السؤال: توفي شخص كافر وله أولاد كفار وأبناء عم مسلمون ثم أسلم بعض أولاده بعد وفاته فكيف يتم توزيع تركته على ورثته؟
الجواب: اختلاف الدين لا يؤثر في الميراث، فإن مات شخص على غير ملة الإسلام وترك أولادا مسلمين وآخرين غير مسلمين فإنهم يرثونه بدون فرق، ويكون للذكر مثل حظ الأنثيين (النساء 11) ذلك أن سبب الميراث هو القربى وهي متحققة بغض النظر عن اختلاف الدين أو وحدته.
ونصوص القرآن الكريم تؤكد أنَّ الميراث هو حقٌّ حصريٌّ بين أولي القربى ولا علاقة له باختلاف الدين.
يقول الله تعالى : {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} (الأحزاب، 6)
فبعد أن ذكر الله تعالى أنَّ النَّبيَّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأنَّ أزواجَه أمهاتُهم بيَّنَ أنَّ تلك العلاقة هي علاقة روحية معنوية لا تتعدى إلى آثارها الحقوقيَّة الماديَّة، لذا عقَّبَ بقوله أنَّ أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض، وذلك من الزاوية الحقوقية، وقد كان هذا التعقيب ضرورياً حتى لا يُفهم أنَّ النبي يرث من يموت من المؤمنين أو أنهم يرثونه إذا مات.
ويقول تعالى في الميراث : {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} (النساء، 7) ويقول في نفس السياق: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} (النساء، 7)
يظهر من الآيتين السابقتين أن المعتبر في الميراث هو القربى بغض النظر عن اختلاف دينهم أو اتحاده، وقوله تعالى {في أولادكم} لا يوجد فيه تفريق بين المسلم وغيره.
وقد يعترض البعض بالقول إنه ذُكر في الرِّوايات المنسوبة إلى النبي عدم جواز أن يرث الكافرُ المسلم، حيث إن المذاهب الفقهية قد أخذت بهذه الأحاديث وهي المعمول بها في المحاكم الشرعية في غالب بلدان المسلمين. نقول إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد أُمر باتباع الوحي (القرآن) وليس فيه ما يشير _من قريب أو بعيد_ إلى منع الميراث عند اختلاف الدين، بل العكس تماماً فالآيات ناطقةٌ أنَّ أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض، وأن القربى هي علَّة الميراث لا شيء غير ذلك. والرواية إن خالفت القرآن فلا يمكن أن تصح نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم.