رأينا في ضوء الآيات ذات الصلة أن سنة الله هي الطريق الصحيح للجميع، والذين لا يسلكون هذا الطريق سيواجهون مصيرا سيئا (الأنفال 8/38). وسنة الله هي سنة رسله (الإسراء 17/77 ، والأحزاب 33 / 38-39). وعلى الرغم من أن الموضوع واضح للغاية ، إلا أن مفهوم (سنة الله) الذي يعد من أهم مفاهيم القرآن قد تغير في التراث على النحو التالي:
“سنّة الله هي القوانين التي وضعها الله من أجل خلق الطبيعة والحفاظ عليها وتنظيم الحياة الاجتماعية”[1].
وقد سردنا الآيات التي ورد فيها مصطلح السنة، وعند المقارنة بين تلك الآيات والتعريف الآنف فلا يمكن أن تجد أدنى علاقة بينهما. وقد تم التلاعب بمصطلحات الحكمة والنبي والرسول ليخرج لنا تصور جديد عن السنة.
يقول الإمام الشافعي الذي يعتبر من رواد علم الأصول، بعد أن سرد الآيات التي تفيد بأن الحكمة نزلت على نبينا مع الكتاب وأنه علمها لأمته[2] ما يلي:
“سمعتُ مَنْ أرْضى من أهل العلم بالقُرَآن يقول: الحكمة سنة رسول الله. لأن القُرَآن ذُكر وأُتْبِعَتْه الحكمة، وذكرَ الله منَّه على خَلْقه بتعليمهم الكتاب والحكمة، فلم يَجُزْ – والله أعلم – أن يقال الحكمة هاهنا إلا سنةُ رسول الله. وذلك أنها مقرونة مع كتاب الله، وأن الله افترض طاعة رسوله، وحتَّم على الناس اتباع أمره، فلا يجوز أن يقال لقول: فرضٌ، إلا لكتاب الله، ثم سنة رسوله لِمَا وصفنا، من أنَّ الله جَعَلَ الإيمان برسوله مقرونا بالإيمان به. وسنة رسول الله مُبَيِّنَة عن الله معنى ما أراد، دليلا على خاصِّه وعامِّه، ثم قرن الحكمة بها بكتابه، فاتبعها إياه، ولم يجعل هذا لأحد من خلقه غير رسوله”[3]
بما أن رسول الله هو الذي ينقل إلينا كلام الله ، فإن الكلام الذي يتكلم به بصفته رسولا هو كلام الله، وأن الامتثال لهذه الكلمات هو بالطبع امتثال وطاعة لله. لكن الإمام الشافعي جعل الكلمات التي قالها محمد عليه السلام كرسول كأنها من كلامه، وبهذا جعله مرجعاً ثانياً بعد الله تعالى، وهكذا فتح الباب للشرك.
الآيات التي وجد فيها الإمام الشافعي دليلاً على ما ذهب إليه هي الأحزاب 36 والنساء 59. ومن المستحيل أن تكون هذه الآيات دليلاً على رأيه حيث سنقف عليها فيما بعد.
*المصدر: مقالة أ.د عبد العزيز بايندر (مصطلح السنة بحسب القرآن والتراث) ولقراءة المقالة كاملة يرجى الضغط على الرابط التالي https://www.hablullah.com/?p=5877
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] إلياس شلبي، سنة الله، DIA، بالتأكيد هناك تعريفات أخرى لكنها لا تخرج عن هذا، وقد امتنعت عن ذكرها مخافة الإطالة، حيث يمكن الرجوع إليها جميعا من خلال النظر في تفسير الآيات ذات الصلة من كتب التفسير المختلفة.
[2] هذه الآيات هي كالتالي: آل عمران 3/164 ، الجمعة 62/2 ، البقرة 2/231 ، النساء 4/113 ، الأحزاب 33/34
[3] الشافعي محمد بن إدريس، الرسالة، تحقيق أحمد شاكر، مصر، 1/79