السؤال: قالى تعالى: "وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا، حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ. فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً، وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ" (يونس 90-92) هل هذه الآيات تعني أن فرعون نجا من الغرق وأنَّه آمن وأسلم؟
الجواب: هذه الآيات لا تدلُّ على أنَّ فرعون نجا من الغرق، بل تنصُّ على أنَّه تاب حين لم تنفع التَّوبة[1]، فأدركه الغرق لكنَّ بدنه لم يهلك أو يختفي، وإنما أُخرج من البحر كي يراه النَّاس ويكون عبرة لهم. ولو افترضنا أنَّه أُخرج حيَّا فما وجه العبرة بهلاك قومه ونجاته بنفسه بالرغم من أنَّه رأس الفساد فيهم؟!.
والآية التَّالية تنفي احتمال نجاته:
{فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} (القصص 40)
أي نبذناهم جميعًا، ويلزم أن يكون فرعون على رأسهم؛ لأنَّه المذكور الأساسيُّ في الآية فلا بدَّ أنَّ يعود ضمير الجمع مشتملا عليه، وإلا كان عيَّا في الكلام، وهو مستحيل في لغة القرآن.
يقول الطبري في تفسيره للآية 92 من سورة يونس: اليوم نجعلك على نَجْوةٍ[2] من الأرض ببدنك، ينظر إليك هالكًا من كذّب بهلاكك لتكون لمن خلقك آية يعتبرون بك، فينزجرون عن معصية الله، والكفر به والسعي في أرضه بالفساد[3].
وتوضح الآية التالية بأنَّه أُهلك من كان في البحر سوى موسى وقومه:
{فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ. وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ. وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ. ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ. إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} (الشعراء 63- 67)
وقوله تعالى (ثم أغرقنا الآخرين) دليل على أنَّه أُغرق جميعُ جيش فرعون، وفرعونُ من الآخَرين وليس من جماعة موسى عليه السلام.
ــــــــــــــــــــ
[1] يقول الله تعالى {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (النساء 18)
[2] النجوة: الموضع المرتفع على ما حوله من الأرض
[3] انظر تفسير الطبري، على الآية 92 من سورة يونس
مرحبا سيد جمال ورمضان كريم لقد استوقفتني آية ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ﴾لماذا لم يتم ذكر الأخوة وهل معنى هذا ان الأخوة لن يكونوا معا في الجنة وقد قرأت تفسير يقول ان معنى ازواجهم تعني النظراء والأشباه، والأصحاب والأحباب وليس معناها الزوج والزوجة وأنا اري ان هذا التفسير صحيح ولكن أريد ان اتأكد هل صحيح ان الأخوة لن يكونوا معا في الجنة لأن عندي اخت احبها أكثر من نفسي واريد ان أكون انا وهي معا في الجنة اذا جعلنا الله من اهل الجنة ارجوا الرد سيد جمال نجم لكي يرتاح قلبي ويطمئن وجعلنا الله واياكم من اهل الجنة ورمضان كريم علي حضرتك
أهلا بك أخي الكريم، وأرجو أن يكون التعليق أو التساؤل متوافقا مع الموضوع أعلاه
الجواب:
لا داعي لتفسير الأزواج بالنظراء والأشباه، لأن للكملة معنى لغويا وشرعيا متبادرا لا يصح تجاوزه إلا بقرينة، ولا قرينة هنا. لكن هناك آيات أخرى تبين أن الإخوة يجتمعون في الجنة التي هي دار الكرامة التي أعدها الله تعالى لعباده المؤمنين ، فمن دخلها كان في ضيافة الرحمن الرحيم الكريم العظيم، فلا ينبغي لمؤمن أن يشك لحظة واحدة أن ضيافة الرحمن لن تكون على الوجه الأكمل. قال الله عز وجل :
﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (السجدة 17)
ومن السعادة التي تكفل الله بها لعباده المؤمنين أن يجمع شمل الأسرة الواحدة ، الوالدين والأولاد ، بعد دخولهم الجنة جميعا برحمته سبحانه، يقول الله تعالى :
﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ (الطور 21)
واجتماع الأولاد مع ذويهم يعني اجتماع الإخوة بالضرورة إن كانوا على الإيمان. قال الله تعالى:
﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ﴾ (الرعد 23)
وهذه الآية تلخص نعيم الجنة :
﴿وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ (الزخرف 71)
شكرا جزيلا لحضرتك سيد جمال وبارك الله فيك
مرحبا سيد جمال ورمضان كريم في الآية أعلاه عندي تعليق على ما قاله فرعون قبل الغرق “أنه آمن بما آمنت به اسرائيل” و لم يقل الشهادة بمعنا أنه حاول التخفي خلف قوم اسرائيل و لم ينجح ذلك.
لا أعتقد أنه كان يقصد التوبة بل الالتفات حول الموضوع
لنفترض أنه نجا و أقنع بني اسرائيل بالإيمان به لذلك حصل ما حصل. لو كانت توبته صالحة كان يمكن أن ينجح و الله أعلم.
أعتقد أنه لو قال الشهادة من دون ذكر اسرائيل كان يمكن أن يكون لديه فرصة في النجاة.