السؤال: وصف الله تعالى عيسى عليه السَّلام بأنَّه كلمة الله ورح منه، فهل يعطي هذا التَّوصيف حجَّة للنَّصارى (المسيحيِّين) بادعائهم انَّه ابن الله، وكيف ينبغي أن نفهم هذا التَّوصيف؟
الجواب: الآيات التَّالية تورد زعم النَّصارى في المسيح وتردُّ عليه:
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ، وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ، إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ، فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ، وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ، انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ، إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ، لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ، وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً. لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ، وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعًا. فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُم مِّن فَضْلِهِ، وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُواْ وَاسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلُيمًا، وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا. (النساء 4/171)
وكونُ عيسى كلمةَ الله التي ألقهاها إلى مريم توضِّحُه الآيةُ التَّالية:
قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ، قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء، إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ. (آل عمران 3/47)
وهذا يعني أنَّ المسيحَ عليه السلام الذي وُلِدَ من غيرِ أبٍ تكوَّنَ في رحم أمِّه فورَ صدور الأمر من الله بقوله “كُنْ”. ولم يكن لآدم عليه السلام أبٌ، لذلك بدأ بالتَّكَوُّن فورَ صدور كلمةِ الله له بقوله “كن”. ويوضح هذا قوله تعالى:
إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ. (آل عمران 3/59)
ونفسُ الشَّيء يمضي على جملة البشر. يقول الله تعالى:
إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. (يس 36/82)
إنَّ كون عيسى عليه السلام “كلمة الله وروح منه” ليس خاصَّا به وحدَه، بل يتعدَّى هذا التَّوصيفُ لغيره من البشر، والآية التَّاليةُ تُبيِّنُ أنَّ جميع البشر من روح الله تعالى:
ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ. (السجدة 32/9)
معلومٌ أنَّ الرُّوح تُنفَخُ في الجنين وهو في رحم أمِّه، كذلك أشارت الآيتان التَّاليتان أنَّ عيسى عليه السَّلام نُفخت فيه الرُّوح وهو رحم أمِّه مريم عليها السلام:
وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ. (الأنبياء 21/91)
وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ. (التحريم 66/12)
المعلومات الواردة في الإجابة هي جزء من مقالة أ.د عبد العزيز بايندر (الرُّوح: العلم الآتي من الله تعالى، والقدرة على تقييم هذا العلم)، ولقراءة المقالة كاملة يرجى الضَّغط على الرابط التالي http://www.hablullah.com/?p=3321
أضف تعليقا