السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
السؤال: قد علمت أن هناك حالات يجوز فيها الكذب، ولكن هناك موقفا أخاف أن يحدث معي وأكون آثما وهو: أن صديقي يدخن ولا يخبر أهله، وقد قال لي مرة إذا سألني أهلُه هل هو يدخن أن أكذب عليهم وأقول أنه لا يدخن (وهكذا أستره ولا أفضحه) وبما أن أهله يثقون فيَّ _لأني معروف بخلقي_ فأنهم سيصدقونني. فما حكم ذلك؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
الجواب: وصف الله تعالى المؤمنين بأنهم يتواصون بالحق ويتناصحون فيما بينهم، ولا شك أن التناصح بين الأصدقاء أشد وجوبا، لأن الصديق من الصدق، لذا لا يقبل أن يغش الصديق صديقه أو يتركه يفعل السوء دون نصحه ووعظه. يقول الله تعالى: {وَالْعَصْرِ. إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ. إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (العصر 3)
وليس من التناصح أن يخفي الصديق سلوكا سيئا عن صديقه لذويه، وخاصة في سن الطفولة والمراهقة، فمعلوم أن الولد أمانة أبويه يعلمانه ويوجهانه ويبغيان الخير له، فإن سألوك عن ابنهم هل يدخن فعليك أن تجيب بما تعلم لا أن تخفيه، فذلك في مصلحته قبل كل شيء، ومعلوم أن الإنسان ربما يجهل ما يصلحه لا سيما في سن الطفولة والشباب.
والصدق من أهم صفات المؤمنين، كما تبينه الآية التالية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (التوبة 119) ويكافئ الله الصادق على صدقه في الدنيا ويسأل عنه في الآخرة: {لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ} (الأحزاب 24) .. فعليك أن تخبر صديقك أنك سوف تقول الحقيقة إن سئلت عنها لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
التدخين عادة سيئة ومضرة للمدخن وللمحيطين به، لذا تُسن القوانين للحد منه، فتمنعه الكثير من الدول في الأماكن المغلقة والساحات العامة والحافلات وغير ذلك. ويمكننا تمييز الشعوب المتحضرة بدرجة التزامها بتلك القوانين، فلو سافرت بلدا ووجدت الناس يدخنون في كل مكان دون مراعاة كون التدخين مؤذيا فسيقع في ذهنك أن الشعب في هذا البلد ليس متحضرا بعكس لو سافرت بلدا فرأيت الناس لا يدخنون في الأماكن العامة والمغلقة فستتخذ فكرة حسنة عن ذلك الشعب.
ومن هنا ندعو دائما لترك التدخين كليا، كما ندعو من يصر عليه أن لا يدخن عندما يكون حوله ناس قد يتسبب لهم أو لبعضهم بضرر محقق أو محتمل. وبالنسبة للمسلم الحق فإن المراقبة الداخلية أقوى سلطة في نفسه لأنها نابعة من شعوره بمراقبة الله تعالى له.