السؤال: ما هو حكم القرآن الكريم باستعباد شخصٍ واسترقاقه بالغصب دون إرادته؟ وهل يجوز لغير المؤمن أن يبيع نفسَه كعبدٍ للمؤمنين؟
الجواب: لم يكن للأنبياء حقٌّ في استعباد النَّاس لهم، ولا أن يكونوا أربابا لهم من دون الله، وبطريقة أولى أن لا يكون هذا الحقُّ لمن دونهم من النَّاس. لأنَّ النَّاس خُلقوا عبيدا لله تعالى وليس عبيدا لغيره. قال الله تعالى: {وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران 3/80)
مسألةُ شراء الإنسان وبيعه وردت في القرآن الكريم في موضع واحدٍ بأسلوب إيجابي، حيث قال الله تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (التوبة، 9 / 111)
لا يملك حقَّ شراء الإنسان إلا الله تعالى، ولا يجوز استرقاق الإنسان وبيعه حتى لو كان أسيرا، وكون الإنسان مخلوقا مكرّما يتنافى مع كونه محلا للاستثمار. قال الله تعالى:
{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} (الإسراء 17/70)
ولا يصحُّ لأحد أن يجعل من نفسه عبدا سواء مقابل مال أو بدون مقابل، وتسليم نفسه للرِّق _حتى للمؤمنين_ ليس من حقِّه. لأنَّ الإنسان لا يملك من نفسه إلا ما أباحه الله تعالى له، ألا ترى أنَّه لو انتحر يخلُد في جهنَّم لأنَّه قاتلُ نفس، ولا يقبل التَّعذُّر بأنَّها نفسه وهو حرٌّ بها.
أضف تعليقا