أ.د عبد العزيز بايندر
المسافر يصلي في السفر الظهر والعصر والعشاء والفجر ركعتين والمغرب ثلاث ركعات. والدليل عليه هو الآيات التالية:
{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا، إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا. وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ، وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ، وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً، وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ، وَخُذُوا حِذْرَكُمْ، إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا. فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ، فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ، إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (النساء 4/ 101-103)
هذه الآيات تتحدث عن الصلاة أثناء السفر عند الخوف من العدو وعدمه. وقد بين الله تعالى أنه أحكم آياته ثم فصلها بآيات أخرى ولم يترك التفصيل لغيره، لذا فإن مَن يقوم من الناس بتفصيل الآيات على غير ما فصلها به سبحانه فإنه يكون قد جعل من نفسه إلها، يقول الله تعالى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ . أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ} (هود: 1، 2)
والأحاديث الصحيحة والفتاوى الصائبة لا بد أن تكون مخبرة عن تفصيل الله تعالى لكتابه.
الآية المحكمة في صلاة المسافر هي قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا، إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا} (النساء 4/ 101)
وقد فصلها الله بقوله: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ، فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ، وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ، وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً، وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ، وَخُذُوا حِذْرَكُمْ، إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} (النساء 4/ 102)
وقوله لنبيه عليه السلام: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} أي أتممت الصلاة ولم تقصرها لتكون إماما للقاصرين كلهم. واجعلهم طائفتين: {فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ} لأن صلاتهم قد تمت بسجدة ركعة واحدة. وعليهم أخذ مكان الطائفة الثانية تجاه الكفار. ثم قال تعالى : {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} أي ما بقي من صلاتك، والباقي ركعة واحدة في الصلوات الأربعة وركعتان في صلاة المغرب، وسيأتي ما يفصل صلاة المغرب من الآيات إن شاء الله.
ولو كان النبي أراد لنفسه القصر لصلى بالطائفة الأولى ركعة واحدة ثم انتقل إلى مكان الطائفة الثانية ليأتوا ويصلوا ركعة واحدة مثله.
ثم بين الله تعالى كيفية إقامة ركعة واحدة عند الخوف بقوله: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ، فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ، إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (النساء: 103)
وقوله: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ} أي إذا صليتم[1] الركعة الواحدة عند فتنة الكفار في السفر {فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} أي اذكروني بقراءة آياتي من القرآن[2] والأدعية الأخرى. وقوله {قِيَامًا وَقُعُودًا} يبين فرضية القيام والقعود. والقيام معلوم، وأما القعود في ركعة واحدة فلا يمكن إلا بين السجدتين، لأن قوله تعالى : {فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ} يبين أن الركعة التي صلاها المسافرون الخائفون من فتنة الكفرة تنتهي بالسجدة الأخيرة فلا يمكن القعود فيها إلا بين الأولى وبين السجدة الثانية.
وأما قوله تعالى : {وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} فبيان في كيفية الركوع والسجود. والجنوب جمع فلا تكون أقل من ثلاثة، فلذلك لا يمكن أن تكون غير اليدين والرجلين، ويدل عليه قوله تعالى {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} (الحج: 36) وهذه الآية في ذبح البدنة[3] للأضحية. وقوله تعالى : {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} أي قائمات قد صففن أيديهن وأرجلهنّ. فوجوب جنوبها بعد الذبح سقوطها على يديها ورجليها وسكونها عن الحركة. فقوله تعالى في قضاء ركعة عند الخوف: “وَعَلَى جُنُوبِكُمْ” يبين أن الركوع والسجود يكونان على اليدين والرجلين، لأن الإنسان إذا ركع يكون بدنه على يديه ورجليه. وإذا سجد وضع كفيه وجبهته على الأرض ويكون بدنه كله مستندا على يديه ورجليه.
وقوله تعالى: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} أي اطمأننتم من فتنة الكفرة في السفر فلا تقصروا من صلاتكم شيئا وأقيموها مثل ما أقامها النبي وهي ركعتان في الظهر والعصر والعشاء والفجر وثلاث ركعات في المغرب. فعن نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: “صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ فِي الْحَضَرِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّيْتُ مَعَهُ فِي السَّفَرِ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يُصَلِّ بَعْدَهَا شَيْئًا وَالْمَغْرِبَ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ سَوَاءً ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ لَا تَنْقُصُ فِي الْحَضَرِ وَلَا فِي السَّفَرِ هِيَ وِتْرُ النَّهَارِ وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ”[4]
وأما كيفية قضاء صلاة المغرب مع النبي عند فتنة الكفار في السفر فركعة واحدة للطائفة الأولى وركعتان للثانية. ونفهمها من قوله تعالى: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} فهم يصلون الركعة الثانية الباقية ويقعدون ويسلمون مع النبي في الصلوات الأربع. وإن كان النبي يقيم لهم المغرب فإن الطائفة الثانية تصلي الركعتين الباقيتين ويقعدون ويسلمون معه.
ودليل كون صلاة المغرب ثلاث ركعات في الحضر والسفر قوله تعالى : {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (البقرة : 238) والمحافظة على الشيء: المداومة، والمواظبة عليه، والوسطى تأنيث الأوسط، وأفرد الصلاة الوسطى بالذكر تشريفاً لها وبيانا لفضلها في الوسطية. والوسطية موجودة في كل واحدة من الصلوات لأن قبل كل منها صلاتين وبعدها صلاتين.
{والصلاة الوسطى} معطوفة على الصلوات، والمعطوف غير المعطوف عليه، فلا تكون الصلاة الوسطى إحدى تلك الثلاثة[5] ولا يمكن أن يكون عدد الصلوات في يوم أربعة لأنه ليس للأربعة وسط ، ولا بدّ من جعلها خمسة لتحصل فيها الوسطى، فظهر أن عدد صلوات اليوم خمسة. ويؤيد هذا العدد قوله سبحانه وتعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} (هود : 114) والنهار من طلوع الشمس إلى الغروب، والليل من مَغرِب الشمس إِلى طلوعها عرفا. وهذا هو المقصود في كتاب الله، لأنه تعالى قال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} (إبراهيم : 4) فصلاتا النهار هي صلاة الظهر والعصر اللتان تُقامان في دلوك الشمس لقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} (الإسراء : 78) ودُلُوك الشمس: ميلها للغروب[6] ، وهذا يبدأ بعد وصولها وسط النهار، فكان الدلوك من الزَّوال إلى الغُروب. وقوله تعالى: “وزلفا من الليل” أي في زلف من الليل، والزلف جمع زلفة وهي بمعنى القربة والدّرَجة والمَنزلة، وهي تبين ثلاثة أوقات من الليل قريبة من النهار، وهي أول ساعات من الليل بعد مغيب الشمس إلى غسق الليل بدلالة قوله تعالى : {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} (الإسراء: 78) والغسق : الظلمة، وهو نهاية العشاء الثاني فلا يبقى بعده شيء من أثر ضوء النهار. ويبدأ العشاء بغيبوبة الشفق الأحمر وقبله وقت صلاة المغرب وهما زلفتا الليل.
وأما الزلفة الثالثة فهي وقت صلاة الصبح، وهي من الفجر الثاني إلى طلوع الشمس، لقوله تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (الإسراء: 78) والقُرآن يأتي بمعنى الجمع والضم، وقَرَأْتُ الشيءَ قُرْآناً جَمَعْتُه، وضَمَمْتُ بعضَه إِلى بعض[7]، فقُرْآنُ الْفَجْرِ وقت الجمع لأضواء الصبح، وقد بين الله تعالى كيفية تجمع تلك الأضواء في قوله في الصوم : {وكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (البقرة: 187) فبهذا تكون أضواء الفجر الثاني (الصادق) مشهودة. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَمَّنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ فَصَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ وَكَانَتْ قَدْرَ الشِّرَاكِ وَصَلَّى بِيَ الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ وَصَلَّى بِيَ الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ وَصَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ وَصَلَّى بِيَ الْفَجْرَ حِينَ حَرُمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ صَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ وَصَلَّى بِي الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَيْهِ وَصَلَّى بِيَ الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ وَصَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَصَلَّى بِيَ الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ وَالْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ”[8].
صلاة المغرب هي الصلاة الوترية الوحيدة، وبالتالي هي الوحيدة التي يمكن أن تحمل صيغة التفضيل في الوسطية. والأدلة كلها تبرهن على أن صلاة المغرب هي الصلاة الوسطى، للأسباب التالية:
أ_ لأنها بين صلاتي النهار (الظهر والعصر) وبين صلاتي الليل (العشاء والفجر).
ب_ وتُصلى عند نهاية النهار وبداية الليل.
ج_ كون عدد ركعاتها ثلاثة، لأن الثلاثة أول رقم فيها وسط ما بين ركعات الصلوات كلها، حيث إن قبلها ثماني ركعات (الظهر والعصر) وبعدها ثماني ركعات (اثنتين مما تبقى من المغرب وأربع العشاء واثنتي الفجر) . والرقم الثاني فيها هو وسط بين الواحد وبين الثلاثة.
د_ كون الثلاثة رقم وسط بين الاثنين (ركعتي صلاة الفجر) والأربعة (ركعات الظهر والعصر والعشاء) وهذه الخاصية لا توجد في ركعتي الفجر ولا في أربع ركعات الظهر والعصر والعشاء.
وهذه الأوصاف جعلتها الصلاة الوسطى. فقوله تعالى : {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (البقرة : 238) جعل المغرب أفضل الصلوات في المحافظة والمداومة والمواظبة عليها، فلذلك لم يُنقص من عدد ركعاتها في الحضر والسفر والخوف.
وقد تبين بالآيات المذكورة كيفية الصلاة في السفر وعند الخوف من العدو وما يتعلق بها. وندعوا الله أن يجعلنا ممن يتخذ رسوله أسوة حسنة له كما بينه في قوله : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (الأحزاب: 21)
وقف السليمانية/ مركز بحوث الدين والفطرة
الموقع: حبل الله www.hablullah.com
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] قَضاء الشيء إِحْكامُه وإِمْضاؤُه والفراغ منه (لسان العرب)
[2] لأن القرآن ذكر لقوله تعالى : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (الحجر: 9)
[3] والبدن جمع بدنة وهي من البدن ويقال بَدَّنَ الرجلُ تَبْديناً إذا أَسَنَّ قال الله تعالى في الأضحية : {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ } (الحج: 34) وبين الله الأنعام في قوله: {وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ . ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ . وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ …} (الأنعام: 142، 144) فالبدن هي المسن من الأنعام . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ” (صحيح مسلم 10/ 142) .
[4] سنن الترمذي (2/ 410)
[5] الصلوات جمع، وأقل ما يقع عليه الجمع في العربية ثلاثة، فينصرف اللفظ إليه إلا بقرينة، والقرينة الصارفة هي قوله تعالى {والصلاة الوسطى} ولأن المعطوف غير المعطوف عليه فاقتضى أن تكون الصلوات أربعة، ولأنه لا وسط للأربعة فاقتضى أن يكون عدد الصلوات خمسة. لأن الخمسة أقل ما يقع فيه الوسط غير الثلاثة.
[6] مفردات الراغب، مادة دلك
[7] لسان العرب ( قرأ )
[8] أخرجه أبو داود (393) ، والترمذي (149) ، وأحمد (1/ 333).