السؤال: ما علاج الختم على القلب؟
الجواب: الختم المذكور في قوله تعالى: {ختَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ} (البقرة، 7) ليس ختما على الحقيقة، وإنما قُصد به المجاز، وهذا من قبيل الاستعارة التمثيليَّة. يقول الزمخشري في تفسير هذه الآية: “فإن قلت: ما معنى الختم على القلوب والأسماع وتغشية الأبصار؟ قلت: لا ختم ولا تغشية ثَمَّ على الحقيقة، وإنما هو من باب المجاز، ويحتمل أن يكون من كلا نوعيه وهما الاستعارة والتمثيل”[1].
ويقول البيضاوي: “وإنما المراد بهما (أي الطبع والختم) أن يحدث في نفوسهم هيئة تمرِّنهم على استحباب الكفر والمعاصي، واستقباح الإيمان والطَّاعات بسبب غيِّهم، وانهماكهم في التَّقليد، وإعراضهم عن النَّظر الصحيح، فتجعل قلوبهم بحيث لا ينفذ فيها الحقُّ، وأسماعُهم تعاف استماعه فتصير كأنَّها مستوثقٌ منها بالختم، وأبصارُهم لا تجتلي الآيات المنصوبة لهم في الأنفس والآفاق كما تجتليها أعين المستبصرين، فتصير كأنها غُطِّي عليها. وحيل بينها وبين الإبصار، وسمّاه على الإستعارة ختماً وتغشية”[2]
وباب التوبة مفتوح لكلِّ إنسان مهما بلغ ذنبه واشتدَّ كفره، لأنَّ ذلك مقتضى الامتحان، كما أنَّه من تمام عدل الله. قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (الزمر، 53) وتُقبل توبة العبد ما لم يحضره الموت، قال تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (النساء، 18)
أمّا السبيل للانفكاك عن ختم القلب فيكون بالإقبال على كتاب الله والإصغاء إليه. يقول الله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأنعام، 122) والميْتُ في الآية هو من خُتِم على قبله، والنُّور هو القرآن[3]، وبه يمكن للإنسان أن ينجوَ من الختم على قلبه (موت القلب)، ذلك أنَّ الختم هو نتيجةُ الإصرار على الكفر أو المعاصي، ويبدِّدُه التَّوجُّهُ نحو كتاب الله فهما وعملا وليس مجرد تلاوة وترديد، فالقرآن ذكرٌ عظيم لا يأتي أكله إلا إذا تدبَّره الإنسانُ بقصد الفهم والتَّطبيق.
وللمزيد حول الموضوع ننصح بقراءة مقالة أ.د عبد العزيز بايندر (الختم على القلب) على الرابط التالي http://www.hablullah.com/?p=1238
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] تفسير الزمخشري على الآية.
[2] تفسير البيضاوي، 1 / 26
[3] كما بينه قوله تعالى { يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (المائدة، 16)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك مشكلة عندي
أفسدت و عصيت ربي مئات المرات
و كنتيجة لذلك دمرت نفسي
خسرت نفسي و إيماني و ربما ختم على قلبي
أريد ان أتوقف عن فعل ذلك
ماذا يجب أن أفعل؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك مشكلة عندي
أفسدت و عصيت ربي مئات المرات
و كنتيجة لذلك دمرت نفسي
خسرت نفسي و إيماني و ربما ختم على قلبي
هل يمكن إزالة هذا الختم أو الطبع على قلبي؟
مارست العادة السرية مرات كثيرة
أريد ان أتوقف عن فعل ذلك
ماذا يجب أن أفعل؟
السؤال
أنا بحمد الله تعالى سلفي المعتقد ، وأدعو الناس إلى التوحيد ، وعندي سؤال ، وهو نحن نعلم يقينا أن الله أحاط بكل شيء علما وهو يعلم ما كان وما يكون ومالم يكن وإذا كان كيف يكون
ولكن لدي شيء لا أدري أهو صحيح أم لا ؟ أنا أرى أن الله تبارك وتعالى لم ير أعمالنا ، بخلاف علمه سبحانه وتعالى ، أذا وقع الفعل بعد ذلك يراه وبخلاف علمه تبارك وتعالى
وإني قلت ذلك لأدلة كثيرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة يوحي بما أقوله وهو (فينظر كيف تعملون) وأشباه هذا اللفظ لذلك أرى أن الله لم ير أعمالنا إلا بعد وقوعها لذلك إذا لم نقل ذلك فيرجح قل من يقول نحن مسيرون ولسنا مخيرون جزاكم الله خيرا ، أجيبوني وأنا بحمد الله لم أدع أحدا إلى قولي ولا أذكره لأحد لأن الناس قد لا يفهمونه (كلموا الناس على قدر عقولهم) جزاك الله خير الجزاء
الجواب: جزاكم الله خيرا وبصركم الحق وهداكم وإيانا إلى ما يحب ويرضى
الله تعالى لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر ، ولا يوجد آية قرآنية تقول بأن الله تعالى يعلم ما سيقوم به الإنسان سلفا، بل هناك آيات يفهم منها العكس، منها قوله تعالى:
﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾ (محمد 47/ 31)
﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ (آل عمران 3/ 142)
﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ ﴾ [البقرة: 143]
﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ﴾ [آل عمران: 140]
نفهم من مجموع الآيات أن الله تعالى اختار أن لا يعلم أفعال المكلفين مسبقا، لأن ذلك من ضرورات نزاهة الامتحان، فعدم علمه سبحانه بأفعال المكلفين سلفا لا يدل على قصور علم الله سبحانه (حاشاه) بل على مشيئته بجعل الإنسان مكلفا ومسؤولا عن أعماله.
*للمزيد من التفاصيل حول الموضوع ننصح بقراءة مقالة (معركة بد والقدر ) على الرابط التالي https://www.hablullah.com/?p=5206
وكذلك مقالة (كتابة الأجل) على هذا الرابط https://www.hablullah.com/?p=2549