تشير الآيةُ التَّالية أنَّ الله تعالى قد حمّل المعلومات للكائنات الحيَّة:
وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (البشر)[1]. (61/68)
يُقال إنَّ الصَّفة الأساسيَّة التي تُميِّز الإنسانَ عن الحيواناتِ الأخرى هي العقل[2]. لكنْ تشيرُ الآيةُ التَّالية أنَّ الطَّير والنَّمل تصرفا بطريقة عقلانيَّة ملفتة، حتى أنَّها تصرَّفت بناءً على تقييم دقيقٍ للموقف:
وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ. حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ. فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ.
وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ. لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا[3] أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ.
فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ، إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ. وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ. أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ. اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ.
قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ. اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ.
قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ. إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ. قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ. (النمل 27/17-32)
تشيرُ التَّعبيرات الواردة بحقِّ الهدهد أنَّه يمتلك من العلم والخبرة ما يؤهِّله للقيام بالمهامِّ الموكلة إليه والدِّفاع عن نفسه فيما لو وُجِّه له اتِّهام بالتَّقصير أو التَّفريط.
ويُشير قولُ النَّملة في الآية التَّالية أنَّ النَّمل تمتلك من العلم ما يمكِّنها من توفير الحماية لنفسها من المخاطر الدَّاهمة:
قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (النمل 27/18)
المعلومات الواردة أعلاه هي جزء من مقالة أ.د عبد العزيز بايندر (الرُّوح: العلم الآتي من الله تعالى، والقدرة على تقييم هذا العلم)، ولقراءة المقالة كاملة يرجى الضَّغط على الرابط التالي http://www.hablullah.com/?p=3321
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] التعبير بـ (يعرشون) يناسب العاقل، والمقصود هنا البشر، أي مما يعرش النَّاس للنَّحل فتتخذه بيوتا، فيسهل عليهم رعايتها وجمع العسل منها.
[2] انظر موسوعة وقف الديانة التركي، مادة عقل.
[3] العذاب الشديد في الآية بمعنى العذاب المرتبط بشدة بالذنب، لأنَّ إكرام الله تعالى للعبد أو جزاءه إياه يكون متناسبا مع فعله، وهو ما حاول سليمان فعله حقا. يقول الله تعالى {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} (الأنعام 6/160) أما الإكرام بالمضاعفة فهو من كرم الله تعالى وإحسانه.
أضف تعليقا