذَّكر للذَّكر أو اشتهاء الأنثى للأنثى أمرٌ جينيٌّ طبيعيٌّ هو كذب وافتراء ينبغي عدم الالتفات إليه.. فالذي يجبُ عليك فعله الآن أن تنصرف عن هذا الفعل وأن تمتنع عن كلِّ ما يؤدي إليه مستعينا بالله تعالى، وستعود نفسك إلى طبيعتها الأولى التي فطرها الله عليها:
{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى. الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} (النجم، 31_32)
التزامُ هدي الكتاب والابتعاد عن رفقاء السُّوء وملازمةُ الصَّالحين من النَّاس أمورٌ مهمَّةٌ لبقاء الإنسان مسلما تقيَّا:
{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا. يَاوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا. لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} (الفرقان، 27_29)
واعلمْ أنَّ التَّوبة مفتاحُ الجنَّة؛ فبها تنقلبُ السيئاتُ إلى حسناتٍ:
{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا. إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (الفرقان، 68_70).
السلام عليكم
يقال ان التعدد هو الاصل وان الاقتصار علي واحدة فقط هو عند العجز فقط هل هذا صحيح؟ متي يكون التعدد مكروها؟
هل الثقافة الجنسية حرام؟
وعليكم السلام ورحمة الله
جاء ذكر التعدد في سياق حل مشاكل اجتماعية معينة، كما جاء في قوله تعالى:
﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: 3]
يظهر من الآية أن الرعاية الحثيثة للأيتام قد تتطلب الزواج من أمهم، ومع ذلك فإن الآية تدعو الزوج إلى الاقتصار على زوجة واحدة إذا خشي عدم القدرة على العدل بين زوجاته، وهذا القيد يمنع إباحة التعدد على إطلاقه أو اعتباره فضيلة بعينه أو أنه الأصل في النكاح كما يزعم البعض.
وقد يكون التعدد مكروها أو محرما إذا لم يكن الرجل قادرا على العدل بين زوجاته أو عدم القدرة على الانفاق عليهن.
وقد كان لنا مقالة مفصلة في موضوع التعدد ننصح بالاطلاع عليها ففيها الفائدة بإذن الله تعالى، وهي على الرابط التالي https://www.hablullah.com/?p=1308
كما ننصح بالاطلاع على الفتاوى ذات العلاقة:
لماذا يشرع الله تعالى تعدد الزوجات بالرغم من أنه ليس في صالح الزوجة الأولى؟
https://www.hablullah.com/?p=7403
لماذا لا يجوز للمرأة أن تجمع بين رجلين في النكاح بينما يجوز للرجل أن يجمع بين زوجتين؟ https://www.hablullah.com/?p=6842