السؤال: في كثير من الأماكن تحصل حالات اعتداء جنسي على الأطفال الأبرياء. فلماذا يسمح الله بمثل هذه الجرائم؟ ولماذا لا يحمي الأطفال الذين خلقهم ضعافا لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم؟ فأنا لا أستطيع أن أفهم هذا تمامًا. هل يمكن لفضيلتكم أن توضحوا هذه المسألة؟
الجواب: لقد خلق الله الخلق وكلفهم بفعل الصحيح وترك القبيح، وجعل نظام الحياة كله قائما على الامتحان، فوجود الضعفاء من الأطفال وغيرهم ممن يحتاج إلى الحماية هو جزء من هذا الامتحان، حيث إن مسؤولية المحافظة عليهم تقع على كاهل ذويهم بالدرجة الأولى وعلى المجتمع ثانيا وعلى السلطان (الدولة) ثالثا. ومن يقع منه التقصير في حماية الأطفال فإنه يأثم ويحاسب بحسب موقعه وصلته بالطفل، عدا عن العقوبة الرادعة التي ينبغي أن يوقعها السلطان على من باشر الاعتداء على الطفل.
ويضرب القرآن المثل في استهداف الأطفال بقوله تعالى:
﴿وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾ [الأعراف: 141]
لقد سمى الله تعالى تعرض الأطفال للقتل على يد فرعون بأنه بلاء عظيم. لقد بذل موسى عليه السلام كل جهده لإنقاذ المستضعفين من بني إسرائيل حتى إنه رحل بهم عن أرض مصر إلى مكان يأمنون فيه على أنفسهم. وكما أن نظام الحياة قائم على الابتلاء فإن الله تعالى وعد من يقاومون في سبيل الخروج من المحنة بالعون والتأييد، وهو ما حصل مع موسى وقومه حيث أنقذهم الله تعالى من ظلم فرعون الذي أغرقه الله تعالى وجنوده في اليم وعاد بنو إسرائيل ليرثوا ما ترك فرعون من جنات وعيون كما يذكره القرآن بقوله:
﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ. فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ. إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ. وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ . وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ. فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ. كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الشعراء: 52-59]
لو يمنع الله تعالى الشرور من الحدوث لما بقي للامتحان معنى، ولانتقض مفهوم الثواب والعقاب من أساسه، لكنه النظام الذي اختاره الله تعالى القائم على الامتحان حيث يوكل تحقيق الفضيلة فيه لجهد المكلف، فإن عمل بموجبها أفلح في الدارين وإن تركها خسر في كليهما. يقول الله تعالى:
﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا. قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا. وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ [الشمس: 7-10]