السؤال: يستدل البعض بالآيات و الأحاديث التي تأمر المسلمين بحسن اختيار الاسم على أنه دليل على أن تسمية المولود هو حق للأب فقط محتجين بأن الرسول كان يخاطب خطابا مذكرا متناسين أن الخطاب المذكر يشمل النساء أيضا ولا يوجد أي حجة للفصل بينهما هنا ! و بعضهم يحتج بقوله تعالى (وعلى المولود له) و هذا خطا أيضا فللأم الحق الأكبر به و هو ولد لكليهما علميا أصلا !! كما أن سياق الآية ليس له علاقة باختيار اسم المولود أبدا .. و آخرون يحتجون بأنه كما النسب للأب فالاسم له أيضا ! وهذا لا حجة فيه أيضا لأنه بحسب أقوالهم فإن النسب للأب حفاظا على كرامة الأم في حال كان ولدا عاقا و نال الشتائم .. وهذا الشيء لا ينطبق على الاسم فالحجة مرفوضة !فمنطقيا هو حق للأم و للأب بالتفاهم والتساوي ولا داعي للتمييز و العنصرية ضد المرأة ! فمن تعبت و حملت و عانت بأي وجه من الحكمة تحرمونها من اختيار اسم لمولودها !! فهل حقا لا حق للأم باختيار أسماء أبنائها؟ أرجو إعطاء جواب منطقي.
الجواب: إن اختيار اسم المولود لم يأت فيه نص صريح في كتاب الله تعالى؛ ذلك لأنه يُعد من الأمور البديهية في أنَّه حق لكلا الوالدين ويكون بالتشاور بينهما، فحق الزوجة مكفول في كل الأمور، فقد قَالَ اللَّهُ تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (البقرة 228) والدرجة التي تزيد للزوج هنا إنما هي في قرار العودة بعد الطلاق في حالة حمل الزوجة وذلك لمصلحة الطفل.
أما استدلال من يقول بأنه حق حصري للأب بقوله تعالى: ﴿وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ (البقرة 233) فمردود عليه بالآية نفسها بقوله تعالى: ﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾ فقد قدَّم الله تعالى الأم هنا في إلحاق الضرر بكليهما بسبب المولود، فهو ولدها كما هو ولده، ولا علاقة للآية بمسألة التسمية.
أما قولهم بأن نسب المولود يكون لأبيه حفظًا لكرامة الأم في حال كان الولد عاقًا ونال الشتائم فهو كلام غريب ولا صحة له ولا دليل عليه، فإن نسبة المولود لأبيه هو أمر من الله تعالى: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ﴾ (الأحزاب 5) لعدم اختلاط الأنساب ولما يترتب عليه من حفظ الحقوق والواجبات، ولا علاقة له بتسمية المولود ولا بكرامة الأبوين وإلا لكان كفر ابن نبي الله نوح عليه السلام سبة لأبيه، وهذا لا يقول به عاقل.
وختامًا: يجب على الزوجين أن يتفاهما ويتشاورا في تسمية مولودهما وأن يختارا له اسما حسنا، قَالَ تَعَالَىٰ: ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ (الشورى 38)، بل إن التشاور بين الزوجين لا ينقطع حتى لحظة الفراق كما جاء في قوله تعالى ﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ﴾ (البقرة 233) فإن حدث خلاف بينهما فخيرهما الذي يستجيب لرغبة الآخر انطلاقا من قوله: ﴿وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (التغابن 14)
وننصح الأب أن يركن لرغبة الأم في تسمية المولود إرضاء لله تعالى وجبرًا لخاطرها في أشد حالات ضعفها، لأنه سبحانه قد أوصى بالوالدين ثم زاد فضلًا للأم بأن ذكر ما تتحمله من مشاق من أجل مولودها قَالَ تَعَالَىٰ: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾ (لقمان 14) وقَال جَلَّ وعَلَا: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًاۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًاۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ (الأحقاف 15).