السؤال: والدي على قيد الحياة و لديه زوجة ثانية وليس لها أبناء بينما الأولى (والدتنا) متوفاة رحمها الله. وسوف نقوم بكتابة جميع أملاك الوالد الفردية من العقار بأسمائنا (أبنائه وبناته) وهو شريك معنا بـ ١٠٪ . ويوجد للوالد نشاط تجاري واجتهدنا نحن أبناؤه في تنميته وتطويره، وسوف نقوم بإنشاء شركة بين الأبناء والبنات وهو معنا وله نسبة ١٠٪، وهو موافق على القرار . ولن يتم إضافة الزوجة الثانية في أي من الأملاك الفردية أو التجارية. فهل لها أي حقوق؟ وهل تصرفنا هذا سليم؟ وما هو مقدار نصيبها من التركة في حال رحيل الوالد حفظه الله؟ وهل لها الحق أن تعترض على أي من الترتيبات التي قمنا بها بعد أن يرحل الوالد؟.
الجواب: ينبغي التنويه أولا أن الله سبحانه يبلونا بالشر والخير كنوع من الفتنة والاختبار، قَالَ الله تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِۗ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةًۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ (الأنبياء 35)
ومن ضمن تلك الفتن التي يغفل عنها كثير من الناس هي الأولاد؛ حيث إن الإنسان قد يُعرّض نفسه للظلم أو المعصية من شدة حبه لهم، ولذلك حذرنا سبحانه في كتابه:
﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ (الأنفال 28)
وقال كذلك: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ (المنافقون 9)
فقد حذرنا سبحانه من أن تلهنا أموالنا وأولادنا عن ذكره تعالى، والذكر هنا هو كتاب الله تعالى وما يحتويه من التعاليم والأوامر والنواهي، وليس كما يفهمه كثير من الناس أنه التكبير والتسبيح وقراءة القرآن فقط.
وقد قال تعالى في هذا الذكر: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَۚ نَصِيبًا مَفْرُوضًا﴾ (النساء 7).
ولا يصح لأي إنسان يؤمن بربه وبكتابه أن يمنع أحدًا من نصيبه الذي كتبه الله تعالى له سواء أكان هذا الحرمان بعد الوفاة أو حتى قبلها بالتحايل والمكر كطلاق الزوجة أو توزيع الأملاك على بعض الورثة لئلا يرث من له الحق، وعلى هذا فإن لهذه الزوجة نصيب كتبه الله تعالى لها وهو الثمن:
﴿فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْۚ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ (النساء 12)
إن تصرفكم الهادف إلى حرمان زوجة أبيكم من الميراث حرام ويأثم كل من يشارك فيه ويشجع عليه؛ لأنه نوع من أكل أموال الناس بالباطل الذي حرمه الله تعالى بقوله:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ (النساء 29)
إن مساعدة الأولاد أباهم في عمله وتعزيز ثروته شيء طبيعي ولا يعطيهم الحق في حرمان غيرهم من حقه بمال أبيهم في حياته أو بعد مماته.
وسواء اعترضت هذه الزوجة بعد وفاة الزوج أو لم تعترض وسواء أنصفها القانون أم لم ينصفها فإن حقها لن يسقط عند الله تعالى وهو في رقبة صاحب المال ومن قبِل بفعله.