السؤال: يُروى عن نبينا الكريم أنَّه قال:
“أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ علَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، والذينَ علَى آثَارِهِمْ كَأَحْسَنِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ في السَّمَاءِ إضَاءَةً، قُلُوبُهُمْ علَى قَلْبِ رَجُلٍ واحِدٍ، لا تَبَاغُضَ بيْنَهُمْ ولَا تَحَاسُدَ، لِكُلِّ امْرِئٍ زَوْجَتَانِ مِنَ الحُورِ العِينِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِنَّ مِن ورَاءِ العَظْمِ واللَّحْمِ”.
هل هذا الحديث صحيح أم لا؟ وإذا كانت أول زمرة تشمل الجنسين فكيف يكون للمرأة زوجتين؟ أرجو الإجابة وجزاكم الله كل خير.
الجواب: هذا الحديث رواه البخاري ومسلم وغيرهما من رواة الحديث، فهو صحيح من جهة السند. أما جهة متنه فليس فيه ما يخالف جوهر الآيات ذات الصلة.
وبحسب الحديث فإن كل من يدخل الجنة سواء كان رجلا أو امرأة فإنه يُزوج أي يُقرن باثنتين من الحور العين، وليس لفظ الزواج يقصد به المناكحة دائما، وإنما الأصل فيه الاقتران والمصاحبة الدائمة، ولا شك أنه يشمل المؤمنين والمؤمنات، فكما يزوج المؤمن بالحور العين تزوج المؤمنة بهما زواج اقتران ومصاحبة لا زواج مناكحة.
يقول الأصفهاني وقوله تعالى: {وزوجناهم بحور عين} أي: قرناهم بهن، ولم يجئ في القرآن زوجناهم حورا، كما يقال زوجته امرأة، تنبيها أن ذلك لا يكون على حسب المتعارف فيما بيننا من المناكحة[1].
وقد ذهب أكثر المفسرين على أنه لا عقود زواج بالحور، وأن المراد: قرناهم بهم[2] .
ولم تحدد الآية عددا للحور العين الذين يُزوَّج بهن كل مؤمن ومؤمنة، لأنَّه ورد في الآية منكَّرا عن العدد، أما الحديث فذكر أنهما اثنتين، ولا أعلم على ماذا اعتمد نبينا في ذكره لهذا العدد، وربما يكون وروده في الرواية من تصرف الرواة. ذلك أن الأحاديث لا تُنقل بالنص وإنما بالمعنى، وإذا أخذنا في الاعتبار طول السنين التي نقلت فيها الأحاديث شفاهيا يمكن استنتاج إمكانية تغير بعض الألفاظ أو اندراج أخرى في متن الحديث، لهذا السبب ننبه باستمرار أنه يجب قراءة الحديث في ضوء الآيات ذات الصلة وليس بمعزل عنها، وأن تُفهم بناء على الآيات لا أن تفهم الآيات بناء عليها.
*وللمزيد حول الموضوع ننصح بقراءة مقالة (الحور العين) في موقعنا على الرابط التالي https://www.hablullah.com/?p=1318
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] المفردات، للراغب، كتاب الزاي، باب زوج
[2] التفسير المنير للزحيلي، 25/241